تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم بتذكار رحيل الأنبا أبرآم أسقف الفيوم والجيزة والذى رحل عن عالمنا في العاشر من يونيو عام 1914 م هذا القديس الذي عاش محبا للعطاء والفقراء والمساكين دارسا للكتاب المقدس متبحرا فيه زاهدا بسيطا قويا في دفاعه عن تعاليم الكتاب المقدس رجل صلاة ومعجزات رافضا الطلاق معلما لا طلاق علي الأطلاق لأن الزواج علي مثال المسيح بالكنيسة وكان دائما يقول (لا حوزنا ولا عوزنا ) يعني لا أدخرنا مالا ولا أحتجنا
*ميلاده ونشأته:
ولد بولس(يعني الصغير) غبريال في سنة 1545 ش ( 1829م ) بعزبة جلدة مركز ملوي مديرية المنيا (دلجا التابعة لمركز دير مواس المنيا قبلا)
من والدين تقيين فربياه تربية مسيحية وأدخلاه الكتاب وتعلم تحت قدمي المعلم روفائيل، فتلقي فيه العلوم الدينية والتراتيل الكنيسةوحفظ المزامير ومردات القداس وتعلم الحساب ومبادئ القراءة والكتابة بالقبطية والعربية وفي الثامنة من عمره توفيت أمه (1837م ) وفي الخامسة عشر من عمره ، عندما أظهر نبوغا بين أقرانه رسمه الأنبا يوساب أسقف صنبو وديروط وقسقام شماسا(1844م) علي كنيسة بلدته
*رهبنته:
ومال قلبه إلى الرهبنة فقصد دير السيدة العذراء الشهير بديرالمحرق العامر في رئاسة القمص عبد الملك الهوري (رئيس دير المحرق في ذلك الوقت ) ورسم راهبا بعد فترة أختبار ألبسوه شكل وثوب الرهبنة في سنة 1848م (1564 للشهداء الأطهار) بإسم الراهب بولس غبريال الدلجاوي المحرقي في التاسعة عشر من عمره.
*القديس وكيلا لمطرانية المنيا:
*ويذكر كتاب السنكسار الذى يختص بذكر كافة الإحتفالات والأعياد والمناسبات الخاصة بالكنيسة أن القديس الأنبا أبرآم كان وديعا متواضعًا طاهر السيرة كثير الإنفراد للصلاة فأحبه الرهبان حبا جما وسمع به وقتئذ الأنبا ياكوبوس مطران المنيا فاستدعاه إليه وأسند أليه وكالة المطرانية ورسمه قسا فظل يمارس أعمال الرحمة والتوزيع علي الفقراء حتي صارت المطرانية ملاذا المساكين وأصحاب الحاجات وبعد أربع سنوات ٱثر العودة إلي الدير حبا في الأعتكاف ومواصلة الجهاد الروحاني فعاد إلي ديره في نحو سنة 1863م
*القديس رئيسا لدير السيدة العذراء الشهير بدير المحرق العامر:
في سنة 1866م (1582ش ) اتفق رأي الآباء الرهبان علي تزكية القمص بولس الدلجاوي المحرقي رئيسا للدير ودامت مدة رئاسته أربع سنوات وثلاثة أشهر أزدهرت فيها الحياة الرهبانية بالدير وأهتم بتعمير الدير وكان ملجأ وملاذ للفقراء والمساكين مما هيج عليه عدو الخير فاثار عليه البعض
*التجربة الصعبة وتلاميذه:
في عام 1870م بعد نياحة البابا ديمتريوس الثاني البطريرك (111) وكان الأنبا مرقس مطران البحيرة نائبا بطريركيا توجه أحد عشر راهبا من دير المحرق للبطريركية مطالبين بعزل القمص بولس غبريال الدلجاوي من رئاسة الدير وكفوا ستة أشهر تقريبًا علي الإنتقال ما بين القاهرة وأسيوط ساعيين لعزل المغبوط القمص بولس حتي نفذوا ما أرادوا بواسطة تدخل الحكومة.
