شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم الجمعة، في جلسة نقاشية حول القطاع الخاص والفرص الاستثمارية في مصر، بمركز المؤتمرات الدولية بمدينة شرم الشيخ، بحضور عدد من الوزراء والمسئولين، وممثلي القطاع الخاص، والمستثمرين، وذلك على هامش الدورة الـ 47 للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية 2022.
وتحدث على المنصة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ومحافظ مصر لدى البنك ، ورئيس مجلس محافظي مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، والدكتورة ندى مسعود، المستشار الاقتصادي لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، عضو مجلس المديرين التنفيذيين بالبنك.
واستهل رئيس الوزراء الجلسة بالحديث عن الوضع الحالي للاقتصاد المصري ورؤية الدولة المصرية للتعامل مع تحديات الفترة القادمة، قائلاً في هذا الإطار “‘ننا شهدنا خلال العقد الماضي أحداثا استثنائية، حيث مرت مصر بثورتين فى ٢٠١١، و٢٠١٣، وكانت فترة شديدة الصعوبة من حيث الوضع السياسي، وغيرها من التداعيات، وهو ما انعكس على مؤشرات الاقتصاد المصري، وحجم نموه، وهو انعكاس طبيعي لأي دولة تمر بموجة من الأحداث السياسية المتعاقبة، والتي صاحبها حدوث بعض القلاقل فى وضعية الاقتصاد المصري، ووجود تخوف لدى القطاع الخاص من التوسع في استثماراته والتمويل لأغراض التنمية”.
وأضاف مدبولي: إلى جانب ما شهدناه من قلاقل واضطرابات، فإن لدينا فى مصر تحد آخر يتمثل في النمو السكاني المستمر، حيث زاد عدد السكان خلال هذا العقد بمتوسط مليوني نسمة إضافية كل عام، أى زاد عدد سكان مصر خلال السنوات العشر بحوالى ٢٢ مليون نسمة، وهو ما يمثل تعداد دول كاملة وليس دولة واحدة، وهو الأمر الذي يعكس مدى التحدى الذي كانت تواجهه الدولة المصرية خلال هذه الفترة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي، مهام منصبه كرئيس للجمهورية في ٢٠١٤ ، بدأت الدولة في وضع رؤية واضحة للتعامل مع كل هذه التحديات، وجاء فى مقدمتها العمل على إعادة بناء الدولة المصرية، حيث إنها كانت تعانى من مشكلات أساسية وهيكلية فى قطاعات محورية تعيق عمليات التنمية، وعلى الأخص قطاعات الطاقة والبنية الأساسية، لافتا إلى أنه كان لدينا في عام ٢٠١٤ مشكلة حادة فى قطاع الكهرباء، وكذا نقص في إمدادات الغاز، فضلا عن مشكلات بقطاعات مياه الشرب والصرف الصحي، والطرق، والاتصالات، وهو ما دعا إلى التعامل الفوري مع هذه التحديات والعمل حلها، وإزالتها، سعيا لجذب المزيد من المستثمرين، وذلك من خلال تبني مجموعة من المشروعات القومية، التي تركز في الأساس على إتاحة بنية أساسية متطورة تشجع جميع المستثمرين والقطاع الخاص إلى القدوم لمصر، والمشاركة بقوة في عمليات تنمية الاقتصاد المصري.
وفي هذا الإطار، أوضح مدبولي أن مصر لديها تحديا كبيرا للغاية يتمثل في الحاجة إلى إتاحة مليون فرصة عمل جديدة سنويا، وهو ما يحتاج إلى حجم استثمارات سنوية هائلة، مشيرا إلى أن المشروعات القومية، التي بدأنا تنفيذها منذ منتصف عام ٢٠١٤، كان الهدف منها إتاحة البنية الأساسية اللازمة، إلى جانب توفير المزيد من فرص العمل الجديدة، حيث تم إتاحة ٥ ملايين فرصة عمل بالفعل.
وواصل رئيس الوزراء عرض مجريات الأوضاع التي مر بها الاقتصاد الوطني، وقال إن تلك الإجراءات صاحبها تبني برنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي، والمؤسسات الدولية، وذلك منذ نهاية عام ٢٠١٦، مؤكدا أننا استطعنا وبنجاح كبير، وبإشادة جميع المؤسسات، أن نعبر بالاقتصاد المصري، ونضعه على الطرق الصحيح.
وأكد أنه لولا تبني برنامج الإصلاح الاقتصادي، لما كانت الدولة قادرة على الصمود فى أزمة جائحة كورونا ومواجهة تداعياتها السلبية، مشيرا إلى ما حققته الدولة من نجاح فى الاستمرار في تحقيق النمو الايجابي للاقتصاد المصري، حيث إنها كانت من الدول القليلة على مستوى العالم التى حافظت على استمرار نمو الاقتصاد بصورة إيجابية خلال عامي جائحة كورونا، فى الوقت الذى كانت تشهد فيه اقتصاديات العالم نموا سلبيا ، او انكماشا، موضحا أن مصر حققت خلال هذه الفترة نموا بمعدل ٣٫٦%، ٣٫٣%.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن رؤية الدولة كانت تقوم على أنه مع اكتمال أعمال البنية الأساسية والمشروعات القومية، فسيكون هناك بدء مرحلة جديدة في الاقتصاد المصري، تستهدف إعادة بلورة دور القطاع الخاص، بحيث يكون هو المحرك الأساسي للمشروعات التنموية، قائلا:" نجحنا كدولة في إقامة البنية الأساسية اللازمة، وكذا وضع التشريعات المطلوبة، تشجيعا لمناخ الاستثمار، منها عى سبيل المثال، تعديلات قانون الاستثمار، وقانون المناطق الاقتصادية، الذي يعطي مرونة كبيرة لإنشاء هيئات اقتصادية فى مناطق محددة، هذا الى جانب قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار"، منوها إلى أن كل هذه القوانين تمهد الطريق للقطاع الخاص لحركة أكبر خلال المرحلة القادمة.
وأوضح أنه بالرغم من كل هذه التحديات، فإن مصر خلال الشهور التسعة من العام المالي الحالى ٢٠٢١/٢٠٢٢، حققت معدل نمو خلال هذه الفترة بلغ ٧.٨% ،لافتا إلى أن التوقعات لمعدل النمو كانت ستبلغ نسبة كبيرة لم تشهدها مصر منذ ٢٠ أو ٢٥ عاما ، لولا اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، قائلا:"ومع ذلك نتوقع أن نتجاوز ٦% كمعدل نمو إجمالى خلال هذا العام المالي، وهو ما يعطي رسائل مهمة جدا أننا كدولة، نتمتع باقتصاد مرن قادر على النمو ، وذلك بحكم أن عدد سكاننا يصل إلى ١٠٣ ملايين نسمة، وهو ما يمثل سوقا كبيرة جدا يشجع على الاستثمار".
وتطرق رئيس الوزراء إلى الحديث عن رؤية مصر خلال الفترة المقبلة ، قائلًا:" بدأنا منذ مطلع هذا العام في اتخاذ العديد من الخطوات المهمة لتشجيع القطاع الخاص، للعودة بقوة للمشاركة فى نمو الاقتصاد المصرى، سواء من جانب المستثمرين المحليين أو الأجانب، والمرحب بهم شكل كبير للاستثمار فى مصر، باعتبارها سوقا واعدة وحجم اقتصاد كبير آخذ فى النمو".
