كشفت دراسة حديثة للأمم المتحدة عن أن 90% من القتلى والمصابين جراء استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان هم من المدنيين.. مؤكدة أن الالتزام الحكومي الدولي بمعالجة الضرر الإنساني الناجم عن استخدام هذه الأسلحة في المدن والبلدات والقرى، يعد خطوة رئيسية نحو حماية أولئك، الذين وقعوا في دائرة الصراع.
وذكرت الدراسة، بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أن العالم لمس الضرر المدمر، الذي تسببه الأسلحة المتفجرة على المراكز السكانية مرارا وتكرارا، من سوريا إلى إثيوبيا وميانمار والعراق، وصدم تدفق الصور القادمة من أوكرانيا الكثيرين، إضافة إلى الوفيات، كما يعد استخدام هذه الأسلحة سببا لضرر طويل الأمد، إذ يدمر سبل العيش والبنية التحتية الحيوية، مثل مرافق الرعاية الصحية.
من جانبه، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، باستمرار الدول في الالتزام بتجنب استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، مشيرا إلى أن الدراسة الأممية تضمنت التعريف بالأسلحة المتفجرة، وتأثير هذه الأسلحة على السكان المدنيين، وبعض الطرق التي تعمل بها الدول والأمم المتحدة والشركاء في جميع أنحاء العالم للحد من تداعياتها على الإنسان.
وأكدت دراسة الأمم المتحدة أن الأسلحة المتفجرة هي منظومات تستخدم ذخائر أو أجهزة ينتج أثرها المدمر الأساسي عن تفجير مادة شديدة الانفجار، ما يؤدي إلى نشوء منطقة عصف، وهناك العديد من أنواع الأسلحة المتفجرة المختلفة، التي تستخدمها القوات العسكرية الوطنية والجماعات المسلحة من غير الدول.
وبينت أن أبرز الأمثلة على ذلك الأسلحة النارية غير المباشرة، مثل المدفعية والصواريخ وقذائف الهاون والأسلحة، التي تطلق صواريخ، مثل أنظمة الصواريخ متعددة الإطلاق، القنابل الكبيرة، التي تُلقى من الجو والبحر، صواريخ باليستية سطح - أرض والعبوات الناسفة، كما تشكل الأسلحة المتفجرة ذات «الآثار الواسعة» مجموعة فرعية رئيسية من الأسلحة المتفجرة، وهي تشمل الأسلحة، التي تستخدم ذخائر ذات نصف قطر مدمر كبير أو تلك، التي تطلق في صواريخ أو التي تطلق ذخائر متعددة على مساحة واسعة.
وأشارت الدراسة إلى أن خوض النزاعات المسلحة بشكل متزايد في المراكز السكانية، أدى للتوسع الحضري للحرب وإلى آثار مدمرة وموثقة جيدًا على المدنيين، غالبا بسبب استخدام أنظمة الأسلحة المصممة لساحات القتال المفتوحة التقليدية، وللكثير من هذه الأسلحة آثار متوقعة وعشوائية عند استخدامها في المناطق المأهولة بالسكان، وتؤدي إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين وإلى آثار إنسانية مدمرة.
وذكرت الدراسة الأممية ماهية الآثار والعواقب الإنسانية لاستخدام هذه الأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان، ويأتي في مقدمتها، أنه عندما تُستخدم الأسلحة المتفجرة في القرى أو البلدات أو المدن أو غيرها من المناطق المأهولة بالسكان، فإنها تخلق نمطا ثابتا من الضرر الفوري وطويل الأمد بالنسبة للمدنيين، مما يدمر الأرواح وسبل العيش والبنية التحتية الحيوية.
وأضافت أن ثاني الآثار للمدنيين تتمثل في آثار غير مباشرة وطويلة الأجل للأسلحة، التي يشار إليها أيضا بآثار ارتدادية.. مشيرة إلى أن الأطفال معرضون على نحو خاص لأشكال مختلفة من الصدمات النفسية أو العاطفية، في حين تتمثل ثالث الآثار في تعرض مرافق الرعاية الصحية للقصف، مما يعيق تقديم الرعاية الطبية، وتتعرض المساكن والبنية التحتية الأساسية، مثل مياه الشرب ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي وأنظمة الإمداد بالكهرباء، للضرر أو التدمير، مما يزيد من مخاطر وانتشار الأمراض ويزيد من أعباء نظام الرعاية الصحية.
وتابعت الدراسة أن التأثير الرابع لاستخدام الأسلحة المتفجرة هو احتمالية تفجير المدارس، مما يؤدي إلى انقطاع أو وقف الوصول إلى التعليم، ويشكل خطرا كبيرا على الأطفال وغالبا ما يكشف عن عدم المساواة بين الجنسين، ويمكن أن يساهم استخدام هذه الأسلحة في المناطق المأهولة أيضا في نزوح واسع النطاق، مما يجبر الناس على مغادرة منازلهم، غالبا لفترات طويلة وفي ظروف محفوفة بالمخاطر.