*تلاميذ القمص بولس غبريال الدلجاوي المحرقي:
وغادر معه مجموعة من تلاميذه الذين صاروا فيما بعد قادة للكنيسة منهم أساقفة ومطارنة منهم:
1-القمص أقلاديوس الميري فيما بعد الأنبا بطرس مطران كرسي أسمرة بالحبشة (1881-1922م )
2- القمص أقلاديوس الخالدي فيما بعد الأنبا متاؤس مطران كرسي أديس أبابا بالحبشة (1881-1926م)
3-الأنبا مرقس مطران أسنا (1881-1914م)
4-القمص سليمان الجاولي
5-القمص ميخائيل المصري
*المعلم والتلميذ:
أراد القمص ميخائيل البحيري المحرقي أن يغادر الدير مرافقا معلمه وأبيه الروحي ولكن القمص بولس غبريال الدلجاوي المحرقي أقنعه بالبقاء ليكون خميرة مباركة للدير وقال عبارته المشهورة:
(دعوه في الدير ولا تحرموا المجمع من وجود رجال الله القديسين لئلا يكون محاطا بالغضب الإلهي دعوه فإن هذا يعزينا عن عملنا وتعب أيدينا ويكون بركة في هذا المكان )
*أسقفا للفيوم والجيزة (1881-1914م):
أختاره البابا كيرلس الخامس (112) أسقفا لأيبارشية الفيوم والجيزة بدلًا من أسقفها المتنيح الأنبا إيساك فتمت رسامته بإسم الأنبا أبرآم(أب عال) وأشتهر في مدة أسقفيته بأمرين الأول، عطاياه للفقراء الكثيرين الذين كانوا يقصدون دار الأسقفية فيهبهم كل ما يكون لديه من المال، وقد جعل دار الأسقفية مأوي لكثيرين منهم، وكان يقدم ثيابًا للعريانين وطعاما للجائعين ولم يسمح مطلقًا بأن يقدم إليه طعام أفخر مما يقدم للفقراء وكان أبا للجميع مسلمين ومسيحيين
*مدة أسقفيته وصفاته:
قضي في الأسقفية ثلاثة وثلاثون عاما صرفها في أعمال الرحمة وقد تميز نيافته بثلاث صفات (زهده في المال
وإحتقاره في أباطيل العالم ومظاهره مما أذهل وأدهش مرتاديه وزواره -حبه للعبادة من صلوات حارة واصوام وزهد وتقشف ووصل لمرتبة الآباء السواح وكان يصلي كناسك ال مائة والخمسون مزمورا وكان يقرأ الكتاب المقدس كاملا مرة كل أربعين يوما -الأيات والمعجزات والعجائب الكثيرة التي أجراها الله علي يديه وإذا غضب علي أحد (وقلما كان يغضب) أصيب المغضوب عليه بأذي محقق...لذلك علي الرغم من بساطته محبوبا ومهابا من الجميع وقد رفض اﻷنيا إبرام الترقية لرتبة مطران معللا أنها لم تذكر في الكتاب المقدس
*نياحته (وفاته): تنيح في مساء الثلاثاء 9 يونيو سنة 1914م(2 بؤونة 1630ش )عن عمر يناهز 85 عاما قضي 18 عاما في العالم قبل الرهبنة و34سنة في الرهبنة بما فيها4سنوات وكوكيل لمطرانية المنيا وخمس سنوات كرئيس لدير المحرق و33سنة أسقفا للفيوم والجيزة وقد رأي حكمدار الفيوم آنذاك (سليم صائب ) في تلك الليلة خيولا وركابها المحيطين بها وهم يصرخون إكئواب..إكئواب..وقال الحكمدار لزوجته "يظهر أن أسقف النصاري قد مات "ثم مضي إلي أحد اﻷقباط وسأله ما معني إكئواب ﻷني سمعت هذه الكلمة تتردد من قوات ماشية في السحاب ومحيطه باﻵنبا إبرآم فأوضح معناها هي قدوس...قدوس وقد قدر الذين شيعوه من اﻷقباط والمسلمين بخمسةوعشرين ألفا ودفن بالفيوم ثم تم نقل الرفات في 6 مايو 1978م لدير العزب الذي يقع جنوب الفيوم بحوالي 5 كم. *إعتراف المجمع المقدس بقداسته: أعترف المجمع المقدس للكنيسة القبطية اﻷرثوذكسية بقداسته سنة 1963م في أول إجتماع له برئاسة المتنيح مثلث الرحمات قداسة البابا كيرلس السادس (116) وبحضور اﻷنبا شنودة الذي كان أسقفا للتعليم في ذلك الوقت (مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث 116) وقد ذكر لي المتنيح مثلث الرحمات الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا أن اﻷنبا لوكاس اﻷول مطران منفلوط (كان قبلا القمص عبد المسيح واصف المحرقي تلميذ القمص ميخائيل البحيري صاحب الموسوعة اللوكاسية) وقد أقترح أن يضم إلي المجمع المقدس بصلاة القداس والتسبحة القديس اﻷنبا إيرآم أسقف الفيوم والجيزة(الانبا شنودة اقترح الاسم ) وتلميذه القديس القمص ميخائيل البحيري(الانبا لوكاس اقترح الاسم ) والقديس اﻷنبا صرابامون أبو طرحة أسقف المنوفية فوافق الجميع دون إعتراض.
ومازال جسد اﻷنبا إبرآم يرقد في دير العزب بالفيوم ويوجد متحف بمقتنياته البسيطة التي تدل علي عظمة وقوة هذا الرجل حبيب الفقراء الذي أحب الجميع وقدم الخير للجميع مسيحيين ومسلمين مظهرا صورة رجل الله في أبهي جماله وورعة وتقواه (أهم المراجع السنكسار -أضواء علي دير السيدة العذراء المحرق إعداد الراهب القس دانيال المحرقي -كتاب المعلم والتلميذ القمص عبد المسيح شتا البرماوي -دير المحرق الانبا غريغوريوس)