قبل أيام انتهى مؤتمر «مصر تستطيع بالتصنيع» والذى أكد على أهمية التنمية الشاملة، وتشجيع الشراكة بين المؤسسات الصناعية والتعليمية ببناء تحالفات استراتيجية لربط التعليم بالصناعة، والتوسع فى صناعة مكونات المركبات الكهربائية وإنشاء مركز إقليمى للابتكارات فى تكنولوجيا صناعة السيارات.
ويعكس المؤتمر وتوصياته رؤية متطورة لدعم القطاع الصناعى فى دولة تدخل جمهوريتها الجديدة ترسخ لإبراز دور مصر الصناعى والإنتاجى بكل قوة، لتحقيق نقلة جديدة فى تنويع مصادر الإنتاج، وفتح فرص عمل، وتعزيز الصادرات، لتحقيق رقم الـ١٠٠ مليار دولار المستهدف، والحد من الواردات بإنتاج وطنى يحمل شعار «صنع فى مصر».
والسؤال المهم.. هل الكل يعى هذا، ويعمل على دعمه، ودفعه للأمام؟، أم هناك من لا يلقى بالًا بمصر الصناعية، وهنا نتذكر جيدًا تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى فى ديسمبر ٢٠٢١، خلال افتتاح مصنع اليوريا ونترات الأمونيا بمنطقة كيما بمحافظة أسوان، حيث أكد على أهمية الحوكمة والإدارة الجيدة فى شركات قطاع الأعمال ومختلف المؤسسات الحكومية.
ولفت الرئيس إلى سوء الإدارة فى قطاع الأعمال العام، بقوله «الأمر الثانى بقولكم الإدارة، ممكن كل زمايلنا فى قطاع الأعمال يقولوا إحنا بندير كويس، هرد عليك بحاجة واحدة، بأمارة إيه، بأمارة مجالس الإدارة اللى فلوسها بالكوم»، متابعا «أنا لا بخاف ولا بيهمنى إلا البلد بس، العمر بتاع ربنا والمكان اللى فيه بتاع ربنا وقفت ما يقولى يالا هعظم وأمشي».
ومن بين تصريحات الرئيس تأكيده على أن كل إجراءات الدولة نحو التصويب والإصلاح التى تقوم بها الدولة لا يمكن أن تكون على حساب العمال، والدولة كانت تضع الحفاظ على حقوق العمالة أمامها، أثناء عملية إصلاح فى شركات قطاع الأعمال.
ونتذكر كلمات الرئيس على الهواء خلال الافتتاحات «أنا بقول الكلام ده لأن يمكن ناس تتصور إننا وإحنا بنحاول نعمل إصلاح ممكن ندهوس فى الناس بالتعبير ده.. لا لا لا، فى كل إجراء بيتعمل للتصويب بالإصلاح لا يمكن يكون على حساب العمال"،.. «العامل ملهوش ذنب، إحنا مسئولين وبالتالى مفيش إجراء بنعمله غير لما نقول فيه حافظوا على حقوق العمال فى جميع الأحوال ويبقى الدولة فقط هى اللى بتتحمل التكلفة لكن مش العمالة»، وواصل الرئيس كلماته الواضحة والصريحة بقوله «إحنا بنعمل الإصلاح ده ولكن لا يمكن أبدًا هيكون على حساب حقوق العمال».
وهذا يعنى أن تطوير الصناعة لن يتم إلا بروح جديدة، ومواجهة لكل إهمال فى القطاع الصناعى وشركات قطاع الأعمال العام، وإصلاح إداراتها، إصلاحًا جذريًا، فكفى فسادًا، وإفساداُ، فإهمال شركات القطاع العام على مدى سنوات، وسوء الإدارة، وغيرها من العوامل التى يتحمل الجميع فيها دورًا، هى السبب فيما انتهى إليه الوضع الذى عاشته الشركات، وانتهى إما بالتصفية أو البيع، او تحويلها إلى خرابات على أقل تقدير.
توصيات مؤتمر مصر تستطيع بالصناعة يؤكد الحاجة إلى صناعات جديدة، وتطوير ما هو قائم من صناعات، لتواكب تطورات القطاع الصناعى، والثورات المتتالية فى هذا القطاع الحيوى، من خلال استراتيجية للتنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر والصناعات الخضراء وتوطين الصناعات الصديقة للبيئة.
وتعزيز الصناعات الداعمة لتوفير منتجات محلية وطنية بديلة لكل ما هو مستورد، وبما يعزز من قدرات مصر التصديرية، مع توطين صناعة تكنولوجيا المعلومات والحلول الإلكترونية.. كل هذا وغيره يتطلب الحفاظ على ثروة مصر الصناعية، وما تبقى منها.
ففى الأيام الماضية احتج عمال شركة العبور للبويات والصناعات الكيماوية"باكين» ليس من أجل الحوافز أو المرتبات، أو لطلب علاوة، بل مطالبين بتطوير شركتهم، والحفاظ على منافستها فى الأسواق، وعودة علاماتهم التجارية إلى الأسواق كما كانت خلال عشرات السنين، والتى يرى البعض أنها اختفت بفعل فاعل أو سوء إدارة.
الواضح أن تحركات العمال جاءت بعدما رأوا شركتهم - التى يرجع تأسيسها إلى العام ١٩٥٨ - تتراجع سوقيا، وتكاد تتحول إلى عدم الربحية، وتخرج من دائرة المنافسة فى سوق يشهد هذه الأيام نقلة جديدة فى القطاع العقارى، من خلال مشروعات الدولة والقطاع الخاص فى التنمية العقارية.
السؤال الذى طرحه العمال خلال مناقشات مطولة مع الإدارة وممثلى قطاع الأعمال العام، والشركة القابضة، نريد حلا ليبقى اسم الشركة فى السوق، وتخطو نحو التطوير، وتقديم منتجات تنافسية لتبقى بين منافسين حلوا محلها فى الأسواق، واختيار خامات مقبولة، وتنوعات فى الإنتاج.
تحرك العمال يحتاج إلى وقفة مساندة لحماية صناعات وطنية، قبل أن يأتى يوم يعض الجميع على أصابعهم، وليس مطلب عمال هذه الشركة، إلا مجرد نموذج لصناعات أخرى، لنحمى صناعات مصرية تتسرب من بين أصابعنا دون أن ندرى...
احموا صناعات مصر... فبلادنا تستحق الأفضل منا جميعًا.
آراء حرة
مصانع مصر تستحق
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق