صرح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أن الإسلام دعا المسلمين إلى المشاركة والتعاون مع المجتمعات التي يعيشون فيها,، حتى ولو كانت غير مسلمة، وألا يكونوا جماعات منغلقة على نفسها لا تتصل ولا تتواصل مع غيرهم من أهل البلاد التي يعيشون فيها.
وتابع "جمعة" حديثة مردفًا: لئلا ينفر منهم الآخر ولا ينبذهم، قال تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ) [الممتحنة:8]، قال الكواشي: إنها نزلت رخصة في صلة الذين لم يعادوا المؤمنين ولم يقاتلوهم. وقال القشيري: من كان فيهم حسن خلق، أو للمسلمين منهم رفق، أمروا بالملاينة معهم، ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين عائشة رضى الله عنها حين ردت على اليهود قولهم: «السلام عليكم» فقال: «مهلا يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله» (البخاري , والبحر المديد ).
وقال الدكتور علي، عبر حسابه الشخصي على فيسبوك، إن الدارقطني قد حكى أن عبدون وزير المعتضد وكان نصرانيا دخل على القاضي إسماعيل فقام له ورحب به، فرأى إنكار من عنده فقال: علمت إنكاركم وذكر آية الممتحنة وهذا رجل يقضي حوائج المسلمين، وهو سفير بيننا وبين المعتضد، وهذا من البر، فسكت الجماعة عند ذلك (تاريخ بغداد).
واختتم "جمعة" حديثة قائلًا: هذا النموذج الذي وضعه الإسلام للتعايش السلمي مع الآخر، قد طبقه المسلمون الأوائل حين هاجروا إلى الحبشة هربا من اضطهاد مشركي مكة, فاندمجوا في المجتمع وتعاملوا مع الأحباش، وتاجروا معهم، وأخذوا وأعطوا، بل لقد دعوا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده، وفرحوا بنصرته، وتذكر بعض الروايات أن المسلمين قد تعاونوا مع النجاشي في حربه مع عدوه، ولعلهم رأوا في ذلك نصرة للحق وردا للمعروف، فقد روي أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قاتل بالحبشة مع العدو الذي كان قصد النجاشي، وإنما فعل ذلك; لأنه لما كان مع المسلمين يومئذ آمنا عند النجاشي فكان يخاف على نفسه وعلى المسلمين من غيره، فعرفنا أنه لا بأس بذلك عند الخوف. كما روي أن الزبير بن العوامرضي الله عنه قاتل مع النجاشي عدوا له، فأعطاه العنزة التي صارت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.