أيام قليلة ويأتي ٣٠ يونيو، ذلك التاريخ الهام جدا فى حياة مصر والمصريين، التاريخ الذى توحدت فيه إرادة شعب، فانتفض وثار وخرج الى الشوارع - فى حماية جيشه - لينهى حكم وطغيان جماعة الإخوان الإرهابية ويضع نهايتها، فى مشهد تاريخى أبهر العالم بأسره، وتحطمت فيه مؤامرة الربيع العربى التى أسقطت دولا شقيقة، لكن انتصرت عليها إرادة المصريين.
حينما أعود بالذاكرة لما كنّا عليه قبل هذا التاريخ واقصد بالطبع حينما كانت مصر تحت الاحتلال الإخوانية- وهو من وجهة نظرى اسوء احتلال تعرضت له المحروسة- أستطيع ان أصف ثورة ٣٠ يونيو انها الثورة الام، الثورة الحقيقية فى تاريخ مصر الحديث التى انقذت هذا البلد من مصير اسود كان لا قدر الله سيدفعه اليه الاخوان المتخلفون الارهابيون.
لم يكن هناك خطر حقيقى على مصر حينما قامت ثورة يوليو ٥٢، واختلفت الآراء واثير الكثير من الجدل حولها لانحراف المسار وتردى الأوضاع ثم هزيمة ٦٧، وهى على اى حال لم تكن ثورة شعبية بل كانت حركة قام بها مجموعة من الظباط للإطاحة بحكم الملك.
لم يكن أيضا هناك خطر يهدد الأمن القومى المصرى او تهديدا لسيادة الدولة على حدودها او أراضيها مما أدى الى قيام ثورة يناير ٢٠١١ بل انها قامت للقضاء على حكم ديكتاتورى استمر لعقود طويلة وتسبب فى انتشار الفساد وتردى الأوضاع، ثم حدث ما حدث بعد ذلك وأدى الى ان كثيرا من المصريين اضحوا يكرهون هذا اليوم الذى تسبب فى الكثير من الخراب والأسوأ أنه أتى بالإخوان الى سدة الحكم.
إذا تبقى ثورة ٣٠ يونيو كما ذكرت هى الأهم فى تاريخنا الحديث. ثورة قلما تحدث فى بلد اخر سوى هذا البلد الذى ابهر العالم منذ ألوف السنين بأقدم حضارة إنسانية، وما زال يبهره بإرادة وتحدى لن ترى لهما مثيلا فى شعب او بلد اخر. هل رأيت او يمكن ان ترى فى بلد اخر اكثر من ثلاثين مليون مواطن يندفعون فى الشوارع متحدين النظام الحاكم وغير مبالين بالمخاطر التى يمكن ان يتعرضوا لها ؟ هل رأيت من قبل هذا التحالف والتناغم المذهل بين شعب وجيشه واجهزته الأمنية، هل تذكرون الطائرات العسكرية التى كانت تحلق بحب فى السماء لحماية جماهير المتظاهرين الذين كانوا يصفقون ويهللون لها فى مشهد رائع لن تراه فى بلد اخر. هل رأيت مثل هذا التالف والترابط بين مسلمى مصر وإقباطها فى بلد اخر بالرغم من كل المحاولات الحقيرة التى قام بها الاخوان واتباعهم لاثارة الفتن كان من بينها حرق الكنائس فرد أقباط مصر على لسان البابا تاوضرس بكلمته الشهيرة ( وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن ).
الاختلاف الحقيقى بين ثورة ٣٠ يونيو وغيرها ان هذه ثورة حقيقية قام بها شعب مصر وجيشه وكل اجهزة الدولة. قام بها الرجال والنساء والشباب الذين تواجدوا جميعا فى الشوارع وغنوا ورقصوا على أنغام (تسلم الأيادي، تسلم ياجيش بلادى) مسلمين واقباط فى جميع محافظات وقرى وربوع مصر يحميهم جيشهم العظيم ليحرروا بلدهم من هذا الاحتلال الغاشم وتستيقظ مصر من هذا الكابوس. ثورة قام بها شعب واختار لها قائد وأحسن الاختيار هذه المرة فجاء عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع المصرى ألوطنى المخلص الذى انحاز الى شعبه وبلدة وتحدى وخاطر بمنصبه ومستقبله بل بحياته وحياة أسرته وما زال يتحدى ويخاطر من اجل وطنه وشعبه.
تحية لثورة ٣٠ يونيو فى ذكراها، تحية لشعب مصر وجيشها وأجهزتها الأمنية، تحية لرئيسها عبد الفتاح السيسي وتحيا مصر.