استكمل خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، حديثه حول مناقشة حقيقة فرعون موسى، دخول يوسف الصديق وأهله إلى مصر ومكان إقامة بنى إسرائيل في مصر، ومناقشة موقع ولادة نبى الله موسى وتربيته في بلاط أحد ملوك مصر وموقع بئر موسى في مدين حيث قابل الفتاتين وتزوج وعاش لمدة عشر سنوات والتجلى الأول عند شجرة العليقة الملتهبة وجبل موسى كقيمة روحية استثنائية بالوادى المقدس طوى في سبع حلقات ماضية ، في إطار استكمال حلقات "التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى" منذ دخول يوسف الصديق وأهله آمنين إلى مصر ومسار نبى الله موسى بسيناء حتى الوصول إلى أعتاب المدينة المقدسة.
ويشير الدكتور ريحان إلى اختلاف العلماء فى تحديد شخصية فرعون الخروج ولكن هناك شروطًا لا بد أن تنطبق على فرعون الخروج طبقًا لما جاء فى القرآن الكريم والتوراة والأدلة العلمية والأثرية والتاريخية والقرائن، وهى أن يكون فرعون أحد ألقابه فلم يكن كل ملوك مصر يلقبون بفرعون، أن يكون قد غرق فى البحر ولكن نجى جسده بعد الغرق }فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ{ سورة يونس92، أنه كان مصرًا على بقاء بنى إسرائيل فى مصر رغم إلحاح نبى الله موسى فى طلب الخروج، أن يكون قد سخّر بنى إسرائيل فى صناعة الطوب اللبن لبناء مدينة بررعمسو طبقًا للتوراة، أن يكون قصر فرعون شمال أرض جاسان فى الدلتا التى عاش بها بنو إسرائيل حسب التوراة، أن يكون قد حرم من الذرية ولا ينجب لفترة طويلة حتى أن زوجته قالت "قرة عين لى ولك" عندما حاول الملك قتله }وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ{ سورة القصص9
وقد أوضح الدكتور ريحان في تصريحات صحفية، أن شروط فرعون موسى أن يكون قد أصاب آثاره دمارًا شديدًا }وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ{ سورة الأعراف 137، ادعائه الإلوهية سورة النازعات أيات 23-24، القصص آية 38، الشعراء آية 29، أن تكون الضربات التي حدثت في مصر فى عصره وتأثر بها حسب التوراة، أن تكون مدة حكمه طويلة بما يكفى لأن تحدث فيها التقاط الطفل موسى وقتل المصرى وهروب نبى الله موسى الأول وعودته ثم الخروج، وبنص القرآن الكريم الفرعون الذى ربى موسى هو الفرعون الذى طلب منه نبى الله موسى الخروج مع بنى إسرائيل ورفض طلبه وذكّره بتربيته فى قصره وقتله المصرى وهروبه }قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ{ الشعراء 18 – 19
ومن ملوك مصر الموضوعين في دائرة فرعون موسى أحمس طبقًا لما ذكره المؤرخ اليهودى يوسيفيوس ابن متى فى القرن الأول الميلادى أن العابيرو هم أنفسهم بنو إسرائيل وهم أيضًا الهكسوس الذى طردهم أحمس الأول وبالتالي فهو فرعون موسى.
ويشير الدكتور ريحان طبقًا للشروط الواجب توافرها فى فرعون الخروج إلى أنها لا تنطبق على أحمس، فهو لم يكن مصرًا على بقائهم بل كان حلمه الأكبر تحرير مصر من الهكسوس الغزاة، كما أن الهكسوس استحالة أن يكونوا بنو إسرائيل، كما أن أحمس كان يعيش فى طيبة وليس بررعمسو، وأن نبى الله يعقوب جاء إلى مصر بدعوة من يوسف الصديق وأسكنهم الملك خيان ملك الهكسوس أرض جاسان مما يثبت أن وجود الهكسوس فى مصر سابق على وجود بنى إسرائيل.
ويتابع الدكتور ريحان بأن هناك آراء جعلت من أحمس فرعون التسخير وتحتمس الأول فرعون الخروج طبقًا لرأى الدكتور محمد وصفى فى كتابه "الارتباط الزمنى والعقائدى بين الأنبياء والرسل" من أن ولادة نبى الله موسى كانت عام 1571ق.م. أى بعد 9 سنوات من بداية حكم أحمس 1580ق.م. مما يعنى العثور على الطفل موسى فى زمنه، ولكن من المعروف من نصوص التوراة أن نبى الله موسى قد قتل المصرى وهو فى سن 61 كما جاء في سفر الخروج الإصحاح الثانى، وتغرّب فى أرض مدين 8 سنوات في الإصحاح الثانى والثالث ثم عاد وعمره 69 عامًا وبذلك يكون نبى الله موسى قد عاش فترة حكم ثلاثة ملوك أحمس وقد حكم 14 عامًا، أمنحتب الأول 16 عام، تحتمس الأول 39 عام، وهكذا نجد أنهم قد ماتوا جميعًا قبل أن يبدأ موسى دعوته لفرعون وبالتالى فإن فرعون الخروج لم يكن أحد منهم وإنما جاء بعدهم.
هذا بالإضافة إلى أن أم تحتمس الأول (سنى سونب) لم تكن من دم ملكى، وهناك نظرية عام 1960 تعتمد على وجود أورام بمومياء تحتمس الأول اعتبرها البعض دليلًا على إصابته بطفح جلدى نتيجة الضربات العشر، ولكن هذه الأورام وجدت أيضًا فى مومياء تحتمس الثانى والثالث وحفيده أمنحتب الثانى نتيجة مرض فيروسى يصيب العصب الليفى وينتقل بين أجيال العائلة الواحدة.