تعد قضايا الأحوال الشخصية من أخطر القضايا التى تواجه مجتمعنا وتؤثر على مستقبله بشكل أو بآخر، لذا كان من الضرورى العمل على إجراء تعديلات جوهرية تناسب العصر الحالى، فالقانون القديم عفى عليه الزمن وأظهر العديد من السلبيات التى كانت وما زالت تؤرق المواطنين، وأثارت العديد من الأزمات والنزاعات التى تكتظ بها محاكم الأسرة وأعدادها مرتفعة للغاية وأمد التقاضى فيها يستنفد أوقاتًا طويلة.
وفى خطوة جديدة تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يهتم بمشاكل المواطنين ويحرص كل الحرص على إيجاد حلول فورية وسريعة لمشاكلهم، أمر بتشكيل لجنة من الخبراء والقانونيين والمتخصصين فى النزاعات والقضايا الأسرية التى من شأنها إحداث التوازن والعدالة بين الطرفين بما يحقق حفظ الحقوق للصغار، لأن القانون القديم كان به العديد من الثغرات التى ظهرت على أرض الواقع وكان من شأنها تفاقم الأزمات واتساع الفجوة بين الطرفين ومنها سن الحضانة والرؤية والنفقة والمسكن وطول أمد التقاضى.
صلاح الطحاوى: تعديل القانون لتفادى السلبيات التى أظهرها الواقع العملى
فى البداية، قال الدكتور صلاح الطحاوى، الفقيه القانونى وأستاذ القانون الدولى، إن الرئيس عبدالفتاح السيسى يضع المواطن دائمًا نصب عينيه فى المقام الأول، ويحرص على إحداث التوازن فى المجتمع ومعالجة السلبيات الموجودة فى شتى المجالات فى طريق مصر نحو الجمهورية الجديدة.
وأوضح إنه لا مراء أن القانون هو مرآة المجتمع، والذى من خلاله تحدد الحقوق والواجبات لكل فرد ومقترن بالجزاء على مخالفته لكفالة احترامه، وبالتالى فإن القانون قابل للتغيير حسب الزمان والمكان حال ظهور سلبيات له، والتى تظهر من خلال التطبيق العملى على أرض الواقع، الأمر الذى يتطلب أن تضطلع الدولة من خلال مؤسساتها إلى تعديله لكى يواكب المتغيرات التى طرأت عليه وجعلته غير صالح للتطبيق فى الوقت الحالى.
وأكد «الطحاوي» أن قانون الأحوال الشخصية الحالى بحاجة ماسة لإجراء تعديلات جوهرية عليه لظهور الكثير من السلبيات التى أظهرها الواقع العملى، سواء تلك الخاصة بالنفقات ومسكن الحضانة والرؤية وصعوبات تنفيذ الأحكام الخاصة بالنفقات والأجور والمصروفات الدراسية وغيرها، الأمر الذى دعا الرئيس السيسى إلى تشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون للأحوال الشخصية يشكل من كوكبة من رجال القانون والقضاء المختصين فى قضايا الأحوال الشخصية، لإيمانه الكامل بأن النظر فى تعديل هذا القانون أمن قومى يهدف إلى إعمال التوازن فى العلاقات الأسرية للحفاظ على كيان المجتمع، وكما هو معروف أن هناك آلافا من قضايا الأسرة تتم إقامتها يوميًا بالمحاكم سواء فى تلك النفقات والأجور والتطليق والخلع وغيرها.
عدالة مفقودة
وأوضح الفقيه القانونى أنه كان من الأهمية بمكان إعداد مشروع قانون يحقق العدالة المفقودة بين طرفى النزاع فى المسائل الأسرية ويضمن الحقوق ويكفل الحياة الكريمة والمستقرة للأبناء حال الطلاق بين الزوجين، وهذا كله ينعكس على أمن واستقرار المجتمع المصرى، وبالتالى دور المشرع القانونى يتمثل فى أن يبحث بدقة داخل واقع المجتمع الحالى، لكى يستطيع أن يسيطر على كل مشكلة ناتجة عن قضايا مجتمعية معاصرة، سواء كانت المستجدات والقضايا الاجتماعية التى تطرح على الساحة، أو قضايا أثارت الرأى العام وكانت معقدة وتحتاج لسن أو استحداث مواد لتلافيها فى المستقبل.
