قال الكاتب والباحث حسام الحداد، إن رواية "صبح الأعشى" ربما للوهلة الأولى يتخيل القارئ أنه ليس أمام عمل روائي، لاختفاء سمات العمل الروائي التقليدي والذي كان تعريفها ينحصر في أنها "سلسلة من الأحداث تُسرد بسرد نثري طويل يصف شخصيات خيالية أو واقعية وأحداثاً على شكل قصة متسلسلة، كما أنها أكبر الأجناس القصصية من حيث الحجم وتعدد الشخصيات وتنوع الأحداث، والرواية حكاية تعتمد السرد بما فيه من وصف وحوار وصراع بين الشخصيات وما ينطوي عليه ذلك من تأزم وجدل وتغذية الأحداث"، وان كانت هذه سمات او خصائص العمل الروائية فهي غير متوفرة بالمرة في النص الذي بين أيدينا الأن "صبح الأعشى" للكاتب كريم الجمال.
وأضاف الحداد، خلال مناقشة رواية "صبح الأعشى" في مبنى "قنصلية" بوسط البلد: هنا أدخلنا الكاتب في اشكالية التصنيف التي لم أكن أحب الدخول فيها لاعطاء الوقت المتاح لي في مناقشة متن العمل أو مضمونه دون الدخول في تفاصيل الشكل، والتنظيرات الدائرة حول الشكل والمضمون، وان كان الشكل ينم عن ايديولوجية الكاتب فنستطيع هنا أن نقول بأن الكاتب وظف شكل الرواية الجديدة والتي يصفها البعض "رواية اللا رواية"، وهذه الرواية تمثل واحداً من أصداء الواقع العالمي الآني بما يخترق سكونه من صراعات، وتفتت أيديولوجي، وغياب للقيادات الموجهة. فجاءت هذه الرواية متساوقة مع الرؤية التفكيكية التي أصبحت تبحث عن النظام في اللانظام .
وأضاف: من أبرز سمات هذه الرواية الجديدة: تعد الرواية الجديدة رد فعل تجاه الرواية الواقعية. فهي تسعى إلى تقديم الحقائق الفنية بصورة مقنعة من خلال (الإيهام بالواقعية). أي الإيهام بواقعية عالمها الفني. وأخذت الرؤية الروائية تنحو شيئاً فشيئاً إلى الانكفاء إلى الداخل. فانصب اهتمام الرواية الجديدة على الفرد أكثر من اهتمامها بالمجتمع . وهو ما أثر في أساليبها البنائية. ورافق تمرد الرواية الجديدة على الرواية الحديثة وجمالياتها تحول في مفهوم الرواية ووظيفتها، فلم تعد الرواية أداة لتفسير العالم وفهمه وربما تغييره. بل أصبحت وسيلة تعبير وتصوير، وشاهدة على ما جرى ويجري من تفكك واضطراب واهتزاز للثوابت.
وتابع: لم يعد مرتكز الرواية الجديدة فعل الإنسان في الشيء وإنما مدى انفعاله به. واختارت الرواية الجديدة أن تتنحى من الحضور المزعج إلى الغياب التام، ومن الضجيج إلى الصمت، ومن الإثبات والثبات إلى النفي والحيرة. كما ترى الرواية الجديدة أن الكتابة التي تستحق هذا الاسم هي التي تثير التساؤلات لا العواطف، والدهشة لا المتعة، والتأمل لا الانفعال، والصدمة لا الاجترار. ولن يتحقق لها هذا إلا إذا تمردت بصورة دائمة على المألوف والراهن والمنطقي، وتحولت بمجملها إلى ظل طليق بلا أصل.
