قال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، إن كثيرًا من المفسرين أكدوا أن شجر السدر المذكور فى القرآن الكريم من أشجار الجنة، حيث جاء فى سورة الواقعة آيات 27 – 30 }وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ. فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ{ وجاء فى سورة سبأ آية 16 }وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَي أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ{ وجاء فى سورة النجم آيات 14- 15}عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى{ والسدرة فى تفسير الطبرى هى شجرة النبق وقيل لها سدرة المنتهى لأنه إليها ينتهي علم كل عالم.
وذكر السيوطي أن أهل الطائف كانوا يعجبون بواد عندهم يسمى “وج” وكان وافر الظلال كثير أشجار الطلح والسدر، وكانوا يسمعون عن الجنة ووصفها ونعيمها فقالوا يا ليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي، فأنزل الله سبحانه وتعالى }وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ{ والسدرة شجرة مباركة حيث ذكرها أبو نعيم في كتابه الطب النبوي " أن آدم عليه السلام لما هبط إلى الأرض كان أول شيء أكل من ثمارها النبق.
وفى إطار ذلك يرصد الدكتور ريحان معالم مدينة القصير فى جولة مع المرشدة السياحية منى فريد بمدينة القصير موضحًا أن بيوت القصير تتميز باحتضانها لأشجار السدر بمعدل شجرتين أمام كل منزل، وتبعد القصير ١٥٠كم جنوب الغردقة وتتبع محافظة البحر الأحمر، ويرجع تاريخها إلى القرن ١٥ قبل الميلاد وكانت تسمى "ثاجلو" و منها خرجت رحلة حتشبسوت الشهيرة إلى بلاد بونت، وفي العصر الروماني سميت "ليوكوس ليمن" أي الميناء الأبيض وكانت ميناء تجاري هام وجاء اسم قصير بعد الفتح الإسلامي ويُقال أنّ إطلاق اسم «القصير» على المدينة يرجع إلى أنها أقصر مسافة تربط بين صعيد مصر والبحر الأحمر وفي الماضي كانت الطريق الوحيد الرابطة بينهما.
في عام ١٥٧١ بني السلطان العثماني سليم الأول حصن القصير لحماية الميناء التجاري ولتأمين آلاف المسلمين أثناء مرورهم بالمنطقة في طريقهم للحج. و في ١٧٩٩ لاحظ الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت الأهمية الإستراتيجية للمدينة وبعت سفنه الحربية للاستيلاء عليها لكن مدافع الحصن دمرتها لكن الأسطول البريطاني قصف حصن القصير بقوة
أعاد محمد على باشا بناء الحصن سنة ١٨٢٠ لاستخدمه كقاعدة لحملاته العسكرية و في سنة ١٨٥٠ افتتح خط السكك الحديدية الرابط بين السويس والقاهرة و هنا بدأ التجار والحجاج يستخدموا ميناء السويس لسهولة السفر إليه وبعد افتتاح قناة السويس ١٨٦٩ تضاءلت أهمية القصير كمدينة تجارية.
بدأت شركة البحر الأحمر الإيطالية للفوسفات تستثمر في المنطقة سنة ١٩١٠، وكعادة الطلاينة جاءوا بفن وعمارة هندسية رائعة وشيدوا مستشفى و مدرسة وكنيسة القديسة باربرا " حامية المناجم " وحتى الآن كنيسة السيدة العذراء مريم للأقباط الأرثوذكس وفي المدينة مجموعة من الآثار الإسلامية ترجع إلى عهود مختلفة مثل مسجد وضريح الشيخ الفران ١٧٠٤، وضريح الشيخ أبي الحسن الشاذلي الذي أنشئ عام ١٨٩٢.
وبعد انتهاء عصر التعدين تحولت القصير إلى مدينة سياحية صديقة للبيئة، خاصة بتميزها بمناطق شعاب مرجانية خلابة تجذب أعدادًا كبيرة من هواة الغطس وهناك قواعد وتعليمات بمراكز الغوص لحماية الحياة البحرية في البحر الأحمر ومنها عدم السماح للمراكب أن تلتقي مراسيها في منطقة مرسي أبو دباب المجاورة للقصير التي تعتبر موطنًا طبيعيًا لحيوانات Dugong " بقر البحر" المهدد بالانقراض.
وتضم القصير موقع يطلق عليه الشونة لتخزين الحبوب مثل القمح والعدس القادمة محملة على الجمال من وادي النيل فى حراسة قبيلة اسمها العبابدة، وكانت تصدر عن طريق البحر الأحمر إلى السعودية.
وتضم القصير ثاني أكبر مخزون للفوسفات في منطقة العطشان والحمراوين، ومنجم ذهب في منطقة بالفواخير علاوة على مناجم جرانيت و الرمال البيضاء و الرخام (خاصة الرخام السماقي الأحمر الإمبراطوري شديد الندرة).