وأشار «الطحاوي» أنه من بين المشكلات التى يجب أن يضطلع بها مشروع القانون الجديد دعاوى النفقات سواء نفقة الزوجية أو الصغار وكيفية تحديدها خاصة فى ظل إخفاء بعض الأزواج دخولهم الحقيقية حتى لا يمكن التوصل إلى الدخل الحقيقى للحكم على ضوئه، الأمر الذى يؤدى إلى أن تحكم المحاكم بمبالغ قليلة لا تستطيع المطلقة الحاضنة مجابهة الحياة بها ولأولادها الصغار.
متجمد النفقة
وتابع: «بخلاف ذلك أيضًا تواجه المرأة المطلقة صعوبات كثيرة فى تنفيذ متجمد أحكام النفقات والأجور والمصروفات الدراسية، خاصةً أن القانون الحالى نص على صدور حكم بالحبس لمدة ثلاثين يومًا فقط أيًا كانت قيمة النفقات أو الأجور المحكوم بها وهى بمثابة إكراه بدنى لا جدوى لها لإرغام المحكوم عليه بتنفيذ تلك الأحكام، والأمر جد وخطير حال صدور أحكام للمطلقة خاصة بالمتعة ومؤخر الصداق والتى تواجه صعوبات كثيرة لتنفيذها، يستنفد منها الوقت والمال لتنفيذها، وفى النهاية قد يكون مآلها الفشل فى التنفيذ حال عدم وجود أموال للمطلق قابلة للتنفيذ عليه».
واستكمل: «من ناحية أخرى، فإنه من الأهمية بمكان أن يواجه مشروع القانون الجديد المشكلات التى تواجه المطلقة الحاضنة للأولاد بالنسبة لمسكن الحضانة بعد الطلاق وما يتطلبه الحصول عليه من إجراءات كثيرة فى أروقة النيابات وأقسام الشرطة وتداعياته على الصغار، أيضًا من الأهمية بمكان أن يضطلع القانون الجديد لمواجهة أحكام رؤية الصغار وكيفية تنفيذها، ولقد أثبت الواقع الفعلى عدم جدواها، لذا فإن الأمر يتطلب أن يكون البديل لها الاستضافة، وذلك لاعتبارات نفسية واجتماعية بين الوالد وأبنائه لتقوية صلة الأرحام بعد الطلاق».
التعليم.. والخلافات الأسرية
وأشار «الطحاوي» إلى أن هناك العديد من المشكلات المهمة والخطيرة التى يجب أن يضطلع بها القانون الجديد، ومنها العمل على إلزام الأب المطلق بالمصروفات الدراسية والدروس الخصوصية وغيرها، والتى يتنصل منها كثير من الآباء بعد الطلاق، نكاية فى الحاضنة للأولاد والتى قد يؤدى فى الكثير من الأحيان إلى تشريد الأبناء وتخلفهم عن التعليم وعدم استكمال دراستهم.
وشدد على الأهمية بمكان أن يضطلع مشروع القانون الجديد على إيجاد آلية، خاصة بمحاكم الأسرة من وزارة الداخلية لإجراء التحريات الدقيقة والجدية عن دخول الأزواج والمطلقين فى دعاوى النفقات والأجور وغيرها، لكى تتمكن المحكمة من تحديد الدخل الحقيقى لكى تفى المبالغ المحكوم بها بمتطلبات الأبناء ليكفل لهم حياة كريمة بعد طلاق الأبوين بخلاف أن يكون من اختصاص تلك اللجنة تنفيذ تلك الأحكام فور صدورها خاصة أن غالبية تلك الأحكام مشمول بالنفاذ المعجل.
واختتم: «مشروع القانون يجب أن يخضع لحوار مجتمعى ونقاش كبير من قبل فى قضايا المنازعات الأسرية وشيوخ القضاة والمركز القومى للمرأة وأطباء نفسيين وعلماء الدين وغيرهم، لوضع آلية تطبيقه وتنفيذه لضمان سلامة المجتمع المصرى وتجنب وقوع مشكلات جديدة قد تظهر فى المستقبل وتنحاز لطرف على حساب الآخر ولا تحقق التوازن أو التكافؤ المطلوب».