وأوضح أنه أصبح النص في الرواية الجديدة محكوماً بوعي مؤلفه فحسب، ولم يعد الموجه له هي الشخصيات أو الأبعاد المخططة مسبقاً، أو أنساق القيم والتعاطف. وإنما أصبح الإنشاء هو موجه نفسه، بحيث يصبح النص حدثاً مكتفياً بذاته، وعطفاً على ما سبق من تغيرات في الرؤية الروائية وما لازمها من تحورات في المبنى والمعنى، كان من البديهي أن يستتبع ذلك انعكاساته على السرد وقضاياه. حيث شهدت الرواية في العقود القليلة الأخيرة تحولات في أساليب السرد، وبخاصة من حيث مستوياته، وأزمنته. والسؤال الملح الأن بعد هذه المقدمة النظرية السريعة هل تحققت سمات الرواية الجديدة في "صبح الأعشى" لكريم الجمال
وتحدث الحداد عن بناء السرد فقال: إذا كانت الرواية تراوح بين الأساليب السردية فإن الملاحظ في الرواية الجديدة ابتعادها شيئاً فشيئاً عن اتخاذ أسلوب الراوي (كلي العلم) في السرد، ذلك الراوي الذي يمسك بالأحداث من الخلف، ويتنبأ بأفكار الشخصية، بل ويتدخل أحياناً مفسراً وشارحاً ومعللاً للأحداث. فالرواية الجديدة تتغيّا سيادة وجهة نظر القارئ .
وهذا لم يتحقق في "صبح الأعشى" تنطلق الأحداث في فصول الرواية من خلال ضمير المتكلم "رتّل الشيخ أحمد فخر الدين الشريف هذه الآيات بصوته العذب الملائكي" بداية الفصل الأول بعد الأيات القرآنية، "كنت أجول ببصري في المسجد متأملًا"، "أفقت بعد غفلتي التي لم تستغرق دقيقة أو دقيقتين" في الفصل الأول، وهكذا في باقي فصول الرواية حيث بطل الرواية هو الراوي وهو الشخصية الرئيسية في الرواية، فهو الذي يعيش الأحداث المسرودة، ومن ثم يرويها من وجهة نظره.
فالرواية هنا شخصية، لأنها تتحدث عن تصور كاتبها للأحداث وبقية الشخصيات. وبسبب هذه الخاصية نفسها، يمكنها التحدث عما يعتقده أو يشعر به كاتبها، وليس فقط ما يحدث في الواقع.
إنها تتعلق فقط بالأحداث التي عاشتها شخصية الراوي وإذا تحدث عن أحداث شخصيات أخرى، فهو يعرفها من وجهة نظره.
تكافؤ السرد:
وهي ظاهرة سردية آخذة في التوسع والانتشار، حيث تشترك شخصيات عدة في سرد الأحداث والرؤى من منظورات مختلفة - ومتناقضة أحياناً - وثمة وسيلة أخرى مقاربة يتم فيها اقتران بين الرؤية الموضوعية للأحداث، عن طريق الشخص الثالث، أو الشخص الثالث الذاتي بالرؤية الذاتية عن طريق سماح الكاتب لبعض شخصيات الرواية - وبخاصة تلك التي تتسم بالذاتية، أو تمتلك حياة داخلية خصبة - بأن تروي الأحداث من وجهة نظرها الذاتية، لتضاف إلى رؤية الراوي الموضوعي
وهذه الخاصية تتوافر في شخصية الشيخ أحمد وهي الشخصية التي تعد مناظرة لشخصية الراوي والتي تكاد أن تكون ملازمة للراوي على امتداد فصول الرواية
الرواية في الرواية:
وهي من الأساليب المستحدثة، حيث تصبح الكتابة حدثاً من أحداث القصة، وتصبح قصة التأليف وأحداثه ومجرياته مؤطرة للقصة المؤلفة. ويعد هذا الأسلوب مظهراً من مظاهر اتجاه الكتابة الروائية إلى الانبتات عن التصور الواقعي، والسعي إلى الكشف عن لعبة السرد ومواضعات الكتابة
وهذه السمة تكاد تكون السمة الاساسية في النص الذي بين أيدينا فالكتابة هي الأساس والمحور وهي الحدث الجوهري والأحداث المدونة في الرواية ما هي إلا أدوات مساعدة للكتابة نفسها
السرد الفسيفسائي:
وفيه يتم ترتيب فصول الرواية بأسلوب فسيفسائي، ظاهرة الانبتات وانعدام الترابط، فليس ثمة تسلسل بين الفصول، ولا سببية في بناء الأحداث، والرابط بين فصول الرواية خيوط باهتة قد تستعصي على الملاحظة. ومن ثم يصح وصف هذا النوع من الرواية التشظي. حيث يمكن تقديم بعض اللقطات، أو تأخيرها، أو حذفها، دون أي أثر يذكر. ومع غرابة هذا الأسلوب وما قد يظن به من عبثية، إلا أنها عبثية مقصودة، إذ يهدف الكاتب إلى بث الغموض والشك، وإثارة الأسئلة والتساؤلات. فكأنه يهدف إلى تجسيد رؤية لا يقينية.
