كعادته صباح كل يوم خرج الشاب الثلاثيني، من منزله ليبدأ رحلته اليومية في السعي لكسب الرزق الحلال، من خلال عمله كسائق على سيارة أجرة "تاكسي" يجوب الشوارع والميادين أملًا في توفير بضعة جنيهات يعود بها لعائلته في المساء محملا بـ"بشاير الخير" لكنه لم يدر أن الراكضين خلف لقمة العيش أحيانًا يدفعون حياتهم ثمنًا في سبيل الحصول عليها، وهو ما حدث معه بالفعل، إذ استدرجه ثلاثة من الأشرار بحجة توصيلهم لأحد الأماكن، وعند وصوله إلى المكان الذى أرشدوه إليه، قتلوه وألقوا جثته داخل مصرف مائي، وفروا هاربين، لتبدأ بعدها سلسلة من الأحداث تكشفت عنها العديد من المفاجآت.
قبل وصول عقارب الساعة التاسعة صباحا، كان المقدم أحمد قدري، رئيس مباحث قسم شرطة الازبكية، قد وصل مكتبه للتو، ويتفقد دفتر النوبتجية، وينهى بعض الأعمال الإدارية اليومية قبل مغادرته للمرور على الكمائن والنقاط الأمنية بدائرة القسم، إلا أن السيناريو المُعد سلفا تبدد بعد ورود إشارة من الرائد عمر مسلم، معاون مباحث القسم، عبر جهاز اللاسلكي معلنا بداية ساخنة ليوم عمل جديد :" فيه سائق تاكسي مختفي وأسرته عملت محضر بالتغيب يا فندم"، اعتدل الضابط في جلسته لأهمية المعلومة التى تلقفتها أذناه للتو وأمسك هاتفه ليخطر اللواء نبيل سليم، مدير مباحث العاصمة بالواقعة، ليأمر بسرعة فحص البلاغ والوقوف على ملابساته.
في غضون دقائق تحولت وحدة مباحث القسم، لغرفة عمليات مصغرة، حيث اجتمع المقدم أحمد قدري، بمعاونيه وطالبهم بوضع خطة محكمة لكشف ملابسات الواقعة، وفحص علاقات الضحية والوقوف على وجود خلافات بينه وآخرين ، ومراجعة كاميرات المراقبة، وسماع أقوال شهود العيان من السائقين والعاملين في المحلات.
جهود البحث والتحري التي قادها الرائد عمر مسلم، معاون مباحث قسم شرطة الأزبكية، توصلت إلى أن آخر مشاهدات للمجني عليه كانت لدى توقفه بأحد الشوارع، وطلب ثلاثة أشخاص منه توصليهم إلى أحد الأماكن، وهنا بدت الصورة جلية أمام رجال المباحث، وأصبحت أكثر وضوحا، وبات فريق البحث الجنائي يطارد شخصا معلومًا وليس مجهول الهوية، فكانت الخطوة التالية هي تكثيف التحريات وجمع المعلومات عن المشتبهم بهم، وخلال ساعات نجح رجال المباحث في تحديد هويتهم.
عقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن من النيابة العامة، انطلقت مأمورية أمنية مكبرة ترأسها المقدم أحمد قدري، وتم إستهدافهم وأمكن ضبطهم وبحوزتهم بعض المتعلقات الخاصة بالسيارة المستولى عليها - ساعة يد - هاتف محمول "ملك المجنى عليه"- السيارة المستولى عليها).
وبمواجهتهم إعترفوا بارتكاب الواقعة حيث اتفقوا فيما بينهم على سرقة سيارة أجرة عقب التخلص من قائدها، وفى سبيل ذلك إستوقفوا المجنى عليه حال سيره بدائرة القسم وطلبوا منه توصيلهم لإحدى المناطق بمحافظة القليوبية، وفور وصولهم قاموا بالإعتداء عليه مما أدى إلى وفاته ثم قاموا بإلقاء الجثة بأحد المجارى المائية وإستولوا على السيارة ، ولاذوا بالفرار.
تم العثور على جثة المجنى عليه بالمنطقة محل الواقعة، وتم إتخاذ الإجراءات القانونية، وبالعرض علي النيابة العامة أمرت بحبس المتهمين.