قبل نحو 10سنوات من الآن، شاء القدر أن يلتقي شاب بآخر يقطن بذات منطقته في حي فيصل بالجيزة، وجرى بينهما تعارف، تخطى ذلك وصولاً لصداقة قوية ومتينة، ورغم أن ظروف وأعباء الحياة قادت كل شخص منهما للتواجد في مكان بعيداً عن الآخر، إلا أن المكالمات الهاتفية واللقاءات لم تنقطع يوماً من الأيام بين الصديقان، دون أن يدري الأول أن موته سيكتب الفصل الأخير في تلك القصة.
"محمود" الشاب صاحب ال ٢٨ عاما، والذي يقيم في منطقة الخصوص، كرس حياته في البحث عن الرزق الحلال، من أجل توفير متطلبات أسرته، خاصة أنه متزوج ولديه طفلين، فكان لا يشغل باله العمل فقط، ثم كسب رضاء والدته، طمعا في المزيد من دعواتها له.
"محمود كان راجل من يومه"، هكذا تحدثت " سمر" شقيقه المجني عليه، عن شقيقها، الذى تحمل "الشقى بدرى بدرى" بحد وصفها، مضيفة، كان "محمود" أكثر من يعمل بالمنزل، ويرضى بأقل شىء، قنوع زاهد، لا يعرف طريق الحرام ولا ينفق أمواله فى ترفيه، وإنما مشغول طول الوقت بمساعدة والدته.
وتابعت:" فى الوقت الذى كان أصدقاء "محمود" يجلسون على المقاهى، ومشغولين بتصفح السوشيال ميديا، كان اخي يقف علي "عربية حلويات" لبيع " الزلاباية" للأهالي هنا بالخصوص، بحثًا عن الرزق الحلال، بحد حديث شقيقته لـ"البوابة"، مستطردة: " كان بيصعب عليا ، فقد كان يقف طوال اليوم من أجل جمع أكبر قدر من المال لمساعدتنا، رغم إصابته بعجز في يديه أثر تعرضه لحادث انقلاب دارجة نارية قبل سنوات.
واوضحت:" شقيقي كان من وقت لآخر يذهب لمنطقة فيصل بالجيزة، حيث مسقط رأسنا الأصلي، من أجل أن يلتقي بصديقه " عبد الدايم" وشهرته" موزة" والذي جمعت بينهما علاقة صداقة استمرت لسنوات، وكانت اتصالات الصديقان تتواتر، بسبب إقامة شقيقي في الخصوص وبعد المسافة بينهما والتي تحول دون لقائهما، حتي طلب منه "موزة" أن يذهب إليه، نهاية شهر مايو الماضي، وهو الأمر الذي قوبل بالموافقة من شقيقي، وبعدما أنتهي من عمله صعد نحو الشقة وأخبر والدته أنه ذاهب للقاء اصدقائه، وطلب منها العناية بأطفالة الصغار كأنه يدري أنه لن يعود مرة ثانية.
واضافت شقيقه الضحية:" توجه شقيقي نحو منزل صديقه في فيصل بالجيزة، حاملًا معه وجبة عشاء وتناولاها سويًا، وسط حضور عدد من اصدقائهم وخلال الجلسة قطع أخي سلسلة فضة يلبسها " موزة" ، فقال له موزة : "تعال نلعب جولة، ولا شكلك كبرت وعجزت"، لينهى حياته بـ5 طعنات في الصدر والرقبة"، وبعدها ورد إلينا اتصال من احد أصدقائه أخبرنا أن شقيقي قتل علي يد " موزة" اخي وكان يردد قبل وفاته :"كده تضربنى غدر علشان سلسلة، إحنا لسه واكلين في طبق واحد"، تكمل الأخت: "موزة رش على وجه أخي إسبراى مخدر علشان ما يشوفش قدام منه".
واستطردت:"موزة ألقى شقيقي في الشارع، بعد قتله والتف النّاس حوله وطلبوا سيارة إسعاف، لكنها كان قد لفظ أنفاسه الأخيرة قبل الوصول إلي المستشفي، وكانت الفاجعة في انتظارنا انا وامي عند بوابة الدخول وهى تسأل عن مكان تواجد الابن، قال لنا العاملون : "ادخلوا شوفوه في التلاجة".
واردفت:" زوجة المجنى عليه فقدت النطق بعد قتل زوجها، العائل الوحيد لها ونجليهما "آدم"، سنتين، و"أنس"، 4 أشهر، واستلزمت حالتها الصحية نقلها إلى المستشفى، وطالبت بسرعة القصاص لشقيقها من القاتل مختتمة بقولها:" لن يريح قلوبنا سوي إعدام القاتل".