الالتفات السردي:
وهي خطوة أخرى على طريق تمزيق فلسفة الترابط التي تسلكها الرواية الجديدة، حيث نجد السارد يتنقل من السرد الروائي المتخيل إلى السرد الواقعي - المدعم بوثائق تاريخية أو تراثية إلى السرد الافتراضي - الذي يكتشف القارئ في نهايته أن هذه المرويات لم تحدث، لا حقيقة، ولا تخيلا
وهذا نراه من خلال استخدام الايات القرآنية والأحاديث النبوية والأوراد وكذلك مرويات تاريخية من كتب التراث كما جاء في مفتتح الفصل الثالث اقتباس من كتاب تأريخ الرسل والملوك لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري
السرد المهجن:
وهو قريب من الأسلوب السابق، وفيه يستلهم الكاتب عناصر فنية قديمة وحديثة، يستقيها من منابع عدة، ويوظفها في الرواية بما يخدم الغايات المستهدفة لعمله، فتارة يستخدم عنصراً من فن المقامة، ومرة من فن السيرة، وحيناً من الرواية التاريخية التقليدية، ومرات من فن الملحمة
والأدلة على هذا كثيرة داخل العمل
تراسل الأجناس:
وهو إيغال من الرواية الجديدة في محو الحدود الفاصلة بين الأجناس الأدبية، وصولاً إلى تخوم المعارف الأخرى . وهذا النوع من السرد يستضيف في رحاب الرواية عناصر من الشعر، والرسم، والسيناريو السينمائي، والترسيمات والإعلانات، والخبر الصحفي، واللقطات المسرحية، والصور الفوتوغرافية
ونجد هذه السمة في استخدام الكاتب لنصوص شعرية وصور
زمن السرد
في سياق مستجدات الرؤية السردية، وسعيها الدؤوب إلى التجاوز والتجريب، كان للزمن نصيبه من محاولات الرواية حلحلة الأساليب الروائية الحديثة. وهي سمة يسميها دكتور شكري عزيز الماضي: انكسار الزمن الروائي. حيث يتعرض الزمن لانحرافات مقصودة بهدف خلخلة واقعية الرؤية الروائية، واستجلاب أقصى انتباه القارئ وتفاعله. وهي محاولة لا تستنكف عن تجميد الزمن حيناً، وايقافة حيناً، واختزاله وطيه حيناً، وصولاً إلى نفيه أحياناً . ويتم ذلك من خلال القفز الزمني غير المنضبط، الذي يلغي أهم خصائص الزمن: التتابع والتراكم. حتى أصبحت هذه المفاجآت الزمنية غير مستنكرة في هذه الرواية.
وتناول الحداد ملاحظات على متن صبح الأعشى. فأوضح عن الفصل الأول أنه يقول الكاتب: "نقلت لكم من تفاسير أهل العلم كابن كثيرٍ، والقرطبي، والجلالين وغيرهم، إلَّا أنه لابد لنا من وقفةٍ مع عالمٍ جليلٍ وقطبٍ كبير، الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي الطائي الأندلسي -رحمه الله تعالى رحمة واسعة- وهو قطب وقته، وأعلم أهل زمانه كما شهد بذلك شيخ الإسلام العز بن عبدالسلام -رحمه الله-، كما نقل ذلك الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في رسالته (تنبيه الغبي في تبرئة ابن عربي)، و (تفسير ابن عربي من التأويل الباطني)، فالتفسير نوعان: ظاهري، وباطني. الظاهري هو ما يعتمد على ظاهر النص، والباطني هو من فتوح الله على بعض العارفين والصالحين وأهل الخشية، ويسمى أحيانًا علمًا لَدُنِّيًّا مثلما علم الله العبد الصالح الخضر الذي صحب النبي موسى عليه السلام وقال الله عز وجل }ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم{ واشترط أهل العلم ألَّا يتجاوز التأويل الباطني ظاهر النص ولا يخالف معناه ولا يناقض الشرع الشريف، كما قال الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- (القرآن حمّال أوجه)."
وأضاف: نقلت لكم من تفاسير أهل العلم كابن كثيرٍ، والقرطبي. اذ يؤكد الكاتب هنا أن المعرفة الدينية معرفة نقلية تنقل عبر وسيط لأنها معرفة تم إنتاجها سلفا وتركت محفوظة معلبة لاستخدامها في أي وقت
فالتفسير نوعان: ظاهري، وباطني. حينما يحدد الكاتب التفسير بنوعين فقط فهو يغلق الطريق أمام باقي أنواع التفاسير أو يقصيها وهذا المبدأ الإقصائي متجذر في الذهنية السلفية التي يواجهها الكاتب فهناك أنواعا متعددة من التفسير والتفسير الباطني المزمع هنا هو التأويل
القرآن حمال أوجه، هذه الجملة والاستناد إليها تؤكد تنوع التفاسير واختلافها حسب السياق الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي لكل مفسر وتناقض المقولة الأولى الذي أطلقها الكاتب بحصر التفسير في نوعين فقط
ولا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم. اختلف العلماء في والراسخون في العلم هل هو ابتداء كلام مقطوع مما قبله ، أو هو معطوف على ما قبله فتكون الواو للجمع . فالذي عليه الأكثر أنه مقطوع مما قبله ، وأن الكلام تم عند قوله إلا الله هذا قول ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وغيرهم ، وهو مذهب الكسائي والأخفش والفراء وأبي عبيد وغيرهم
ومذهب أكثر العلماء أن الوقف التام في هذه الآية إنما هو عند قوله تعالى : وما يعلم تأويله إلا الله وأن ما بعده استئناف كلام آخر ، وهو قوله والراسخون في العلم يقولون آمنا به
يقول الكاتب: "لم أرد الدخول في نقاش كبير مع الشيخ أحمد، فبالرغم من قرابتنا، وأنه يكبرني بعشر سنين، إلَّا أن دراسته وعمامته الأزهرية تجعل الجدال والنقاش معه غير ممكن وغير متكافئ، فالحوار ليس بين كفتين متساويتين فقط في جانبٍ واحدٍ، سؤال وجواب، تلميذ وأستاذ، مريد وشيخ خصوصًا مع أسرتنا التي تقدر تلك العمامة الأزهرية، فهي أحد العلامات المميزة التي ورثناها حيث ينتسب عددٌ كبيرٌ منهم إلى الأزهر الشريف من زمن أجدادنا، التي انتسب أكثر المشايخ والعلماء منها إلى طريقة أبي الحسن الشاذلي رحمه الله، والشاذلية واسعة الانتشار في مصر والعالم، وأبو الحسن مثل كثير من الأولياء، جاء من المغرب إلى مصر، وفي طريق الحج توفاه الله في حميثرة بقرب سفاجا على ساحل البحر الأحمر.
١_ الهيمنة التي يفرضها الأزهر
والتي يؤكد عليها الكاتب على مدار الرواية اذ يحاول اظهار مؤسسة الأزهر من خلال النموذج الذي استعان به والذي له جذور صوفية أنه يمتلك صحيح الدين اذ هو المعادل الموضوعي لباقي التيارات والفرق الإسلامية
٢_ ارتقاء التصوف مكان الجماعات الإسلامية
من خلال العمل الذي بين أيدينا يحاول الكاتب التأكيد على أهمية الارتقاء بمنهج المتصوفة لجعله المنهج السائد اذ يعتبره هو المنهج او الخطاب الاسلامي المعتدل طالما هو بعيد عن العنف، وهذا ما يتصوره الكاتب بينما الواقع يقول غير ذلك واقرب مثال جيش الطريقة النقشبندية
الفصل الثاني
"حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ الدُّورِيُّ، ثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَرَ الْعَقَدِيُّ، ثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: أَقْبَلَ مَرْوَانُ يَوْمًا فَوَجَدَ رَجُلًا وَاضِعًا وَجْهَهُ عَلَى الْقَبْرِ، فَأَخَذَ بِرَقَبَتِهِ وَقَالَ: أَتَدْرِي مَا تَصْنَعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ آتِ الْحَجَرَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " لَا تَبْكُوا عَلَى الدِّينِ إِذَا وَلِيَهُ أَهْلُهُ، وَلَكِنِ ابْكُوا عَلَيْهِ إِذَا وَلِيَهُ غَيْرُ أَهْلِهِ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
من كتاب المستدرك على الصحيحين، للحاكم.
فصل 3543 ابكوا على الدين إذا وليه غير أهله، كتاب الفتن والملاحم.
