انطلقت الجلسة الأولى بالمؤتمر العالمي للبرلمانيين الشباب في نسخته الثامنة، التي تُقام في مدينة شرم الشيخ تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وبالتعاون مع الاتحاد البرلماني الدولي، وتدور حول التغير المناخي وتأثيره على حقوق الإنسان.
واستهلت المستشارة العامة لحقوق المعاقين حول العالم بالولايات المتحدة، سارة منقارة، الجلسة بالحديث حول تأثير التغيرات المناخية على ذوي الإعاقة، واصفة حياتهم في ظل الصعوبات التي يواجهونها بـ"البقاء في مدينة تتعرض لإعصار دون القدرة على اللحاق بمراكب النجاة".
وقالت "منقارة": "نسبة كبيرة من سكان الأرض تعاني إعاقات جسدية، وهي معرضة لأزمات مناخية أكثر من الشخص العادي، نتيجة لإعاقاتها، لكن الأمر ليس متعلقًا فقط بالإعاقات، إنما أكثر ما يواجه ذوي الإعاقة هو الوصم والسياسات والبنى التحتية، التي يستخدمونها، ونحن هنا اليوم للتوصل إلى حلول خلاقة للأشخاص ذوي الإعاقة لمواجهة التغيرات المناخية وتأثيرها عليهم، وفي مقدمة ذلك أن تشملهم جميع الخدمات والتسهيلات، لأن ذلك يجلب القيمة للجميع، ويدعم استقرار المجتمع، فكل الأشياء التي حولنا تؤثر وتتأثر بالتغيرات المناخية".
وعقب ذلك، استعرضت السفيرة مشيرة خطاب، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، أهمية تقصي الكثير من الحقائق حول حقوق الإنسان ومدى ارتباطها بقضية التغير المناخي، مؤكدة تأثيرها المباشر على "كافة ممارسات حقوق الإنسان".
وأشارت رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إلى أن "مشكلة التغير المناخي تؤثر تأثيرًا مباشرًا أيضًا على عمليات التنمية المستدامة، وحق العيش في أمان وسلام والتغير البيئي والحقوق الإنسانية الأخرى".
واقترحت "إقرار إطار مركزي لوضع حد لأزمة التغير المناخي وما يتبعه من تمييز وتحيز، خاصة مع ذوي الإعاقة، ورفع الوعي لدى المواطنين، ومساندة الدول الإفريقية التي تواجه درجات متقدمة من التغير المناخي بتوصيات وإجراءات".
وأثنت مشيرة خطاب على الدور المصري في ترسيخ الأمل، قائلة: "الأمل في أن نلتقي، ومصر ترتب جيدًا لمؤتمر الأطراف الراعية لاتفاقية التغير المناخي هذا العام، طبقًا لإستراتيجية يتم دراستها وتناولها تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، تماشيًا مع الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أعلنتها عام 2021، وتقوم على فكرة الإلهام والتقدم نحو إدارة إجراءات وتحقيق نتائج ملموسة في ضمان الحقوق الإنسانية بناءً على التزامات قانونية وواجبات وتشريعات وكذلك خطط تحرك قومية من أجل التمكين، إلى جانب التعاون الدولي الذي يفرض التزامات واضحة على المتبرعين والمساهمين لمواجهة التغير المناخي".
من جانبه، دعا دانوش دينش، مؤسس منظمة "Clim-Eat" المعنية بالغذاء والتغير المناخي، إلى تطبيق أنظمة صديقة للبيئة، ونشر الأفكار التي تخفض الانبعاثات الغازية وتعيق آثار التغير المناخي.
واستعرض نتائج تقرير مناخي من آلاف الأوراق، قائلًا إن "الوعي بالجانب العلمي هو السبيل الأبرز لتجنب التغير المناخي، وتحديدًا فيما يتعلق بأنظمة الطعام الزراعية المستدامة".
ودعا "دينش" إلى التركيز على آثار جديدة للتغير المناخي لمواجهتها، وهي "فكرتا الصراعات والهجرة، فهناك ارتباط وثيق بين التغير المناخي وزيادة حدة الصراعات حول العالم، ولدينا أدلة واضحة على ذلك، إلى جانب التأثير الكبير للتغير المناخي على النمو الاقتصادي، فالتغير يخفض معدلات النمو، ويجب أن نستعد لهذا التحدي، ومن التأثيرات التي نلاحظها بوضوح انخفاض الإنتاج الزراعي، ونتائج أخرى تمس جودة جوانب الحياة الإنسانية".
وحول الرسالة الأساسية، التي يريد توجيهها، أكّد أن "هناك تأثير مباشر لتغير المناخ على أنواع مختلفة من المحاصيل الزراعية والأمن الغذائي، فالتغير سيؤدي إلى خسارة أكثر من 15% من الإنتاج الزراعي، وتأثيرات حادة أخرى تتعلق بالأمن الغذائي، ولتجنب ذلك يجب أن نتبع الكثير من الممارسات والأنشطة المبتكرة في الري، ورقمنة المنتجات الزراعية، وتأمين عملية نقل ووصول الموارد المائية ووضع آليات تتسم بالشفافية لوضع إستراتيجيات ومراقبة التنفيذ وتقييم النتائج من جانب الكيانات البرلمانية".
