رحب طارق عامر، محافظ البنك المركزي، خلال كلمته في الاجتماعات السنوية الـ29 للبنك الإفريقي للتصدير والاستيراد في العاصمة الإدارية الجديدة، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي لتشريفة ورعايته لهذا الحدث الهام والذي ينعقد بمصر وفخرها العاصمة الإدارية الجديدة، في توقيت يواكب ظروف استثنائية عالمية تحتاج، الي رؤية جديدة للتعامل مع التحديات، الراهنة فما لبث العالم بالتعامل في خطوات التعامل مع جائحة كوفيد 19، حتى أطلت الأزمة الروسية الأوكرانية بتداعياتها على دول العالم وزادت وطئها على دول القارة الأفريقية، والى نص الكلمة:
فخامة السيد رئيس الجمهورية الحضور الكريم، يتابع العالم أجمع باهتمام بالغ خاصة السلطات المالية والنقدية ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية الأحداث المتلاحقة التي كانت ومازالت بمثابة صدمات قوية لمعظم اقتصاديات العالم، بدءا من العالم النامي وحتي الدول المتقدمة التي نراها تعاني حاليا من مشاكل وتحديات جسيمة في موجات التضخم، اما علي مستوي الدول الأفريقية فهي تعاني أساسا من أعباء ومشكلات داخلية والتي زادت وطأتها من طبيعة الحال، مع تداعيات تلك الصدمات الخارجية، فلقد تحملت حكومات الدول الأفريقية ومؤسسات التمويل أعباء توجيه جزء كبير من ميزانيتها وبرامجها التمويلية لتوفير شراء لقاحات كوفيد 19، ومن جانب أخر فرضت دول العالم قيود علي سفر الأفراد وهو الأمر الذي اثقل كاهل الدول الأفريقية خاصة تلك التي تعتمد علي الاستيراد من الخارج أو التي تعول الكثير من موارد القطاع السياحي، ولم تكاد تمر أزمة تداعيات ذلك الوباء وظهور بوادر تعافي منها حتي تزامنت معها زيادة الضغوط التضخمية، خلال الفترة الأخيرة خاصة مع ارتفاع الأسعار العالمية علي السلع الغذائية الأساسية، وذلك ما القته الاضطرابات السياسية القائمة علي الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلي اقتصاد الدول الأفريقية بشكل خاص.
ولقد أدت تلك الاضطرابات الي تصاعد ملحوظ في أسعار الطاقة أيضا، فضلا عن اضطراب سلاسل الأمداد، وارتفاع تكاليف الشحن ارتفاعات ضخمة، الأمر الذي فقم انعكاس زيادة الضغوط التضخمية على كافة الاقتصادات المتقدمة والنامية والناشئة وشعوبها.
ومما لا شك فيه أن تلك الاضطرابات، تمثل اختبارا لصلابة للنظام المالي العالمي بشكل عام في ظل أجواء عدم اليقين التي تسيطر علي التوقعات بشأن اتجاهات الاقتصاد العالمي، حيث يتوقع إبطاء معدلات النمو علي مستوي العالم وارتفاع في مستويات المخاطر بمختلف أشكالها، ومما يزيد من صعوبة المهمة الملقاة علي كاهل السلطات النقدية بالدول الأفريقية بوجها خاص، فيما يتعلق بالمفاضلة بين السياسات، وإيذاء تضافر تلك الضغوطات.
الأمر الذي يفرض على صانعي السياسات بإجراءات حاسمة لكبح جماح التضخم المتزايد ومعالجة نقاط الضعف المالية، مع تجنب التشديد غير المنظم على الأوضاع المالية التي من شأنها أن تهدد إمكانيات التعافي الاقتصادي، والتشغيل بعد انحسار وباء كوفيد 19، خاصة مع محدودية الحيز المالي مع الحكومات مع الجائحة.
وان تلك التحديات المتلاحقة أدت الي زيادة إدراك المؤسسات المالية، بالمسئوليات الاجتماعية الملقاة على عاتقها وهو الأمر الذي ضاعف من توجهات، تلك المؤسسات نحو تبني السياسات والأليات الكفيلة لفتح أفاق كبيرة لتوفير فرص العمل والسيطرة علي التضخم فضلا عن تعزيز قدرات المجتمعات في مواجهه المتغيرات والمشكلات من شأنها أن تعوق أرسال التنمية وصولا الي تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وعلي مستوي جمهورية مصر العربية فلم نكن بمعزل عن تلك التطورات ولا يمكن أن ننكر باننا قد تأثرنا بتداعياتها ولكننا قادرين بأذن الله علي تجاوزها والعبور بفضل إيجابيات برنامج الإصلاح الاقتصادي، والسياسات الرشيدة التي تم انتهجها من جانب الخبرات الوطنية المتميزة.
ولقد استطاع البنك المركزي بالعمل مع الحكومة والبنوك المصرية على مواجهه هذه الحالة الاستثنائية من خلال اتخاذ تدابير غير مسبوقة، وذلك بتوفير مستويات مرتفعة من السيولة النقدية لكافة الأطراف المتعاملة في الاقتصاد سواء الأفراد أو الشركات، مما أدي الي حماية فرص العمل الموجودة، وتوفير كافة المتطلبات والاحتياجات، الأساسية للمجتمع والحيلولة لكل السبل المتاحة وفي واقع الأمر أن التحديات لم تكن بالأمر الهين أو اليسير، ولكن بتضافر الجهود والخبرات المصرفية المتميزة
والتعاون مع الحكومة المصرية ودعم من قيادة السياسية في اتخاذ القرارات الهامة وسط منظومة محكمة لتحقيق أهداف السياسة النقدية وأشراف ومتابعة دقيقة من البنك المركزي الذي يحرص دائما في تعزير روح في اتخاذ القرار المبني علي موضوعية المنطلقات والمعطيات العلمية وفقا لاستراتيجية الدولة المصرية.