الواعّظ والخادم والمحبوب .. تلك الصفات وغيرها يرددها ابناء محافظة الإسكندرية وغالبية أقباط الجمهورية الذين إذ وطأت ارجلهم الإسكندرية هرول الجميع زائرين كنيسة مارجرجس بسبورتنج للصلاة والتبارك من مزار القمص بيشوى كامل راعي الكنيسة الراحل.
عبر سنوات مضت يسرد الكثيرين معجزات وامور خارقة تحدث حينما يطلبون شفاعة ووساطة هذا الرجل الذى حل عن العالم فى 21 مارس لعام 1979 م، نحو 43 عامًا ومازال هناك محبين وطالبين ويتداول الجميع صورة وتسجل المواقع والبركات نظير شفاعته.
ووفق طلب الكثيرين من رعايا الكنيسة والاساقفة العموم المتواجدين بالإسكندرية طرح أسم القمص بيشوى كامل على لجان المجمع المقدس للاعتراف به قديسًا معاصرًا وتتداول الامر لسنوات مضت وتعطل نظرًا لاسباب انتشار جائحة كورونا التي اوقفت بعض الاجتماعات وغيرها.
خلال اجتماع المجمع المقدس اليوم الخميس المنعقد بمركز لوجو بدير الانبا بيشوى بوادى النطرون، جاء الاعلان والإعتراف ب القمص بيشوى كامل قديسًا، بمثابة اعتراف قانوني يمكن علي اثره إمكانية بناء كنائس أو مذابح على اسمه، وعمل أيقونات له، وأعياد وإبصاليات وتماجيد ومدائح على اسمه، ولا يحتّم هذا ذكره فى مجمع القداس حيث أن قديسي الكنيسة عددهم ضخم جدًا ولا يُذكَرون جميعًا فى مجمع القداس.
البوابة نيوز ترصد تواريخ فارقة في حياة القديس المُعاصر ..
في 6 ديسمبر 1931 م ولد الطفل سامى كامل اسحق أسعد بمدينة دمنهور في محافظة البحيرة، تدرج في المراحل التعليم حتي حصل علي بكالوريوس علوم (قسم جيولوجيا) من جامعة الإسكندرية سنة 1951 بتقدير جيد؛ ومن ثم التحق بمعهد التربية العالي للمعلمين وحصل على دبلوم تربية وعلم نفس سنة 1952 بتقدير ممتاز وكان ترتيبه الأول على دفعته.
عمل كمدرس للكيمياء بمدرسة الرمل الثانوية للبنين بالإسكندرية، ويبدو ان عروس المتوسط القريبة من مسقط رأسة كانت شاهدا علي عمله ومن ثم خدمته الكنسية، عاشق العلم والدراسة فإنه حصل على ليسانس آداب - فلسفة - سنة 1954، وفي نفس الوقت التحق بالكلية الإكليريكية بالإسكندرية وحصل على بكالوريوس العلوم اللاهوتية سنة 1956، وكان الأول على دفعته.
ونظرًا للمرتبة الأولي علميا ودراسيًا عين معيدا بمعهد التربية العالي بالإسكندرية سنة 1957 وهو معهد تابع لوزارة التربية والتعليم، كما التحق بكلية التربية بالقاهرة سنة 1958 وحصل على دبلوم التخصص في علم النفس في أكتوبر سنة 1959.
كان طاحونة لا تتوقف أبدًا عن العمل، هكذا كان يصفه كل من يعرفه عن قرب خدمة وعمل دؤوب عطاء لامحدود، كان يتوق إلي الرهبنة وحال استعداده الرحيل إلي دير السريان بوادي النطرون، ولكن مرض والده بجلطة دموية أرجأ الفكرة لوقت آخر، وكان دائم الزيارة الي الأديرة وفي مرة ذهب لدير الانبا بيشوى وامام جسده أخذ يناجيه: "يا ريت أتشرَّف باسمك يا أنبا بيشوي" ونال ذلك .
رسامة القدر .. في نوفمبر 1959 دخل سامى كامل ومعه الاطفال من التربية الكنيسة لينالوا بركة البابا كيرلس السادس – بابا وبطريرك الكنيسة القبطية وقتها، وتزامنًا مع مناقشة البابا والقمص مينا اسكندر عن الأرض الجديدة التي اشتروها ويرغبون بناء كنيسة عليها في اسبورتنيج واحتياجها لكاهن جديد، وما كاد ينتهي البابا من القول حتى دخل "سامي كامل" ليهتف القمص مينا بان هذا هو الشاب الذى يصلح للرسامة، ووافق البابا رغم انه غير متزوج وبان الله سوف يرسل عروسا له لاكتمال شروط رسامة الكاهن.
ونظرا لاهتمامه ورغبته في الرهبنة لجأ لايقونة العذراء واخذ يصلي مرارًا حتى الهم من الله ان يتقدم ليطلب زواج "أنجيل باسيلي" (حاصلة بكالوريوس اقتصاد وعلوم سياسية - جامعة الإسكندرية) أخت زميليه في الخدمة فايز وجورج باسيلي واللذان فرحا به جدًا وقالا لأبويهما إن سامي كامل ذو نقاء ملائكي، ولكن العجيب في الأمر أن العروس لم توافق لرغبتها هي الأخرى في الرهبنة.
وتشاء الاقدار ان يتزوجا ويظلا في بتولية كامله ما يعني لم يعارفها كالازواج، وواصلا الخدمة معًا يحكى عنها حتي الأن، لم يعبر شهر ميلادة ديسمبر دون ترك بصمة فجاءت رسامتة كاهنً باسم " بيشوى كامل" يوم الأربعاء 2 ديسمبر عام 1959 ، خدم وعمل علي تطوير منظومة الخدمة واحتواء الشباب ومساعدة المحتاجين وتفقد المرضي ومعاونة المتضررين، وقدم نموذجًا للخدمة الحقيقة وتجسيدا لكلمة الأب المعطاء منفذًا وصية الكاهن التي يقولها اثناء رسامتة.
ترقي إلي رتبة القمصية في 4 نوفمبر 1969 م، كان معمرًا حيث استطاع بناء 6 كنائس أخرى من خلال صناديق العطاء بالإسكندرية، وعمل علي التطوير واهتم بالطفولة حيث افتتح حضانة لأطفال الأمهات المشتغلات في قاعة ملحقة بكنيسة مارجرجس يوم رأس السنة القبطية 11 سبتمبر سنة 1972 ولم تمضِ سنة حتى أصبح لكل كنيسة في الإسكندرية والتي تعمم عملها في ارجاء مصر كلها.
اصيب رجل الله القديس المعاصر " بيشوى كامل" بمرض السرطان وكان يجتهد في الخدمة اكثر مما كان عليه إلي حين نياحته "رحيله" في 21 مارس 1979 م، وتمر السنوات والايام ويعترف بقداسة هذا الرجل الخادم المعاصر.