وبدورها، أعربت ليليا شناوي، منسقة الشبكات بمنظمة برلمان المناخ، عن شكرها لمجلس النواب المصري والاتحاد البرلماني الدولي على تنظيم النسخة الثامنة من المؤتمر العالمي للبرلمانيين الشباب، موصية الحضور بـ"تنظيم أنفسهم داخليًا وعدم التعامل مع تغير المناخ كقضية ثانوية".
وقالت: "نقدم عدة مبادرات وتوصيات وأدوات وبرامج وخطط ونشارك الخبرات بهدف رفع القدرات والحصول على الدعم من الجهات المعنية لمبادراتكم وأعمالكم في ذلك المجال وضمان استدامتها، وهو الدور الذي يجب أن يلعبه البرلمانيون، ولدينا عدة أمثلة ناجحة تمثل التحدي في مجال المناخ، ولذلك، يجب وضع أهداف محددة خاصة بالطاقة المتجددة، ودعم الاستثمار الأخضر".
واقترحت، خلال كلمتها بالجلسة الأولى، "الاعتماد على الوقود الأحفوري، ورفع الوعي بين الأفراد، لا سيما الشباب، وتحسين مستوى التعليم عبر تعديل المناهج الدراسية، في الجامعات تحديدًا، ووضع أطر تشريعية تمكّن الاستثمارات، ودعم الطاقة المتجددة كالرياح والطاقة الشمسية، باعتبارها الخيار الأمثل، إلى جانب التكنولوجيا صديقة البيئة، التي من شأنها دعم الاقتصاد الأخضر".
وسردت عدة أمثلة ملهمة في ذلك المجال، أبرزها "في أوغندا، نجحت عدة جهات في إلزام الكثير من الجهات الحكومية تقديم ميزانية سنوية لمواجهة تغير المناخ، وفي الهند تمكن أعضاء البرلمان من زيادة الميزانيات الموجهة لذلك الملف لأن المال يضمن استدامة المشروعات، وفي نيجيريا، تبنى رئيس البرلمان 3 مبادرات في ملف المناخ بمشاركة الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، وبناءً على تلك التجارب، يجب أن يكون لدينا أهداف طموحة لتحقيق خطوات متقدمة".
واختتمت صوفيا مونسالفي، الأمين العام لمنظمة "من أجل الحق في الغذاء والتغذية" لحقوق الإنسان، الجلسة بالحديث حول تأثير التغير المناخي على المناطق النائية وسكانها، وكذلك الأشخاص ذوي الإعاقة، ودور برامج إعادة التأهيل والتسكين في تقليص الأضرار الناجمة عن الظواهر البيئية الضارة.
وأكدت أن "هناك أشخاص يصبحون مهمشين، ومن المهم التعرف على الفئات المهمشة، ومدى تأثير التغيرات المناخية عليها، ومساندتهم عبر برامج مجتمعية خاصة بالشراكة بين منظمات المجتمع المدني والحكومات، تنفيذًا لمسؤولية الدول تجاه هؤلاء الأشخاص".
وقالت "مونسالفي" موجهة حديثها للبرلمانيين الشباب: "يجب أن تستمعوا لتلك الفئات وأن تكون القوانين التي تمرّرونها داعمة لها، وتعيدوا صياغة علاقتكم بالمجتمعات التي تعيشون بها وتعيدون بناء أنظمتكم البيئية مع وضع حلول شاملة، مع الالتزام بالعملية العلمية في وضع الحلول الزراعية والبيئية وإنتاج المحصولات المتماشية مع الطبيعة".
من جانبها، دعت – في نهاية كلمتها – إلى "تقليل الاعتماد على السماد الضار والمبيدات الحشرية، واتباع أساليب علمية للحفاظ على البيئة، إنقاذًا للمزارعين أصحاب الحيازات المحدودة في إفريقيا وبقاع أخرى من العالم، لتجنب غلاء الأسعار وارتفاع معدلات الفقر، لأن ذلك يتعلق بالكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان والطبيعة".
نبذة عن المؤتمر
المؤتمر العالمي للبرلمانيين الشباب التابع للاتحاد الدولي للبرلمان، يعقد في دورته الثامنة بالتعاون مع مجلس النواب المصري في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية، يشارك في المؤتمر على مدار يومين وفود من البرلمانيين الشباب من أكثر من 60 دولة، ويناقش المؤتمر قضية تغير المناخ كأبرز القضايا العالمية، كما يهدف إلى تمكين البرلمانيين الشباب والاستماع إلى رؤاهم.