وأشارت إلى أن استخدام هذه الأسلحة دائما ما يترك مخلفات الحرب القابلة للانفجار التي يمكن أن تقتل وتجرح المدنيين، ولا سيما الأطفال، حتى بعد فترة طويلة من انتهاء الأعمال العدائية، كما يمكن للمخلفات أن تمنع أو تؤخر أعمال إعادة الإعمار أو الإنتاج الزراعي، وكذلك عودة اللاجئين والمشردين.
وبحسب الدراسة الأممية وضعت الأمم المتحدة وشركاؤها، روشتة لتقليل عدد القتلى المدنيين، تتضمن الروشتة للعلاج عدة نقاط، أولًا: أنه منذ عام 2009، يدعو الأمناء العامون للأمم المتحدة، بمن فيهم أنطونيو جوتيريش، مرارا وتكرارا أطراف النزاع إلى تجنب استخدام هذه الأسلحة، لا سيما من خلال جدول أعمال نزع السلاح، الذي يلتزم بدعم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في وضع إعلان سياسي يتناول استخدام الأسلحة المتفجرة، في المناطق المأهولة بالسكان، فضلًا عن القيود والمعايير المشتركة والسياسات التشغيلية، بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني.
وتمثلت النقطة الثانية للروشتة في أنه في عام 2019، ناشد جوتيريش، جنبا إلى جنب مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أطراف النزاع استخدام الاستراتيجيات والتكتيكات التي تبعد القتال عن المناطق المأهولة بالسكان ومحاولة الحد من القتال في المناطق الحضرية تماما، في حين جاء ثالث عناصر روشتة العلاج في التوثيق الكامل للتأثير الإنساني على الأمد القصير والطويل لاستخدام الأسلحة المتفجرة،في المناطق المأهولة بالسكان، بما في ذلك جمع البيانات عن الضحايا المدنيين، هو المفتاح لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
وتحدث البند الرابع للروشتة عن قيام الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات غير الحكومية، في جميع أنحاء العالم بنشر العديد من الدراسات لإثراء النقاش وتحسين السياسات والممارسات العسكرية، أما آخر عناصر روشتة العلاج وهو تبني بعض القوات العسكرية سياسات لتجنب أو تقييد استخدام أسلحة متفجرة معينة في مواقف معينة من أجل حماية المدنيين بشكل أفضل، مثل القوة الدولية للمساعدة الأمنية في أفغانستان وبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال.
وأكدت الدراسة الأممية أن هذه الجهود قد حققت بعض النجاحات والتي تتمثل في قيام ائتلافات الحكومات والمجتمع المدني، بحملات ناجحة لإبرام صكوك جديدة تعالج الضرر الإنساني، مثل اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، واتفاقية الذخائر العنقودية، وإعلان المدارس الآمنة.
وذكرت الدراسة أنه منذ عام 2010، قادت الجهات الفاعلة الإنسانية، بما في ذلك المجتمع المدني، جهودا لزيادة الوعي حول الأثر الإنساني العشوائي والخطير لاستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان.
وقد أعرب الأمين العام عن دعمه الكامل لهذه العملية، ويواصل الدعوة لإعلان سياسي يتضمن التزاما واضحا، بتجنب استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان.
وأكدت الدراسة أن اعتماد إعلان سياسي بشأن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة، من شأنه أن يقطع شوطا طويلًا نحو الحد من الأضرار الإنسانية المرتبطة بذلك، من خلال الاعتراف بأن الصراع لا يمكن خوضه في المناطق المأهولة بالسكان بنفس الطريقة التي يتم خوضها في ساحات القتال المفتوحة.
وطالبت الدراسة بضرورة أن تلتزم الدول بوضع سياسات تنفيذية تستند إلى افتراض عدم استخدام الأسلحة المتفجرة، في المناطق المأهولة بالسكان لتعزيز تغيير السلوك، وتعزيز الخطوات الملموسة ل حماية المدنيين وتعزيز الامتثال للقانون الدولي الإنساني في نهاية المطاف.
وشددت الدراسة الأممية على أنه رغم هذه الجهود لتقليل أثار استخدام الأسلحة المتفجرة وتأثيراتها المدمرة، فإنه لا تزال عملية التشاور لوضع إعلان سياسي دولي يعالج الضرر الإنساني الناجم عن استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان - بقيادة أيرلندا - مستمرة منذ عام 2019، بعد سنوات من جهود الدعوة الثابتة، بعد فجوة بسبب الجائحة، اجتمعت الدول في أبريل الماضي للتفاوض بشأن إعلان سياسي، من المتوقع أن ينتهي في يونيو 2022.
العالم
الأمم المتحدة: 90% من ضحايا استخدام الأسلحة المتفجرة من المدنيين
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق