تنظيم الطاقات البشرية عند المصريين القدماء من أسرار الحضارة المصرية والتي وجدت على أحد نقوش معبد حتحور بدير المدية، وهو معبد شيد فى العصر البطلمى لتبجيل اثنتان من النترو هما (ماعت و حتحور) واثنان من البشر هما أيمحوتب وأمنحتب ابن حابو، ولأول وهلة يبدو وكأنه لا علاقة بين تلك القوى والشخصيات التى خصص المعبد لها ولكن المتأمل للحضارة المصرية ورموزها سيكتشف أن ما يجمع كل هؤلاء هو "النظام".
كانت الماعت عند قدماء المصريين هى رمز النظام الكونى أو هى قوانين التوازن والنظام التى تحفظ الكون من السقوط فى هاوية الفوضى والظلام، وكانت الماعت هى قوانين الاتزان الكونية بشكل عام التى تنظم عالم الطبيعة وما وراء الطبيعة بكل ما فيه من مخلوقات فى حين كانت حتحور مرتبطه بمجرة الطريق اللبنى بشكل خاص، فكانت حتحور هى الكائن الذى ينظم ايقاع الأفلاك فى مجرة الطريق اللبنى التى تحوى بلايين الشموس والأجرام الفلكية الأخرى ولك أن تتخيل بلايين الشموس تسبح فى فضاء الكون وما يمكن أن يحدث من كوارث كونية اذا لم يكن هناك "مايسترو" ينظم حركتها ويضمن التناغم والتوازن فى تلك الحركة.
أما أيمحوتب وأمنحتب ابن حابو فانهما يتشابهان قى كونهما أشهر طبيبان فى الحضارة المصرية القديمة وأيضا أشهر مهندسان معماريان كان كل من أيمحوتب وأمنحتب ابن حابو مهندسا تنفيذيا أى منظما لطاقات البشر، وقد حمل أمنحتب ابن حابو لقب "منظم الطاقات البشرية" فى عصر الملك أمنحتب الثالث فكان مسئولا عن تنظيم الطاقات البشرية فى السلم والحرب حيث يقوم بتدريب الفلاحين على البناء والفنون المعمارية فى مواسم الفيضان ويدربهم أيضا على حمل السلاح ليكونوا جنودا اذا دعت الحاجة قامت الحضارة المصرية على استغلال الانسان لطاقاته فى العمل والفن بشكل أساسى.
وفى نفس الوقت الاستعداد لمواجهة أى خطر تتعرض له مصر والاستعداد للدفاع عن أرضها المقدسة وحماية الحضارة من غزو البداوة التى لم تنتج حضارة ولكنها كانت دائما تعيش على سلب أوطان الآخرين وتشكل تهديدا لمصر، وقام كل من ايمحوتب و أمنحوتب ابن حابو بتنظيم الطاقات البشرية فى مصر لانشاء صروح معمارية من أكبر الصروح وأهمها فى تاريخ مصر، فقد كان ايمحوتب هو المهندس التنفيذى لمشروع سقارة الذى يحوى هرم زوسر المدرج و كل ما كان يحيط به من مبانى و الذى شيد فى عصر والملك زوسر (الأسرة الثالثه – دولة قديمة) .
أما أمنحتب ابن حابو فقد أشرف على انشاء المعبد الجنائزى للملك أمنحتب الثالث بالبر الغربى بالأقصر و قد كان معبدا ضخما ولكنه تعرض للتدمير عبر قرون طويلة و لم يتبقى منه سوى تمثالين يعرفان حاليا باسم تمثالى ممنون كما أشرف أمنحتب ابن حابو أيضا على العديد من المشروعات المعمارية فى عصر الملك أمنحوتب الثالث.