الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

نتيجة استمرار الحرب.. مؤشرات التعاسة والبؤس تتفاقم في أوكرانيا مقارنة بروسيا

جانب من آثار العملية
جانب من آثار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

طالت تداعيات استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا طرفيها على حد سواء خلال الأشهر الماضية نتيجة لتضرر الأوضاع الاقتصادية والإنسانية والمجتمعية وارتفاع التضخم والبطالة ما خلق مشاعر متفاوتة على صعيد "حالة الرضاء العام" بين مواطنى البلدين، ويعبر ما يعرف بـ"مؤشر التعاسة البؤس" في أوكرانيا خلال شهري أبريل ومايو الماضيين وصلت إلى 90% وكذلك ارتفع المؤشر في روسيا في أبريل الماضي إلى 21.1% قبل أن يتراجع بعض الشئ في مايو الماضي مسجلا 20% المائة.

واستنادا إلى أوضاع البطالة والدخل الحقيقي والفقر يعكس هذا المؤشر حالة الرضاء العام ومستوى السعادة لدى الشرائح الدنيا الأقل دخلا في أوكرانيا وروسيا حيث يعتمد المؤشر على حساب مستويات البطالة والتضخم والفقر وارتباطهما بحالة الرضا العام أو الشقاء العام لأبناء الفئات الأدنى دخلا في المجتمع.

فبحسب تقرير أصدرته شبكة البلقأن الإخبارية -المتخصصة في شئون شرق أوروبا والبلطيق- تعاظم شعور المواطن الأوكراني بـ"البؤس" بنسبة 30% بعد مرور أقل من شهر على بدء العمليات الروسية في فبراير الماضى وهو ما أوضحه تقرير الشبكة الذى حلل أسباب " تفاقم مشاعر البؤس بين الأوكرانيين مقارنة بالروس.

على صعيد الأوضاع في أوكرانيا، أدت الحرب الأوكرانية إلى تفاقم حالة بالفقر بين الأوكرانيين إذ ارتفعت مستويات التضخم لتسجل 16.4% في أبريل الماضى قبل أن تتراجع إلى 12.9% في مايو الماضى نتيجة إغداق الغرب للمساعدات المجانية للأوكرانيين دعما لصمودهم، وبنهاية مايو الماضي سجل مؤشر التعاسة لدى الأوكرانيين ارتفاعا نسبته 24% وهو المؤشر الذي صعد بنسبة 30% بعد مرور أيام على اندلاع الحرب في 24 فبراير الماضي إلى أن وصل صعوده إلى 90% بحلول منتصف يونيو الجارى نتيجة استمرار الحرب الروسية ونزوح الأوكرأنيين عن ديارهم، برغم ذلك ظلت الضغوط التضخمية "الرهيبة" جاثمة على كافة شرائح الشعب الأوكراني وهو ما دفع بنك أوكرانيا المركزى إلى رفع سعر الفائدة الأساسي من 10 إلى 25 في المائة في محاولة للجم التضخم، لكن الخبراء قالوا أن هذا الرفع المفاجئ وربما الصادم للفائدة سيكون سلبى الأثر على نمو الاقتصاد الأوكراني على المدى القصير وهو الاقتصاد الذى من المتوقع له اصلا الأنكماش بنسبة 30 في المائة على الأقل بحلول نهاية العام الجارى بسبب استمرار الحرب.

وبالنسبة لروسيا، كشف المؤشر عن ارتفاع مستويات الفقر في روسيا نتيجة حالة الكساد الممتد الذى عاناه الاقتصاد الروسي خلال الربع الاول من العام 2022 وهو ما انعكس في نمو عدد المواطنين الروس ممن يعيشون تحت مستوى خط الفقر بنسبة 69 في المائة وهى النسبة التى صدرت عن مؤسسة الإحصاءات الروسية المركزية / روسستات / مطلع يونيو الجارى.

كما بلغ عدد الروس ممن هم تحت خط الفقر 9ر20 مليون فرد بحلول يونيو الجارى مقابل 4ر12 مليون فرد في يونيو 2021، وبحسب وكالة الإحصاءات الروسية " أنضم 5ر8 مليون روسى إلى قائمة الفقراء خلال الربع الأول من العام الجارى فقط ".

وقياسا على مستويات التضخم والقوة الشرائية، يشكل الرقم 12 ألفا و916 روبل شهريا /26ر221 دولار أمريكي/ هو حد الكفاف بالنسبة للروس والخط الفاصل بين فقرائهم وأغنيائهم وهو الرقم الذى كان 765 دولارا أمريكيا شهريا خلال الربع الأخير من العام الماضي.

قبل الحرب الأوكرانية كان مستوى الفقر في روسيا يعادل 5ر14 في المائة من إجمالي مواطنيها وهى النسبة معقولة إذا قورنت بمعدل الفقر السائد لدى دول الاتحاد الأوروبي ( 7ر21 في المائة ) والولايات المتحدة ( 9ر12 في المائة ) إبان ذروة اشتداد الازمة الاقتصادية العالمية التى خلقتها جائحة كوفيد – 19.