وتابع: الدولة اتخذت خطوات مهمة بناء على توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث عقدت الحكومة مؤتمرا صحفيا عالميا، تضمن مجموعة واضحة من الخطوات التي سنتخذها خلال الفترة القادمة، وبدأنا تنفيذها بالفعل، والخطوة الأولى تتمثل في إعداد وثيقة "سياسة ملكية الدولة"، وهي وثيقة شديدة الأهمية نضعها أمام العالم والقطاع الخاص، لنوضح رؤية الدولة ودورها في الاقتصاد المصري، خلال الفترة القادمة، وهدفها تشجيع عودة مساهمة القطاع الخاص مرة أخرى في الاقتصاد، والعمل على زيادة نسبة مساهمة استثمارات القطاع الخاص في اجمالي الاستثمارات العامة من 30% حاليا لتصل إلى 65% من اجمالي الاستثمارات في مصر خلال السنوات الثلاث المقبلة، ونضع اليوم في إطار هذه الوثيقة برؤية واضحة، القطاعات التي ستتخارج منها الحكومة بالكامل، خلال الفترة من 3 إلى 5 سنوات، وجزءا من هذا التخارج يعني أن تطرح الدولة إدارة وتشغيل عدد من الأصول والمرافق والمنشآت الهامة التي تملكها للقطاع الخاص، كما طرحنا فكرة أخرى وهي زيادة رأس المال، وأي توسعات لهذه المنشآت والمشروعات الكبيرة تتم من خلال القطاع الخاص بالكامل، وبالتالي يكون هو مساهما رئيسيا في هذه المشروعات، وله نسبة، ويتولى عملية الإدارة والتشغيل، كما أن هناك آلية أخرى وهي أن تبيع الدولة المصرية جزءا من حصتها في بعض المرافق والمشروعات وتتركها للقطاع الخاص تدريجياً، بحيث يكون له نسبة موجودة بها.
واوضح مدبولي أنه في كل الأحوال ستشجع الدولة أن تتم إدارة وتشغيل كل هذه المشروعات من خلال القطاع الخاص، وهذا جزء من القطاعات التي ترى الدولة أن تتخارج منها، ولكن هناك قطاعات أخرى استراتيجية سوف تستمر الدولة فيها، وهذا أمر قائم في كل دول العالم.
وفي ضوء الحديث عن نمو قطاع الصناعة، قال رئيس الوزراء إن الدولة وضعت استراتيجية واضحة لتنمية وتشجيع والإسراع في معدلات نمو الصناعة في مصر، مضيفا: “لدينا يقين كامل أن الصناعة هي المستقبل الحقيقي خلال الفترة القادمة، ولذا فقد بدأت الدولة المصرية تستجيب لبعض النقاط والنقاشات التي كان يتم طرحها خلال اللقاءات التي تعقدها الحكومة مع رجال الصناعة من الداخل والخارج، ومع المجالس التصديرية ومجتمع الأعمال، والأمر الأهم هو أننا قررنا أن تكون الأراضي الصناعية دائما مُرفّقة عند إتاحتها، ويكون المبدأ في تسعير الأراضي، هو سعر المرافق، وحددنا لذلك آليتين لطرح هذه الأراضي؛ إما عن طريق حق الانتفاع أو البيع، وبتسهيلات ائتمانية ليكون الهدف أن نشجع القطاع الصناعي الموجود، الراغب في التوسع في أن يحصل على الأراضي بصورة مباشرة، وتم تشكيل لجنة مجمعة تخصص الأراضي بصورة فورية، واتخذنا القرار بأن تصدر هيئة التنمية الصناعية رخصة واحدة في حد أقصى 20 يوم عمل، بحيث يحصل المستثمر على الرخصة من الهيئة، على أن تتولى الهيئة الحصول على الموافقات من باقي الجهات الأخرى المعنية، كما تم تفعيل مادة مهمة للغاية في قانون الاستثمار، وهي إعطاء الرخصة الذهبية، التي تصدر من رئيس الوزراء شخصيا، وتجُب كل الموافقات الأخرى في المشروعات التنموية الكبيرة، سواء صناعة أو أي مشروعات أخرى تراها الدولة أنها ذات أهمية وتساهم في نمو الاقتصاد المصري، مضيفا أن الدولة المصرية وضعت أيضا حوافز ضريبية وغير ضريبية لمشروعات بعينها، وأن التركيز سيكون خلال الفترة المقبلة على مشروعات الطاقة الخضراء، والطاقة الجديدة والمتجددة.