رقم الحديث 8618، رواه جماعة من أهل العلم بين الصحيح والحسن بطرقٍ متعددة منهم (الحاكم، الطبراني، أحمد ابن عساكر، السبكي، المناوي، الذهبي، السمهودي، ابن حجر).
الملاحظة
الحديث في اخبار الفتن والملاحم ويتحدث عن المستقبل الذي هو في علم الغيب كباقي احاديث الساعة او يوم القيامة فهل كان الرسول لديه علم الغيب والنص القرآني يقول
"قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ"
سورة الأنعام الاية رقم 50
"قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ"
سورة الأعراف الاية رقم 188
"وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ"
سورة الأنعام الاية رقم 59
الفصل الثالث
يقول الكاتب: " ما أود أن أقول بعد نقل تلك الأدلة أن الدليل وحده ليس كافٍ، فيجب فهم الأدلة والنصوص وأقوال العلماء في المسألة قبل العمل بها؛ لأن الرجل إذا ابتدع بدعة فاستحسنها يستحلّ السيف، ومما جاء في الحديث أن النبي --صلى الله عليه وسلم-- في ما رواه ابن عباس -رضي الله عنه:
(خطبَ الناس إنَّ الشَّيطانَ قَد يَئسَ أن يُعبَدَ بأرضِكُم ولكنْ رضِيَ أن يطاعَ فيما سِوى ذلكَ مما تَحاقَرون من أعمالِكُم فاحذَروا إنِّي قد ترَكْتُ فيكم ما إنِ اعتصمتُمْ بِهِ فلن تضلُّوا أبدًا كتابَ اللَّهِ وسنَّةَ نبيِّهِ)
ومعناه أن الشرك لن يعود في جزيرة العرب إلَّا قبل علامات الساعة، وذلك من علاماتها لقوله (لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى، وتأتي ناس دوس عند ذي الخلصة)، وهو صنمٌ مشهورٌ هناك في الجاهلية، وهذا لم يظهر حتى الآن، ويفسر ذلك الحديث ويؤكده قوله:
(والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها)، يقصد الدنيا ومتاعها، مثل الحكم والإمارة وكقوله (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب).
وهذه الأقوال تنفي وقوع الشِرك بالجزيرة، مثل عودة الأوثان إلَّا قبل علامات الساعة ووضع لها شروطًا، ولكنها لم تنفِ وجود الشِرك والبدع في بلادٍ أخرى.
ملاحظات
١_لابد من التفرقة بين الصنم والوثن والتمثال في سياقاتهما الاجتماعية والثقافية، لأن عدم التفرقة جعل بعض الجامعات تحرم النحت والتصوير.... الخ
٢_ في النقطة السابقة أن الرسول لم يعلم الغيب وبالتالي احاديث الساعة وغيرها بنسبة كبيرة هي أحاديث موضوعة
٣_مسالة لا يجتمع دينان في الجزيرة اشك فيها كثيرا أن كان قد قالها فهي مخالفة صريحة لنصوص قرآنية
"وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ"
سورة يونس الاية رقم 99
"فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ"
سورة الغاشية الاية رقم 21
"لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ"
سورة البقرة الاية رقم 272
"إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ
سورة النحل الاية رقم 37
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"
سورة الحجرات الاية رقم 13
الفصول من الخامس إلى السابع تدخل في جدال مع الفكر الوهابي من خلال سرد بعض الحوادث التاريخية، والتي مهد لها الكاتب من خلال الفصول الأولى باعلاء مكانة خطاب الأزهر والطريقة الصوفية "الشاذلية"، في مواجهة الخطاب السلفي، ليصل بنا في هذه الفصول بأن الخطاب الوهابي ليس من الدين او انحرف الى حد كبير عن صحيح الدين وكأن المعركة الآنية التي تديرها الجماعات والحركات الإسلامية هي معركة حول صحيح الدين كما يتصورها الخطاب الأزهري والصوفي، والواقع يقول غير ذلك فان المعركة مع هذه الجماعات ليست معركة على الدين بحال من الاحوال انها معركة على السياسية، معركة على السلطة كباقي المعارك التي نشأت في ظل الاسلام منذ القرن الأول وبداية من معركة "حروب الردة" وموقعة الجمل وما تلاهما، هي معارك على السلطة وليست على الدين.