لم أستوعب حتى الآن ما شاهدناه مؤخرًا من قرارات عبثية لاتحاد كرة القدم المصري، جعلتني أصاب كغيري من عشاق الساحرة المستديرة بالاستياء الشديد، بدءًا من قرار تعيين إيهاب جلال مديرًا فنيًا للمنتخب الوطني وحتى تصريحات جمال علام خلال أحد البرامج التليفزيونية والتي ألمح خلالها لنية الاتحاد لإقالة جلال بعد أقل من أسبوع لتولي المهمة الفنية للمنتخب.
وأنا هنا لا أتحدث كمحلل كروي، بل كعاشق من عشاق تلك الساحرة المستديرة، ومن هذا المنطلق أشعر كباقي الجمهور المصري بحالة السخط لما أصبحنا عليه من اتخاذ قرارات كوميدية لا تخرج من مسؤولين كرة قدم لدولة هى من أقدم الدول التي مارست اللعبة، ولديها تاريخ عريق على مستوى القارة الإفريقية والمستوى العالمي.
فعلى أى أساس اتخذ ذلك الاتحاد قرارًا بتعيين إيهاب جلال مديرًا فنيُا للمنتخب الأول وهو لا يملك خبرات تدريبية على المستوى الدولي! ثم بعد ضغوطات وسائل الإعلام الرياضية والسوشيال ميديا يخرج علينا رئيس الاتحاد جمال علام ليلمح بنية الاتحاد لإقالة جلال على الهواء، في الوقت الذي كان فيه المدير الفني في طريقه إلى كوريا الجنوبية لخوض مباراة ودية دولية، في سابقة هى الأولى ولم تحدث من قبل أي اتحاد وطني!!
فاتحاد الكرة أدان نفسه مرتين، الأولى بتعيين جلال وهو لم يكن الرجل المناسب لتلك المرحلة من عمر المنتخب الوطني والثانية قيام الاتحاد بالتضحية به في برنامج تليفزيوني وهو في مهمة وطنية خارج البلاد، فالعقل والمنطق لا يقول ذلك على الإطلاق، بل كان الأفضل التريث وعدم الانجراف وراء ضغط وسائل الإعلام الرياضية وانتظار عودة المدير الفني لأرض العودة وإبلاغه بقرار الإقالة.
الحقيقة أن اتحاد الكرة نفسه هو من يجب إقالته عقب تلك المهازل في وقت قصير، بدءًا من عدم إرسال خطاب الاتحاد الأفريقي المرسل له لإبلاغ النادي الأهلي بشأن إمكانية استضافة المباراة النهائية لدوري أبطال أفريقيا ومرورًا بالتخبط جراء تعيين إيهاب جلال مديرا فنيًا لمنتخب مصر وإقالته على الهواء عقب أيام قليلة من توليه المهمة الفنية.
كما أن تصريح جمال علام خلال المداخلة التلفزيونية بعدم وجود "دولارات" للتعاقد مع مدرب أجنبي رغم ذكره أن وزير الرياضة أكد تكفله بتقديم الدعم المادي لذلك، أكمل المهازل الكروية لذلك الاتحاد الذي أثار غليان الشارع المصري.
لذا فإنني أطالب مثل الكثيرين، أعضاء اتحاد الكرة القدم بتقديم استقالتهم الجماعية تاركين أماكنهم لمن لديهم الضمير والحس الوطني والخوف على اسم مصر قبل النظر لمصالحهم الشخصية، فأسم مصر ليس بالقليل في عالم الرياضة عامة وكرة القدم بالأخص، فيكفي القول أن مصر من مؤسسي الاتحاد الأفريقي والذي وضع النواة الأولى لتلك اللعبة في القارة السمراء وتحمل الرقم القياسي للفوز بكأس الأمم الأفريقية بسبع مرات، كما كانت لمصر الريادة عالميًا حيث تأهلت لثاني بطولة لكأس العالم والتي أقيمت عام 1934 بإيطاليا لتسجل أول ظهور عربي وأفريقي في تلك البطولة العالمية.
"استقيلوا يرحمكم الله" فمصر أكبر منكم جميعًا ومن أشباهكم، الوقت ليس في صالحكم فكلما تأخر الوقت ستدفعون الثمن غاليًا لما فعلتوه في الكرة المصرية من تدمير معالمها وإرجعاها كثيرًا للخلف، في الوقت الذي تقدمت فيه الدول العربية المحيطة كتونس والمغرب والجزائر، رغم أن ظروفهم مشابهة لمصر من جميع النواحي الرياضية.
ولا تكفي استقالة اتحاد كرة القدم، بل يجب تدخل الدولة لإنقاذ الكرة المصرية من الغرق، من خلال استقدام خبراء كرة قدم عالميين لتعليم الإداريين المصريين "ألف باء" إدارة كرة القدم ووضع خطط مستقبلية للنشاط الكروي في مصر، والاهتمام بقطاع الناشئين لإفراز المواهب الكروية التي ستكون نواة لمنتخب مصر مستقبلًا.
كما أن دور وزارة الرياضة في متابعة وتقييم أداء اتحاد كرة القدم لا يقل أهمية عن ذلك، فشعور أعضاء اتحاد الكرة بوجود جهة رقابية تتابع وتقييمهم تجعل دائمًا على قدر المسؤولية خوفًا من الحساب.