وأردف: “وقعت الدولة على 6 مذكرات تفاهم، خلال الشهرين الماضيين، مع تحالفات عالمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء؛ في إطار رؤيتنا كدولة بأن تكون مصر مركزا إقليميا وعالميا لإنتاج هذه النوعية من الطاقة الخضراء، ومصر من الدول القليلة للغاية التي تتمتع بأماكن عديدة تتوافر فيها الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، ولذا فالدولة المصرية تضع حوافز كبيرة لتشجيع التحالفات العملاقة للدخول معنا في هذا المجال”.
وانتقل رئيس الوزراء للحديث عن قطاعات أخرى مهمة، مثل الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قائلا “هي الآن على قمة أولويات الدولة في هذه المرحلة، التي نتيح فيها لرجال الأعمال والقطاع الخاص الدخول في شراكات لإقامة مشروعات في هذه القطاعات، كما قامت الدولة باتخاذ قرار مهم آخر وهو السماح بتأسيس الشركات افتراضيا دون الحاجة إلى التواجد بصورة مادية، لإتاحتها أمام قطاعات مثل الشباب ورواد الأعمال والشركات الناشئة، وذلك لتشجيع هذه القطاعات على البدء في مشروعاتها الخاصة دون معوقات، ويتم متابعة تنفيذ ذلك على أرض الواقع مع أعضاء الحكومة المعنيين”.
وقال رئيس الوزراء : تم أيضا إنشاء الوحدة الدائمة لحل مشكلات المستثمرين بمجلس الوزراء، وتحت إشرافي المباشر، رغم وجود آليات فعالية أخرى في هذا الشأن، وذلك لتلقي أية مشكلات للمستثمرين والعمل على حلها وتسويتها على الفور في غضون أيام قليلة؛ للمساهمة في تهيئة مناخ جيد لبيئة الاستثمار في مصر.
واسنطرد: “إننا نعي جيدا أن لدينا تحديات لا تزال قائمة في بعض الإجراءات البيروقراطية والإدارية، ولكننا نتخذ الإجراءات والقرارات التي من شأنها تذليل كل المعوقات، ونعمل على الإسراع في الحصول على الموافقات وتسهيل وتبسيط الإجراءات في كل مجالات الاستثمار خلال الفترة المقبلة، ولا سيما أننا مررنا بمرحلة دقيقة للغاية وخطوات كبيرة على مسار تهيئة المناخ الجيد للمستثمرين بدءا من تمهيد مناخ الأعمال بما يشمله من بنية أساسية، وبنية تشريعية، وبنية تنظيمية ومؤسسية، وإجراءات الإصلاح الهيكلي التي تم اتخاذها بعد الإصلاحات الاقتصادية، وكل ذلك من أجل تيسير الإجراءات وتوفير مناخ أفضل لعملية الاستثمار وانطلاق القطاع الخاص بقوة خلال المرحلة المقبلة، ولدينا مستهدفات واضحة، وسيكون هناك مؤتمر كل 3 أشهر من أجل إعلان مدى نجاحنا في تحقيق المؤشرات الكمية التي وضعناها، فمصر تفتح أبوابها بالكامل لكل مجالات الاستثمار وخاصة في القطاعات ذات الأولوية في هذه المرحلة”.
