من يعتقدون إمكانية إلغاء الخطاب الدينى وكأنه سبب الأزمة.. ومن يتشبثون به على حالة من الجمود كلاهما يهددون سماحة الدين ويستهدفون الأزهر ويريدون وضع اليد عليه...!
شريعة الإسلام تأسست على التعددية واحترام حرية الرأى وحق الاختلاف..
وبوحى من هذا المنهج التعددى تتسع أروقة الأزهر لدراسة كافة المذاهب الفقهية السنية وغير السنية دراسة علمية لا انتقاص فيها من مذهب
ولا شك أن الأزهر تبنى منذ القدم المذهب الأشعرى وروجه.. لأنه وجد فيه العلاج الناجع لأمراض أصابت الفكر الدينى بسبب فرض المذهب الواحد والرأى الواحد .
فماكينة التكفير والإقصاء والجدل الكريه لم تترك لمفكرى العرب ومثقفيهم وعلمائهم فرصة هادئة تمكنهم الانكباب على ترسيخ ثقافة تدفع بأوطانهم إلى مكانة لائقة !
ومن حاولوا بالأمس القريبمن الجماعات المتأسلمة الوقيعة بين مؤسسات الدولة المصرية أثبتت الأيام أنهم كانوا واهمون لأبعد مدى..
مصر كبيرة للغاية القصوى وهي أكبر من هؤلاء الشراذم ممن كانوا ولا يزالون يتربصون بها الدوائر!
مصر وطن كبير يسع الجميع بأريحية ليس لها مثيل وبلحمة وطنية شهدت لها الدنيا بأسرها قاصيها ودانيها.
ولعلني أستدعي هنا من مضبطة التاريخ يوم ١٦ أبريل سنة ١٩١٩ حين ذهبت اليهودية الوطنية المصرية"نظلة ليفى"إلى الجامع الأزهر بالقاهرة لتخطب فى الناس كانت ترتدى زيًا محتشمًا يليق بمقام الأزهر الشريف وبمكانة أكبر ثورة مصرية ضد المستعمر الإنجليزى، وهى ثورة ١٩١٩
سارت فى طرقات المسجد العريق العتيق الذى يحمل عبق التاريخ، والذى حاول البعض هدمه أو كان يريد لى عنق كل شىء لينسبه إلى التطرّف أو الإرهاب أو ينسب الأخير إليه!
كان الشيخ أحمد الحملاوى من أئمة وعلماء الأزهر الكبار يسير إلى جوارها ويصاحبهما أحد القساوسة الكبار من الكنيسة الأرثوذكسية.. وقف الثلاثة أمام آلاف الحاضرين.. وكان أغلبهم من المسلمين.
لم يعترض أحد على وجود السيدة "نظلة ليفى"أو على أنها ستتحدث إلى الناس فى الأزهر وعبر أعظم مسجد فى العالم بعد المسجد الحرام والنبوى والأقصى.
قدّمها أحد الشيوخ للحديث.. تحدثت السيدة" نظلة" بطلاقة كعادتها.. تركز حديثها على الوحدة الوطنية وحثت الناس على التمسك بها والرباط عندها، لأنها القادرة وحدها على طرد الإنجليز من مصر..
استطردت فى خطبها إلى أن الرسل جميعًا إخوة، موسى وعيسى ومحمد، عليهم الصلاة والسلام..
وأن الله كرّم هذه الأمم بهؤلاء الأنبياء.. وأنها جاءت لتحيى رمزًا من رموز هذه الوحدة فى الأزهر الذى هو ملك للجميع وبيت للجميع..
وقالت علينا أن نستمر فى نضالنا الفكري حتى تتحقق الحرية والكرامة لهذا الوطن السليب.
وبهذا نرى أن الله سبحانه وتعالى قد كرَّم الإنسان على سائر المخلوقات، وجعل من مظاهر تكريم الإنسان ما كفلته الشَّريعة الإسلاميَّة الغرّاء، من حرية التعبير التي لا ينبغي أن تتعارض مع حريات الآخرين، وأنَّ استغلال هذه الحرية في التشهير بالمقدسات الدينيَّة المختلفة لا تقبله تعاليم الشَّريعة الإسلاميَّة، ذلك أن هذا التشهير يؤثر سلبًا على أمن المجتمعات وسلامتها ووحدتها، ويؤدي إلى الفوضوية التي تبثّ الفرقة بين أتباع الديانات المختلفة، ويساعد أصحاب الفكر المنحرف في نشر أفكارهم الهدَّامة بين الناس.
آراء حرة
الأزهر الشريف والتعددية واحترام الرأي الآخر
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق