"تؤمَّم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية، شركة مساهمة مصرية، وينتقل إلى دول جميع ما لها من أموال وحقوق عليها وما من وتحل جميع ولجان جميع ولجان القائمة على إداراتها"، كانت هذه هي الكلمات التي أعلن بموجبها الرئيس جمال عبد الناصر، خلال مؤتمر شعبي بالإسكندرية، تأميم قناة السويس، وذلك يوم 26 يوليو 1956.
ومنذ ذلك الحين يدير المصريون الممر الملاحي للقناة بكل احترافية، إلا أنه على الرغم من النجاحات المتواصلة للقناة حيث باتت واحدة من أهم مصادر الدخل القومي لمصر خلال العقود الأخيرة، إلا أن الشائعات تتواصل حول القناة وكان آخرها ما تداولته بعض المواقع وشبكات التواصل الاجتماعية حول إسناد مهمة إدارة القناة لشركة أجنبية.
إلا أن الحكومة المصرية تفاعلت سريعا مع هذه الشائعات حيث أصدر مجلس الوزراء بيانا، قبل ساعات قليلة، نفى فيه أي أنباء حول إسناد إدارة الممر الملاحي لقناة السويس إلى إحدى الشركات الأجنبية، وذكر بيان المجلس أن هيئة قناة السويس، أكدت أنه “لا صحة لإسناد إدارة الممر الملاحي لقناة السويس لأي من الشركات أو الموانئ الأجنبية”.
حقيقة إسناد إدارة قناة السويس لشركة أجنبية
وشددت الهيئة على أن قناة السويس وإدارتها ستظل مملوكة بالكامل للدولة المصرية وتخضع لسيادتها، كما سيظل كامل طاقم هيئة القناة من موظفين وفنيين وإداريين من المواطنين المصريين.. مُشيرةً إلى تحقيق القناة نموًا خلال شهر مايو الماضي بنسبة 23.6%، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، كما ارتفع عدد السفن العابرة بنسبة 12% خلال شهر مايو 2022.
وبحسب التقارير المنشورة على موقع هيئة قناة السويس فإن القناة نجحت خلال العام الماضي 2021، في تحقيق إيرادات تاريخية على الرغم من أزمة جنوح سفينة الحاويات العملاقة "إيفرجيفين" في القناة الأمر الذي عطل الملاحة في القناة لمدة 6 أيام.
قناة السويس نجاحات مستمرة.. وإيرادات تاريخية
وأفادت التقارير بأن القناة حققت إيرادات 6 مليارات دولار خلال المدة من يناير وحتى النصف الأول من ديسمبر2021، وكانت قناة السويس قد حققت إيرادات قدرها 5.6 مليار دولار عام 2020، ونحو 5.8 مليار دولار في 2019، وفق البيانات المتاحة على موقع الهيئة.
كما حققت قناة السويس أعلى إيراد شهري في تاريخها خلال نوفمبر 2021، والبالغ 571.3 مليون دولار، مع تحطيم القناة كل الأرقام القياسية التي سجلتها شهريًا، كما سجلت قناة السويس أعلى إيراد سنوي خلال العام المالي الماضي لمصر (2020-2021) -الذي يبدأ في يوليو من كل عام وينتهي يونيو من العام التالي- إذ بلغ 5.84 مليار دولار، وذلك مقابل 5.72 مليار دولار خلال العام المالي السابق له (2019-2020).
وخلال النصف الأول من 2021، شهدت حركة الملاحة بالقناة عبور 9 آلاف و763 سفينة بحمولات قدرها 610.1 مليون طن، وعوائد تقدر بنحو 3 مليارات دولار، مقابل 2.76 مليار دولار خلال الأشهر الـ6 الأولى من العام الماضي 2020.
وارتفع اجمالي عدد السفن العابر لقناة السويس خلال 2021 مع تحسن حركة التجارة العالمية، بعد ظهور لقاحات لفيروس كورونا المتسبب في اغلاق العديد من الدول خلال 2020 وتأثيره السلبي على الاقتصاد العالمي، إذ سجل عدد السفن العابرة للقناة خلال 2021 نحو 20.6 ألف سفينة، مقابل 18.81 ألف سفينة خلال 2020.
وبلغ عدد ناقلات النفط خلال يناير 2021 نحو 400 سفينة، وفي فبراير نحو 380 سفينة، فيما سجلت في مارس 363 سفينة، و418 سفينة في مايو، و393 سفينة في يونيو، و384 سفينة في يوليو، و440 سفينة في أغسطس، و453 سفينة في، و426 سفينة في أكتوبر.
خبراء: المصريون يديرون القناة باحترافية عالية
وفي هذا الشأن، بقول الربان الدكتور حمدي العربي، الخبير والمستشار البحري، إن المصريون يديرون القناة باحترافية عالية، فمصر تمتلك أمهر القيادات الملاحية والبحارة في العالم، كما يعمل على تشغيل القناة طاقم كبير من المهندسين والخبراء والفنيين غاية في الاحترافية.
وأضاف العربي في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" إن الدور الكبير للمصريين يظهر في أوقات الأزمات وهو ما حدث بالفعل عندما جنحت سفينة "إيفرجيفين" العملاقة في القناة، فلم ينجح في إنقاذها إلا المصريين، حتى القاطرة الهولندية الوحيدة التي شاركت في عملية الإنقاذ إلا جانب العشرات من القاطرات والمعدات المصرية كان يقودها قبطان مصري.
ولفت "العربي" إلى أن قناة السويس تمثل أهمية كبيرة لمصر فمن يمتلك قناة السويس هو بالفعل يمتلك مفتاح العالم، حيث تعد الممر الملاحي الأهم والأقصر في العالم لربط سلاسل التوريد الموجودة في الشرق، بمراكز الصناعة والدول المتقدمة في الغرب، كما أن قناة السويس بالحسابات البحرية فإن قصر المسافة يعني توفير أموال طائلة للسفن العابرة في القناة.
وتابع: "القناة توفر في الرحلة الواحدة ٤٢ ٪ من التكاليف، بحساب تكاليف تشغيل السفن والمسافة ومصاريف الشحن وغيرها، لذلك تعمل الإدارة الاحترافية لقناة السويس على تطوير عمليات تشغيل القناة باستمرار، وقريبا ستدار العمليات الدورية في القناة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (Artificial intelligence)، وذلك بعد إتمام تركيب بعض الأجهزة عالية الحساسية والاستشعار عن بعد والتي ستحول العمل في القناة إلى منظومة تعمل بشكل ديناميكي وفقا لأحدث التقنيات التكنولوجية.
ووافقه الرأي الدكتور شريف الدمرداش، أستاذ الاقتصاد، الذي أكد أن قناة السويس والموقع الجغرافي المميز لمصر يمنحون الدولة ميزة اقتصادية كبير إذ تعد القناة أقصر نقطة لربط البحر الأحمر والبحر المتوسط، ومسألة المسافة والزمن هما بالفعل الميزة الاقتصادية الأبرز التي تمنح قناة السويس التفوق على غيرها من طرق الملاحة في العالم.
وأضاف الدمرداش في تصريحاته لـ"البوابة نيوز" إن هذه الميزة النسبية تضع على كاتفنا عبء كبير الا وهو التطوير المستمر للقناة، ولهذا يجب أن تعمل مصر على التقييم الدوري لخدمات القناة وإدارتها، والسعي نحو تطوير القناة لتصبح أحد أهم المناطق اللوجستية في العالم، من خلال توفير التسهيلات اللازمة للمستثمر من أجل الشروع في إقامة مشروعاته في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وضرورة وضع أسعار تنافسية مع المناطق المماثلة في منطقة الشرق الأوسط.