صدر مؤخرا عن دار نشر المجتمع الثقافي المصري، كتاب جديد بعنوان "مدخل إلى فقة اللغات السامية المقارن" ترجمة وتعليق الدكتورين أحمد راوي، رئيس قسم اللغة العبرية بآداب حلوان، وأحمد هيكل .
تأتي ترجمة الكتاب عن اللغة العبرية مع التعليق عليها على يد المترجمين بعد فترة انقطاع طويلة عن ترجمة مؤلفات تتعلق بمجموعة اللغات السامية؛ رغم استمرار مجهودات الباحثين والمستشرقين الغربيين في دراسة نقوش اللغات السامية ومخطوطاتها الكثيرة؛ لذا بات من الضروري إعادة إحياء الاهتمام بالدرس اللغوي المشترك بين اللغات السامية، ومحاولة إثراء المكتبة العربية بكتابٍ قيِّمٍ يهتم بدراسة الخصائص اللغوية للغات السامية؛ ومن ثمَّ تكثيف الضوء على السمات اللغوية والتاريخية المشتركة.
وقد اعتمدت المكتبات العربية والدراسات الأكاديمية منذ سنوات طويلة على ترجمة مؤلفات قديمة لكبار المستشرقين الغربيين في مجال اللغات السامية، أقامت معظم هذه الأعمال وغيرها دراستها للغات السامية على ركائز المنهج التاريخي المقارن ولم تلتفت كثيرًا إلى التعمق في دراسة الجانب اللغوي المشترك للغات السامية، في حين أنَّ حاييم رابين اعتمد في كتابه هذا على منهج علم اللغة المقارن، الذي يبحث في تفاصيل العلاقات اللغوية التاريخية بين مجموعة اللغات السامية من النواحي الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية؛ بغية تحديد الخصائص المشتركة بين اللغات السامية بوصفها ركيزة جوهرية لتحديد معالم اللغة السامية الأم. ومن هنا جاءت أهمية ترجمة هذا الكتاب لدارسى اللغة العبرية والعربية واللغات السامية فى العالم العربى.
وركز مؤلف الكتاب حاييم رابين اهتماماته العلمية على دراسة لغة مخطوطات البحر الميت، واللغة العبرية ، واللهجات العربية القديمة، واللغات السامية.
ويتناول الكتاب "مدخل إلى فقه اللغات السامية المقارن": الفرضيات التي تحدثت عن تقسيم اللغات السامية إلى مجموعات لغوية، وعن اللغة السامية الأم، والموطن الأصلي للساميين، والتسلسل الزمني للغات السامية. مستعرضا الخصائص اللغوية المشتركة بين اللغات السامية بداية من نظام الصوامت والصوائت في اللغة السامية الأم وتطورها في اللغات السامية، والجذر الثلاثي والمزيد في السامية الأم، وتصريفات الاسم بالسوابق واللواحق وعلامات التأنيث والتعريف والجمع، والفعل وتنويع دلالته وفقًا للوزن وزمن الفعل، وتصريفات الفعل بإضافة السوابق واللواحق، والضمائر الشخصية المنفصلة والمتصلة، وتكوين الجملة الاسمية والفعلية في اللغات السامية.
فيما تتناول "اللغات السامية الشرقية": اللغة الأكدية القديمة، واللغة البابلية ولهجاتها وسماتها النحوية والصرفية وأهم المعاجم البابلية، واللغة الآشورية ومقارنها باللغة البابلية. كما استعرض اللغات التي تنتمي إلى مجموعة اللغات السامية الغربية، وهي: اللغات السامية الشمالية التي تضم الإبلائية والأمورية والأوجاريتية وأهم سماتهم الصوتية والصرفية والنحوية، واللغة الكنعانية التي تتفرع إلى الكنعانية القديمة والفينيقية والبونية وأهم سماتهم اللغوية. واللغة العبرية، وتناول خصائص اللغة العبرية الصوتية والصرفية والنحوية والدلالية، ومراحل تطور العبرية بداية من فترة العهد القديم حتى فترة العبرية المعاصرة، كما اهتم بعقد مقارنة بين أصوات العبرية وصوائتها وبين أصوات اللغة السامية الأم وصوائتها، كما تناول لغات شعوب شرق نهر الأردن المتمثلة في اللغات المؤابية والعمونية والأدومية وعلاقتهم باللغات السامية الأخرى، ونظام الكتابة، والمفردات اللغوية لكل لغة منهم، واللغة الآرامية ومراحل تطورها . ولغة مملكة سمأل وحماة والسمات المشتركة مع الأكدية وغيرها من اللغات السامية.
وقد اهتم الكتاب "باللغات السامية الجنوبية"، فتحدث عن: العربية القديمة وأهم نقوشها، والعربية الفصحى والعامية ولهجاتها وثرائها المعجمي ونظامها الصوتي وسماتها الصرفية والنحوية في العصور الوسطى والحديثة، واللغات العربية الجنوبية القديمة التي تنقسم إلى فرعين: يضم الفرع الأول اللغة السبئية وصورتها المتأخرة التي تعرف باللغة الحميرية، في حين يضم الفرع الثاني اللغات المعينية والقتبانية والحضرموتية؛ ومن ثمَّ الحديث عن أهم سماتهم الصرفية والصوتية.
كما استعرض اللغات العربية الجنوبية الحديثة، وهي مجموعة اللغات المنتشرة في الجزء الجنوبي لسلطنة عُمان وفي أرخبيل سُقطرى، ومن بين هذه اللغات يمكن تحديد المَهْرِيَّة والشَّحَريَّة والحَرسُوسيَّة والبَطحرِيَّة والسُّقطرية، واستعراض أهم خصائصها اللغوية، وانهى حديثه عن مجموعة اللغات السامية الجنوبية بالحديث عن اللغة الإثيوبية واللغات السامية الأخرى في إثيوبيا، التي تضم الجعزية والأمهرية والجوراجية والأرجوبية والتِّجرِينِيَّة والتِّجرِيَّة.
وينتهى الكتاب بالكشف عن العلاقات اللغوية بين اللغات السامية واللغات الحامية، والعلاقة بين اللغات السامية واللغات الهندوأوروبية.