ووسط توقعات ارتفاع مستويات التضخم والغلاء في روسيا من 8 إلى 15 وربما 22 في المائة بنهاية العام الجارى وتراجع معدلات نمو الاقتصاد الروسي جراء كلفة فاتورة الحرب الأوكرانية، فمن المتوقع نمو مستويات الفقر بين الروسيين بصورة اكبر، وهو ما استعد له الكريملين بحزمة دعم لهم بقيمة 4 تريليونات روبل.

وعلى صعيد البطالة.. استقرت متوسطات البطالة في روسيا عند مستوى 2ر4 في المائة برغم الحرب الأوكرانية التى أضافت 800 الف روسي إلى قائمة العاطلين. ويعد مستوى البطالة الحإلى في روسيا / 2ر4 في المائة / هو المستوى ذاته الذى كان سائدا إبان الحقبة السوفيتية التى كانت تتبنى منهج التشغيل الكامل.

وبالنسبة ل أوكرانيا.. شهد الربع الأخير من العام الماضى معدل بطالة بين الأوكرأنيين بلغ 6ر10 في المائة وهو المعدل الذى يصعب على الخبراء تقديره في الوقت الراهن نتيجة التداعيات السريعة للحرب، وبصورة عامة فقد أوصدت ثلث الشركات ومشروعات الأعمال في أوكرانيا ابوابها نتيجة الحرب التى طالت نسبة لا تقل عن 90 في المائة من مشروعات الأعمال على مستوى أوكرانيا خلال الأيام المائة الأولى التى أعقبت بدء الحرب في الرابع والعشرين من فبراير الماضى.

وبحسب البيانات الصادرة عن الحكومة الأوكرانية توقف 42 في المائة من أصحاب المشروعات في أوكرانيا توقفا كاملا عن العمل في مارس الماضى، وانضم اليهم 26 في المائة منهم إلى قائمة المتوقفين عن العمل في أبريل الماضى وهو ما خلق حالة شديدة من البؤس والفقر وعدم التيقن لدى الأوكرانيين بما في ذلك أصحاب المشروعات الصغيرة التى شكلت وحدها نسبه 17 في المائة من حجم المؤسسات الموصدة ابوابها في أوكرانيا بحلول منتصف يونيو الجارى.

وعلى صعيد حالة الفقر.. كان فقراء أوكرانيا – وفقا للبيانات الرسمية– لا يتجاوزون نسبة 1ر1 في المائة من مجموع السكان قبل نشوب الحرب مع روسيا اواخر فبراير الماضى، وتصنف حكومة أوكرانيا مواطنيها بأنهم من الفقراء إذا تراوح دخل المواطن الاوكراني ما بين 5ر5 إلى 13 دولار يوميا – 165 إلى 390 دولار شهريا – وتشير الإحصاءات إلى أن متوسط دخول الأوكرانيين كان قد حقق ارتفاعات متتالية خلال العامين السابقين على الحرب قاربت متوسطات دخول المواطنين الروس تقريبا ( 765 دولار شهريا )، وبرغم ذلك تعد أوكرانيا بمفهوم الدخل الحقيقى لمواطنيها المعبر عن قدرتهم الشرائية في ذيل قائمة متوسطات الدخل اذا قورنت بدول الاتحاد الأوروبي.

وبعد أن سجل المستوى العام للفقر في أوكرانيا بنهاية العام 2021 نسبة 27 في المائة من السكان قفزت تلك النسبة إلى 55 في المائة مع مرور الشهر الأول على اندلاع الحرب الروسية، ويقدر البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة UNDP تلك النسبة حاليا بما لا يقل عن 90 في المائة من مجموع الشعب الأوكراني وهو سبب كاف من وجهة نظر شبكة البلقان الاخبارية في صعود مؤشر البؤس والتعاسة لدى الأوكرانيين إلى 115 في المائة في الوقت الراهن، مقتربا من مؤشر تعاسة الروس اواخر الحكم السوفيتى في تسعينيات القرن الماضى والذى قدره برنامج الأمم المتحدة بنحو 200 نقطة.

أما في روسيا.. فبحسب البيانات الصادرة عن بنك روسيا المركزي سجل متوسط دخل المواطنين الروس في الربع الأخير من العام الماضي تراجعا نسبته 24 في المائة من 47 الفا و697 روبل إلى 36 ألفا و234 روبل شهريا، الا أن قيمة الدخل الحقيقى للروس أخذت في التحسن نتيجة سياسات المركزى الروسى لتعزيز قيمة الروبل من خلال خلق طلب كبير عليها وفق آليات من بينها تسعير بيع النفط الروسي لأوروبا بالروبل بدلا من الدولار.

وبحسب الخبراء فقد ساهمت تلك السياسات في تعزيز العملة الروسية وقوتها الشرائية بنسبة لا تقل عن 30 في المائة رغم الحرب في أوكرانيا وهي الحرب التي اتجهت كل التقديرات إلى أنها ستعصف بقيمة الروبل الروسي.

تجدر الإشارة إلى أن شبكة البلقأن الاخبارية كانت الشبكة قد طورت مؤشرها للرضا العام قبل عامين بواسطة خبراء محايدين في مجالات الاقتصاد وبحوث قياس الرأى العام استنادا إلى البيانات الصادرة عن مؤسسات روسية وأوكرانية وبيانات أخرى من واقع تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤشراته الخاصة بمستويات الفقر واحتسابها وما إلى ذلك من معاملات ارتباط.