رغم مشاهدتى للفيلم عشرات المرات منذ صغرى، إلا أننى لم انتبه إلا عبارة القائد الليبى العظيم عمر المختار للقائد الايطالى فى الفيلم الشهير "أسد الصحراء" الذي أخرجه مصطفى العقاد "عليكم مواجهة الأجيال القادمة ".
كانت تمر هذه العبارة علينا علينا مرورا الكرام كغيرها من الأمور المهمة التي لم ننتبه اليها بعكس الأعداء الذين تعلموا الدرس جيدا و التفتوا إليها منذ زمن خاصة مع انتهاء حرب أكتوبر وتأكد للأعداء اننا شعب لا يمكن هزيمته بالسلاح واحتلال الأراضي ففكروا فى احتلال عقولنا وعقول الأجيال المتعاقبة وإلغاء ثقافتنا وهواياتنا وهو ما حدث بالفعل.
فاحتلال العقل أهم وأخطر من احتلال الأرض خاصة أن الأعداء يستطيعون استنزاف كل مواردنا دون أن يكلفهم هذا شيئا او يكون هناك أى خطر عليهم مع تدمير العادات والتقاليد والهوية الثقافية التى أصبحت تتأرجح بين الثقافات الاجنبية المخالفة لنا بعيدا عن هوايتنا الثقافية التى دمرت دون ان ينتبه أحد لهذا واصبحنا نعيش بهوايات وثقافات أجنبية على أرضنا.
وفي مؤسساتنا تجد اللغة الأجنبية أكثر من اللغة العربية ولسيارات الشرطة مثال كبير فكل السيارات كتب عليها الشرطة باللغة الانجليزية والتى استبدلناها باللغة العربية كما كان يحدث قديما وتطوف شوارعنا وفي كل مكان وهى تحمل الكلمات الأجنبية حتى الشوارع امتلأت باليفط والأسماء الاجنبية الغريبة وأسماء المحلات فقليلا ما تجد مشروع أو محل تجارى حاليا مكتوب عليه باللغة العربية عكس ما كان يحدث قديما كانت الشركات الأجنبية العالمية تكتب اسماء منتجاتها باللغة العربية حينما تكون فى مصر.
الكارثة الأكبر أننا أصبحنا نرتدى القمصان وغيرها من الملابس التى تمتلئ بالكلمات الأجنبية المعيبة ونرتديها دون أن نعرف معناها الحقيقة وهى فى معظمها كلمات جنسية تسيء إلى من يرتديها خاصة اذا كانت من النساء والفتيات.
الامر الذى اصبح يشكل خطرا حقيقيا على حياتنا وقد سعدت بالمبادرة التى تهتم باللغة العربية والتحدث بها تحت مسمى "اتكلم عربى" بدلا من اللغات الأجنبية، التي غزت عقولنا وشوارعنا وكل شى رغما من عدم إجادتنا لها فأصبحنا نتأرجح بين اللغات فلا نتحدث اللغات الأجنبية جيدا ولا حتى العربية التى نتعامل مع قواعد النحو فيها على أنها لوغاريتمات غريبة آتية من كوكب آخر حتى فى مدارسنا انتهت اللغة العربية ولم يعد للتلاميذ اى علاقة بهم.
الغريب أن هذه المبادرة التى اهتمت باللغة العربية اختفت هى الاخرى وكأن الأمر عبارة عن إعلان وانتهى وهو ما يثير الكثير من الغموض حول مدى سيطرة لوبى تدمير ثقافتنا الذى وصل الى هذا الأمر.
اذن فنحن فى مرحلة خطرة جدا تعدت كل الخطوط الحمراء واصبحنا فى فى حاجة ضرورية من كل القوى التى تعشق تراب هذا البلد ان تتضافر قواها والتضامن للوقوف فى مواجهة هذا الغزو الاجنبى الذى دمر هواياتنا واصبحنا لا نهتم الا بالتفاهات.
ولا أنسى أثناء حوارى مع أحد وزراء الثقافة السابقين حينما سألته فى بداية توليه الحقيبة الوزارية كيف سيواجه غزو الثقافة الاجنبية.. فتجهم وجه وكأنني شتمته وهو يتحدث إلى "بلاش السؤال ده".
فمتى سندرك خطورة هذا الأمر.. أتمنى هذا ؟!
آراء حرة
تعلموا الدرس
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق