ترميم كل الكنائس التي أضرمت فيها نيران الإخوان وبناء كنيسة ومسجد في كل مدينة جديدة
استعادة رفات الشهداء من ليبيا وإنشاء كنيسة بقرية العور تحمل أسمائهم
تشكيل هيئتى أوقاف الكنيستين الإنجيلية والكاثوليكية لتعميق المحبة والسلام والمساواة دون تفرقة أو تمييز
ثماني سنوات.. غيّرت شكل مصر، حيث الكثير من المشروعات القومية ومنهجية واستراتيجية التحرك على كل الأصعدة والمستويات وصولًا للإنسان نفسه، الفكر وإرساء مبدأ الإخاء والتعايش، بل والعمل بقوة على اجتثاث إرث التمييز الذي ترعرع لسنوات، وكان مادة خصبة للأصوات والأبواق التي تستهدف النيل من البلاد خلال عقود سابقة.
الجمهورية الجديدة لم يكن مصطلحا أطلقه الرئيس فحسب، ولكن تخطو البلاد نحو الهدف بشكل متزن ورصين لترسم صورة مصر الحديثة، نسيج وطني واحد هم «المصريون».. أعلنها الرئيس مرارًا ومن أعلى منصات الدول خلال الجلسة الرئيسية لمؤتمر ميونخ للأمن ليكون ردًا وخطًا واضحًا لجميع المصريين.
شهد الأقباط عصورا عانت فيها الكنيسة من عدم القدرة على ترميم درجة سّلم داخلها بدون تصريح، وتوالت الأزمات والإشكاليات وبلغ- في حقبة من الزمن- حتى الاعتداء على رمز الكنيسة الأول المقر الباباوى- إبان حكم الإخوان الإرهابي، ومع تصاعد وتيرة- نيران الإرهاب- والتي طالت الكنائس والمباني بعد خروج الملايين فى 30 يونيو من المصريين "مسلمين ومسيحيين"، لحماية بلادهم من أخطبوط الجماعة، ولم يكن رد البابا البطريرك تواضروس الثاني سوى «وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن».
رسّم مصرالدولة الحاضنة والحامية جاء مع بيان 3 يوليو، وبات أكثر وضوحًا وتجليا بتولي الرئيس عبدالفتاح السيسي سُدة حكم البلاد لتشهد طفرة وعلاقة وثيقة بين رئيس الدولة والقيادة الكنسية، بل وتجاوزت حاجز القيادة، لتصبح ترابطا بين الرئيس والأقباط عنوانه المحبة والاحترام والثقة الكاملة.
ورغم محاولات إفساد العلاقة الوثيقة، والتي باتت جذورها أساسا لفروع كثيرة فى كل التعاملات الداخلية والخارجية للدولة المصرية باعتبار أبنائها واحدًا ولا يقبلون التجزئة أو التفريق، إلا أن القيادة الكنسية أكدت على الدوام حبها للرئيس مؤكدة أن الود نعمة من الله لا يمكن أن تشتريه، والمحبة أول مساهم في السلام والاستقرار والتعايش، وفي المقابل خرج الرئيس بحديث للأقباط عمومًا أثناء حضوره أحد الاحتفالات بقوله: «خدوا بالكم من البابا.. الرجالة تتوزن بالمواقف والظروف الصعبة خلو بالكم منه».
الوفاء بالوعود
«وعد فأوفى» فى ملف ترميم الكنائس المتضررة، رغم كثرة التحديات الداخلية والخارجية التي عانت منها البلاد، وكان حريصًا على الوفاء بوعده بإنجاز وترميم كل الكنائس التى أضرمت فيها نيران الإخوان بينما أولى اهتمامًا بالغًا بأن تكون هناك كنيسة ومسجد في كل مدينة جديدة يتم إنشاؤها أو بناؤها من العاصمة الإدارية وغيرها.
لم يصنع بروتوكولا واحدا لصورة بزيارة رسمية للتهنئة فى الأعياد الرسمية، فحسب بينما وصل الأمر لمشاركة الأقباط كلمة الاحتفال والتهنئة ودومًا تكون رسائل وافية ووعود تدخل حيز التنفيذ دون مواربة أو تأخير، ورجل اعتاد أن يكون صريحًا حينما تأخر ترميم بعض الكنائس خرج للأقباط معتذرًا عن ذلك.
بعد معاناة الأقباط قرنا وما يزيد من الزمان تحت وطأة الخط الهمايوني المنظومة المجحفة في بناء أو ترميم الكنائس، وفي ظل إرادة سياسية استطاع المصريون المسيحيون الوصول إلى قانون ينظم بناء الكنائس وترميم الكنائس فى 2016، طبقًا للنص الذى وُضع لأول مرة فى دستور2014، وهو القانون الذي شرع طرق ترخيص الكنائس والمباني التابعة لها، التي بُنيت خلال العهود السابقة بدون ترخيص وهو ما ساهم في تقنين الكثير، وتسهيل الحصول على تراخيص لبناء كنائس جديدة، وخلال المناقشات حرصت القيادة السياسية على أن يتضمن القانون ما ترغب الإدارة الكنسية فيه من مضامين وفق صحيح القانون والدستور، ووفق تصريحات سابقة الأنبا بولا مطران طنطا الذى كان مشرفًا على ديباجة مسودة القانون إن حال تحفظ الكنيسة على بعض الشروط تم تدارك الأمر وتعدلت البنود بصورة أفضل من تصور الكنيسة نفسها- على حد تعبيره.
الدفاع عن نسيج الوطن
الثأر والقصاص.. لم يتوقف الأمر عند حد الدعم المعنوي أو توفير الحقوق القانونية فحسب بينما شهدت الفترة السابقة حادثين كان رد فعل الرئيس عبدالفتاح السيسي خير شاهد على صورة مصر الجديدة في الثأر والقصاص لأبناء الوطن من المسيحيين، في عام 2015 حينما وقع حادث ذبح 21 مواطنًا مصريًا على يد تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا، في مشهد هز المشاعر الإنسانية لدى جميع أنحاء العالم، حيث بث التنظيم الإرهابي حينها مقطع فيديو يظهر خلاله ذبح المواطنين المصريين بطريقة وحشية، وكانوا يرتدون حينها «زيا برتقاليًا» والمصريون الذين تم ذبحهم معظمهم عمال من محافظة المنيا، سافروا إلى ليبيا سعيًا وراء أرزاقهم. جاء رد مصر بقدرها ضد ذلك التنظيم الإرهابي، حيث شنت القوات الجوية المصرية هجومًا ناجحًا ضد معاقل تنظيم داعش الإرهابى، داخل الأراضى الليبية تحديدا في مدينتى درنة وسرت وبعض المناطق الأخرى في شرق ليبيا، فى الساعات الأولى من صباح الإثنين 16 فبراير 2015 وذلك بالتنسيق مع الجانب الليبي.
كما استطاعت الدولة المصرية استعادة رفات الشهداء وصدر قرار بإنشاء كنيسة بقرية العور تحمل اسم شهداء الوطن والإيمان بليبيا، في قرية العور ووضع رفاتهم فيها، فضلًا عن التعويضات المعنوية وغيرها للأهالي، وفى ديسمبر 2016 حادث تفجير الكنيسة البطرسية، قبل أن يشارك الرئيس في تشييع جنازة الشهداء أمر بتحرك كل الجهات التى جاءت بتفاصيل الحادث وضبط المتهمين المشاركين فى الحادثة الشنيعة؛ ليعلن رئيس مصر خلال التعزية أنه لن يستطيع أحد هز مصر والنيل من وحدتها وسلامتها.
شجرة المحبة
ميلاد المسيح كاتدرائية جديدة.. «مصر لن تسمح لأحد بأن يؤثر على وحدتها الوطنية، لا أحب لفظ فتنة طائفية لأننا واحد، وهنفضل واحد»، جانب من كلمة الرئيس السيسي عقب الافتتاح في 2017، مطالبًا الجميع بالحفاظ على المحبة بقوله: «شجرة المحبة التي غرسناها سويًّا هي محبتنا لبعضنا البعض، وتحتاج للحفاظ عليها وتكبيرها حتى تخرج ثمارها من مصر إلى العالم كله، وهي المحبة والتسامح والتآخي بين الناس وبعضها».
تغيرت واجهة مصر، وعلى طول الخط تشهد المواقف لا الكلمات فحسب، ويتلمس محبة القيادة الكنيسة والأقباط عمومًا للرئيس الذى استطاع عن يخطو بثبات لتحقيق دولة واحدة تضم شعبا واحدا دون تمييز، ولعل كلماته ورسائله دومًا نموذج ودرب يسلك فيه كل مسئول، وسبق وأكد خلال أحد الاحتفالات: «البلد دي بلدنا كلنا ومحدش ليه زيادة أو نقص، وطول ما إحنا مع بعض محدش يقدر يعمل فينا حاجة»؛ لم تتوقف اللقاءات والاجتماعات والاستضافات بين الرئيس والقيادات الكنسية التى حرص دومًا على الاجتماع بهم، وأن يستضيف كل الضيوف والزائرين الرسميين للكنائس منها اجتماعه بمجلس كنائس الشرق الأوسط والقيادات الحاضرة، واستقبال جاستن ويلبي، رئيس أساقفة كانتربري بالمملكة المتحدة وغيرها من المواقف لتعزيز موقف كنائس مصر أمام واجهة العالم أجمع، ومن بين قرارات التى تخدم الكنيسة أصدر الرئيس قرارين رقم 80 و81 لسنة 2021 بتشكيل هيئتي أوقاف الكنيستين الإنجيلية والكاثوليكية، فإن الرئيس يكتب عهدا جديدا من المواطنة والمحبة والسلام وإرساء قاعدة الإخاء بين المصريين دون تفرقة أو تمييز.