بهاء الدين أبوشقة: التعديلات الجديدة تحفظ حقوق الطفل
قال المستشار بهاء الدين أبوشقة، الفقيه القانونى، وكيل أول مجلس النواب، إن الرئيس السيسى أصدر قرارًا صائبًا بتشكيل لجنة لإعداد وصياغة وإجراء تعديلات مستحدثة على قانون الأحوال الشخصية الذى لم يعد مواكبًا للعصر الحالى وأصبح تغييره وتحديثه بنصوص جديدة طبقًا للشريعة الإسلامية مطلبًا شعبيًا وجماهيريًا.
وأوضح أن قانون الأحوال الشخصية من أهم القوانين الموجودة لأنه يتعلق بالأسرة المصرية ككل والتى تشكل نواة المجتمع المصرى وأحد الأنسجة المهمة التى تساهم فى تقدم وازدهار الدول، وبالتالى فالاهتمام بمشاكل وقضايا الأسرة ينعكس بالإيجاب على أمن واستقرار الدولة، لأننا فى مرحلة صعبة وأمام تحديات كبيرة تتطلب تكاتف الجميع ومساندة مصر.
وأكد الفقية القانونى أن الرئيس السيسى كلف بضرورة تشكيل اللجنة من العديد من شيوخ القضاة والمستشارين والمتخصصين فى النزاعات الأسرية حتى يتم الوصول إلى تعديلات مستحدثة تواكب الوقت الراهن، وتكون رادعة وخالية من الثغرات التى قد تظهر مستقبلًا وهو قرار حكيم يحسب للرئيس، الذى يسعى جاهدًا لتوفير المناخ الصحى والآمن للأسرة المصرية.
وأضاف «أبوشقة» أن التعديلات التى ستناقشها اللجنة وتتفق عليها ستكون تعديلات حديثة وتتفق مع الشريعة الإسلامية ولا تجور على أى من الأطراف وتحفظ الحقوق بما يحقق التوازن والعدل وحقوق الطفل التى يغفل عنها الكثيرون، فكل طرف يسعى للفوز بأكبر قدر من المكاسب على حساب الطفل وهذا خطأ جسيم سيتم تفاديه من قبل اللجنة المختصة.
سلبيات فى المجتمع
ولفت الفقيه القانونى إلى أن لجنة إعداد وصياغة قانون الأحوال الشخصية ستراعى كل السلبيات التى أظهرها الواقع العملى من خلال الاطلاع على أكبر عدد من قضايا المنازعات الأسرية من خلال السجلات، وستراعى تعديلاتها لإحداث التوازن الذى لطالما طالب به الجميع بما يحفظ حقوق الطرفين والطفل، مضيفًا أن ذلك سيتم طبقًا للمادة ٧ من الدستور التى تنص على أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كل شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، ومنه بالتالى نصوص تشريعية خاصة بقضايا الأسرة وتحفظ حقوق الجميع.
وأكد «أبوشقة» أن تحرك الدولة وتشكيل لجنة لقانون الأحوال الشخصية لم يكن الأول من نوعه، لأنها فعلت نفس الأمر فى قانون المعلومات لتواكب التطور التكنولوجى الرهيب الذى طرأ على العالم مع انتشار الجرائم الالكترونية على «السوشيال ميديا»، مؤكدًا أن هذا لم يأت من فراغ بل هو نتاج عمل شاق وجماعى استلزم تكاتف كل مؤسسات الدولة التى تسعى لتحقيق النهضة الشاملة على كل المستويات.
وأردف الفقيه القانونى أن قانون الأحوال الشخصية الحالى أظهر العديد من السلبيات التى خلقت نزاعًا وكراهية بين الطرفين ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يتعلق بالرؤية وهى قضية شائكة ومحتدمة بين الزوج وطليقته منذ عشرات السنوات خلفت نوعًا من الكراهية والبغض وانعكس على الأطفال مستقبلًا، وهذا أمر خطير لأنهم يشكلون نواة المجتمع ومستقبله، وسط مطالبات بزيادة عدد الساعات الخاصة بها لأنه تهدر حقوق الأب والابن معًا.
حق الأب
تابع: «حق الأب أو من له حق الرؤية لاستضافة الصغير هو مطلب قديم، ويتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية والقواعد والقوانين الدولية، وهو حق أصيل للطفل المحضون قبل الأب أو الأم، لأنه يتولد لديه إحساس حميمى وفطرى جديد حيث يشعر الطفل بأنه لا يقل عن أقرانه وأنه يعيش فى أسرة سوية، وذلك لاختلاطه بأفراد أسرته من والده، وهنا تتحقق الغاية التى قصدها المشرع من النص فى حفظ حق من له الحضانة».
كما أن سن الحضانة من الأمور الجدلية، فكلا الطرفين لا يفكر سوى بالفوز فى الصراع القائم بينهما على حساب الطفل الذى ينشأ مشتتًا ومحرومًا من والده الذى قد يرضخ للأمر الواقع ويفكر بالزواج بأخرى وتكوين أسرة جديدة وبالتالى الاهتمام بأولاده الجدد على حسابه وهذا أمر لا يمثل جيلًا قويمًا، فكان لزامًا إجراء تعديلات جديدة طبقًا للشريعة الإسلامية وتواكب العصر الحالى.
واختتم: «الدولة كانت تحتاج لقانون موحد ومستحدث من الأحوال الشخصية، ينظم علاقات الزواج بكل مراحلها، حيث إنه يكون قانونًا يتماشى مع متطلبات العصر، ويتوج العلاقة بين الزوجين من الأساس، بدءًا من مرحلة الخطوبة حتى الانفصال وما بعد الانفصال مما يساعد على قلة النزاعات الأسرية وحفظ حقوق كل الاطراف وأولهم الطفل».
سن الحضانة
من جهته، أشاد شعبان سعيد، المحامى المتخصص فى قضايا المنازعات الأسرية، بقرار الرئيس السيسى بتشكيل لجنة لصياغة مشروع قانون الأحوال الشخصية وإجراء تعديلات عليه تحقق التوازن والعدالة، وتحفظ حقوق الطرفين، مؤكدًا أن قانون الأسرة الحالى مر عليه قرابة مائة عام وأصبح لا يتناسب مع الواقع الحالى للحياة، كما أنه يسبب مشاكل لكل الأطراف سواء الزوج والزوجة أو الأطفال، ولذا كان لابد من إيجاد تعديلات تتناسب مع الوقت الراهن الذى نعيشه.
وطالب «سعيد» بضرورة إجراء العديد من التعديلات التى تحقق العدالة المطلوبة للزوجين بما يتفق مع القانون منعًَا للمنازعات التى من شأنها الانحياز لطرف على حساب الآخر ومنها الآتي: «النزول بسن حضانة الأطفال إلى ٧ سنوات للذكور و٩ سنوات للإناث»، مضيفًا أنه ينبغى أيضًا إلغاء التخيير بين الأب والأم، لأن الفطرة دائمًا يكون فيها الأب فى المرتبة الثانية بعد الأم.
كما طالب المحامى المتخصص فى المنازعات الأسرية بضرورة إجراء تعديلات على الرؤية للأبناء، لأنها لا تحقق العدل على حد قوله، موضحًا أن تكون فى الأندية لصغار السن أقل من ٣ سنوات وبعد هذه السن ينبغى أن تكون هناك استضافة لمدة ٤٨ ساعة أسبوعيًا للأب حتى ينسجم مع ابنه أو ابنته وتحدث بينهما ألفة ومودة، ولفت إلى ضرورة تشريع عقوبة صارمة على الأب فى حالة عدم إعادة طفله الصغير فى الموعد المحدد، وإلغاء الاستضافة وبشرط سداد النفقات فى حالة إذا كان طالب الاستضافة هو الأب.
الولاية التعليمية
وتحدث على أن هناك نقطة فى غاية الأهمية بقانون الأحوال الشخصية أحدثت جدلًا كبيرًا خلال السنوات الماضية بين الأزواج وسببت العديد من النزاعات وهى الولاية التعليمية، واقترح أن تكون للأب لأنه الولى الطبيعى للأبناء، وبالتالى من حقه اختيار نوع التعليم والمدرسة التى تناسب أبناءه لأنه هو الذى يلتزم بسداد المصروفات المدرسية.
