في مثل هذا اليوم كتبت أول خبر صحفي قي نشرة التقدم التي كان لسان حال منبر اليسار، وتمرايضا خلال هذه الأيام الذكرى الاثنين والثلاثين لرحيل واحد من أبرز أساتذتى، أستاذى فيليب جلاب، ذلك الضاحك الباكى، رئيس تحرير الأهالى 1988/1990، كاتب العمود الساخر «دبوس»، ومن مؤسسى حزب التجمع، ورغم أننى بدأت عملى الصحفى منذ 1976 فى نشرة التقدم التى كان يرأس تحريرها نقيب النقباء حسين فهمى، فإننى لمعت صحفيا مع ترأس فيليب جلاب للأهالى، وقدمنى صحفيًا ونجحت فى حملات، أشهرها كشف تزوير انتخابات د. حمدى السيد نقيب الأطباء الأسبق فى دائرة مصر الجديدة، وعودته للبرلمان، وغيرها. علمنى أستاذى دقة المعلومات وعدم إلقاء التهم جزافا على خلق الله، كانت الصحافة حينذاك صناعة ضمير وليست صناعة رأى عام فقط، ترأس مجلس إدارة الأهالى فرسان من أعضاء الضباط الأحرار «خالد محيى الدين ولطفى واكد» ومن أبرز مؤسسيها: الشاعر الكبير عبدالرحمن الشرقاوى، وصلاح حافظ، حسن فؤاد، محمد عودة، عبدالغنى أبوالعينين، عبدالمنعم القصاص، سعد هجرس، حسين عبدالرازق، محمد سيد أحمد، صلاح عيسى، محمود المراغى، سعد الدين وهبة، فريدة النقاش، أمينة شفيق نجاح عمر، يوسف القعيد، جمال الغيطانى، من كل هؤلاء رضعت المهنية والوطنية.
كانت الصحافة مهنة الفرسان وليست مهنة من لا مهنة لهم، كان زملاء الأهالي: محمود حامد الذي شاركتة في تأسيس اول لجنة حريات قبل تأسيس كل منظمات حقوق الانسان ، أمينة النقاش التي فتحت لي باب بريد القراء وباب الثقافة ، عبدالرحيم علي (الذي شاركتة في مكافحة الارهاب في عصر فليب جلاب كما شرفني بمشاركتة في تأسيس البوابة نيوز، عادل الضوي الباحث الذي تعلمت منه حرية الضمير، أحمد إسماعيل نديم الحب والحزن والثورة ، حامد العويضى أول من أسس الخط العربي للكومبيوتر، أحمد عبد التواب اليسكاوي الكبير، بهيجة حسين القصاصة وصاحبة المواقف ، محمود الحضري من الرعيل الأول للأهالي ، أحمد سيد حسن من مؤسسي الخارجي في الأهالي ، أحمد الحصرى الاقتصادي، وغيرهم، كل هؤلاء كان نقباؤهم: «حسين فهمى، حافظ محمود، كامل زهيرى» كوكبة من صناع الضمير وتلاميذهم يقودون مشاعل التنوير والوطنية والمهنية، تعلمت من أساتذتى وزملائى أن القلم صوت الضمير وليس سوطا لجلد الذات أو الآخرين، حينذاك كانت الكلمة نور، وكان أحمد فؤاد نجم يكتب: «دور يا كلام على كيفك دور.. خلى بلدنا تعوم فى النور.. ارمى الكلمة فى بطن الضلمة.. تحبل سلمة وتولد نور».
كتبنا ودفعنا الثمن سجن وفقر وتشرد ومنافى، لم يبع أحدنا قلمه لإعلان أو لسلطان أو رجل أعمال.. والآن سلمنا الراية لمن يستحق، وتبقى البعض من صحفيى «المسخ» من خدم للسلطان والمال، صناع الابتزاز وكتبة التقارير، أمنجية، وليسوا صناع ضمير، يستخدمون القلم بديلا للسنجة، هؤلاء بلا أساتذة وبلا آباء، لكن صاحبة الجلالة كالبحر يلفظ نفايته تطفو على السطح، أما اللؤلؤ فيظل فى القاع، ومن اللؤلؤ فى الأجيال الشابة الشهداء: الحسينى أبو ضيف، ميادة أشرف، أحمد محمود، ويا أيها الشهداء أتوق إليكم.. أشد على أياديكم وأبوس الأرض تحت نعالكم وأقول أفديكم.