وطالب الخبير القانونى أن تكون دعاوى الرؤية والاستضافة مجتمعين بطلب للنيابة، وأيضًا طلبات تسليم الصغار والتمكين وذلك لسرعة الفصل فى الدعاوى، حيث إن مثل هذه الدعاوى موجودة بأعداد كبيرة جداً وتأخذ أوقاتا طويلة جداً حتى يتم الفصل فيها.
ملف واحد
ومن بين الاقتراحات التى طالب بها شعبان سعيد، أن تسمع دعاوى ومنازعات الأسرة فى ملف واحد فقط، حرصًا على سرعة الفصل وعدم إرهاق الزوجة أو التنكيل بالزوج، وجعل محكمة الأسرة مختصة بالفصل فى كل المنازعات الأسرية حتى تبديد المنقولات الزوجية بدلًا من محكمة الجنح التى تنظرها فى الوقت الحالى وهذا مطلب للجميع، وأوضح أن إجراء تعديلات على قانون الأحوال الشخصية من شأنه العمل على سرعة الفصل فى المنازعات وفرض نفقات مؤقتة لسد حاجات الزوجة والصغار.
وقال «سعيد» إن الطفل يحتاج لوالديه ومن العدالة اقتسام سن الطفولة بينهما، مضيفًا أن ما يحدث الآن هو استئثار الأم بالصغير حتى سن خمسة عشر عامًا وبعدها يختار الصغير والدته مرة أخرى لتأثيرها عليه، مضيفًا أنه فى حالة زواج الأم يضم الطفل لأم والدته ويظل يعيش مع أمه وهذا تحايل على القانون ولا يحقق العدل على الإطلاق.
زواج عرفى
تابع: «تكون رؤية الصغير بطريقة مهينة ومسيئة للطفل والأب، وغالبًا ما يعزف الأب عن الذهاب للرؤية وتسوء العلاقة بينه وبين الصغير، علاوة على ذلك يظل الأب محرومًا من رؤية أبنائه، ويشاهد أبناءه على صفحات التواصل الاجتماعى مع أقارب مطلقته ورجال غرباء، وهو أمر فيه ظلم واستفزاز للأب، وغالبًا ما تقوم الزوجة فى حالة وفاة والدتها بالزواج عرفيًا وزوجها العرفى يقيم فى مسكن الزوجية المستولى عليه من الزوج الذى طرد من مسكنه ويصعب إثبات زواج مطلقته عرفيًا».
وعن النزول بسن الحضانة يؤكد المحامى أنه يجعل هناك توازنًا بين الطرفين، والمطلقة تحسن معاملة زوجها حتى تحافظ على العلاقة الطيبة، ورؤية صغارها بعد انتهاء فترة الحضانة الخاصة بها، وكذلك مسألة الرؤية سيتفق عليها الطرفان، وذلك فى ظل استضافة، وهنا ستفضل المرأة المطلقة الزواج الرسمى بدلًا من اللجوء للأبواب المغلقة وإخفاء زواجها، ويكون التعديل فيه مصلحة جميع أطراف الأسرة الأم والأب والصغار.
واختتم: «أخطاء وسلبيات قانون أحوال الشخصية الحالى الذى ساعد فى انتشار الزواج السرى وعزوف الشباب عن الزواج وانتشار الزنا بالمجتمع، بسبب الواقع الحالى الذى نعيشه فقرار الرئيس عبدالفتاح السيسى يدل على رؤية جيدة ودراسة متأنية لواحدة من أهم المشكلات فى المجتمع على مدار سنوات طويلة، كما أن التنوع فى تشكيل اللجنة سيؤتى بثماره على التعديلات الجديدة بعد عقد سلسلة مداولات وتشاور فيما يخص التشريعات التى ستنتجها اللجنة، لأنها ستكون حريصة فى المقام الأول على تلافى الظواهر السلبية وإيجاد حلول فورية وسريعة لكل الأطراف».
هبة هجرس تطالب بتغليب مصلحة الأطفال ذوى الإعاقة فى التعديلات الجديدة
قالت هبة هجرس، عضو المجلس القومى للمرأة، إن قرار الرئيس السيسى بتشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين لإعداد تعديلات جوهرية على قانون الأحوال الشخصية هو قرار حكيم يصب فى صالح الأسرة المصرية وينعكس على المجتمع المصرى ككل، ويضع حداً لقضايا الأسرة التى تمتلى بها المحاكم.
وأكدت أن قانون الأحوال الشخصية الحالى مهلهل وبه ترقيعات كثيرة لا تعالج جذور المشاكل الأسرية، بل هو سبب فى انتشار العديد من جرائم العنف بين الطرفين بسبب الصراع المستمر منذ سنوات طويلة.
وطالبت عضو المجلس القومى للمرأة، أن تضع اللجنة الجديدة الطفل ومصلحته العامة فوق أى اعتبار لأنه الحلقة الأضعف دائمًا ويدفع الثمن بشكل مستمر بسبب صراع والديه فى المحاكم، وبالتالى يتأثر ويتأذى نفسيًا ولا يصبح طفلًا قويمًا وينشأ تنشئة غير سليمة مقارنة بالأطفال الآخرين.
وأكدت «هجرس» أن السنوات الماضية أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أننا نحتاج إلى إجراء تعديلات فورية ورادعة تحمى وتحفظ حقوق الطفل والمرأة، فى الألفية الجديدة، كما نحتاج إلى قانون موحد بفلسفة واحدة وفكر واحد، يعالج السلبيات والأخطاء لحماية الأطفال لأنهم وحدهم من يدفعون الثمن.
الطفل المعاق
ولفتت عضو المجلس القومى للمرأة، إلى ضرورة مراعاة الأطفال ذوى الإعاقة فى التعديلات الجديدة، لأنهم يحتاجون إلى جهد ووقت ومصروفات مضاعفة عن الأطفال الطبيعيين، ودائمًا ما تضحى الأم بمفردها وتواجه المجتمع بمفردها فى حين أنها هى من تحتاج إلى مساعدة ومساندة من الجميع، وقد تنظر قضيتها لسنوات أمام المحاكم، وطفلها المعاق بلا حول ولا قوة، وبدلًا من الإنفاق على احتياجاته الكثيرة تدخر كل ما هو غالى ونفيس فى قضيتها ضد طليقها.
وفجرت «هجرس» مفاجأة مؤكدةً أن السنوات الأخيرة أكدت وأفرزت الكثير من قضايا المنازعات الأسرية والتى أثبتت أن كثيرًا من حالات الطلاق وقعت بين الطرفين بسبب وجود طفل معاق ذهنيًا أو بأى نوع من أنواع الإعاقة، فكثير من الرجال وليس الجميع يتنصل من المسئولية ويطلق زوجته ويتركها تواجه مصيرها المجهول مع الطفل المعاق كما لو كان يعاقبها على فعل مشين قد ارتكبته أو اقترفته، فضلًا عن طردها مع صغيرها بلا مأوى أو مسكن يقيهم من الخطر.
مصلحة الطفل
وتابعت: «المعيار الأول لتعديلات القانون لابد أن تضع وتغلب مصلحة الطفل فى المقام الأول ثم بعد ذلك مصلحة الأم التى تحمل أعباء إضافية فوق كاهلها، وهذا من شأنه إنتاج أجيال صالحة فى المجتمع قادرة على بناء مستقبل مصر الحديث»، واختتمت: «قانون الأحوال الشخصية الحالى سببًا فى انتشار الجرائم بطريق غير مباشر بعدما تفقد الأم الأمل وتطول دعوتها بالمحاكم قد تصل إلى حالة شديدة من الاكتئاب وتلجأ إلى الانتحار أو قتل صغارها مثلما حدث مؤخرًا مع السيدة التى قتلت صغارها ثم انتحرت، ظنًا منها أنها بذلك الأمر تحميهم من مصير مظلم وقسوة المجتمع، وهذا بكل تأكيد مرض نفسى منتشر مع الأسف الشديد ويهدد أمن واستقرار المجتمع المصري».