وخلال الجلسة، تلقى رئيس الوزراء عددا من الاستفسارات والتساؤلات حول بعض الأمور الاقتصادية، كان منها تساؤل عما إذا كان هناك داخل قطاع الصناعة مجالات ذات أولوية تشجع الحكومة القطاع الخاص على الدخول فيها، وعن الحوافز الاضافية التي تقدمها الدولة في هذه المجالات، وأوضح أن هناك قطاعات مهمة ألقت جائحة كورونا والأزمة العالمية الحالية الضوء عليها، وهناك قطاعات ذات أولوية، مثل الصناعات الغذائية وصناعة الأسمدة، والصناعات الكيماوية والبتروكيماويات، والصناعات الدوائية والصناعات الهندسية، وأيضا الصناعات عالية التكنولوجيا، وأهمها صناعات السيارات الكهربائية، وأطلقت الحكومة منذ أيام قليلة استراتيجية توطين صناعة السيارات في مصر، وتطرح خلالها حوافز كثيرة جدا وبالذات توطين صناعة السيارات الكهربائية، بالاضافة إلى الصناعات المرتبطة بالطاقة الخضراء، والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، وهذه القطاعات كلها نعتبرها صناعات ستكون ذات أولوية خلال المرحلة المقبلة.
و أضاف: فيما يتعلق بالحوافز، فقد قدمنا مجموعة كبيرة منها، تشمل الأولوية في إتاحة الأراضي، واستخراج الرخص في أسرع وقت ممكن، كما نعد مجموعة أخرى من الحوافز سيكون من بينها حافز ضريبي يُمنح للمشروعات التي ستنشأ من البداية في مناطق جغرافية بعينها، وأبرزها مدن الجيل الرابع، مثل العاصمة الادارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والمنصورة الجديدة، والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث ستكون هناك حوافز ضريبية يتم التنسيق بشأنها مع وزارة المالية، وسيتم إعلانها خلال الفترة القادمة، لنشجع على الاستثمارات الجديدة في هذه المناطق الجغرافية التي نراها مناطق تنموية خلال المرحلة المقبلة.
وردا على سؤال عما إذا كانت الاستثمارات التي ستدخل في إنشاء محطات تحلية المياه كلها استثمارات خاصة أم بالشراكة مع الدولة، وذلك في ضوء إعلان الدولة المصرية اهتمامها بإنشاء العديد من محطات تحلية مياه البحر، قال مدبولي: “إننا في مصر لدينا تحد كبير، فالدولة تنمو بشكل متسارع، وعدد سكانها يزيد، وذلك بنفس كمية المياه التي تأتينا منذ آلاف السنين من نهر النيل، ولذا وضعت الدولة المصرية خطة واضحة لإنتاج ما يقرب من 6 ملايين متر مكعب/يوم لأغراض التنمية وتوفير المياه في الفترة القادمة، والمرحلة الأولى ستمتد لخمس سنوات، بنحو 3.5 مليون متر مكعب/يوم، والهدف الرئيسي من ذلك أن يتم تنفيذ الخطة من خلال القطاع الخاص، ولذلك وضعنا بالفعل خريطة واضحة للمواقع المقترحة لتنفيذ المحطات، وأغلبها لخدمة مشروعات التنمية التي تنفذ على السواحل المصرية، أو استهداف محطات قديمة كانت تستخدم مياه نهر النيل واستبدالها بمحطات لتحلية مياه البحر، كما أننا نستهدف إنتاج المياه المحلاة من خلال الطاقة الجديدة والمتجددة، وبالتالي هناك ربط بين موضوعي الطاقة الجديدة وتحلية المياه، ووضعنا خريطة للأراضي ومواقع المشروعات التي ستنفذ، وتلقينا بالفعل عروضا من جانب العديد من التحالفات العالمية، التي أبدت اهتماما شديدا بتنفيذ هذه المشروعات، وسوف نعلن طلب الحصول على العروض الفنية والمالية خلال الفترة المقبلة، ونستهدف كمرحلة أولى إنتاج ٢ مليون م٣ من المياه المحلاه من مياه البحر، خلال الفترة القليلة القادمة، والهدف هو الحصول على أفضل العروض الفنية والمالية من التحالفات العالمية".
وفيما يتعلق بتوجهات الدولة نحو توطين صناعة اللقاحات فى مصر خلال الفترة المقبلة، أشار رئيس الوزراء إلى أن مصر لديها خبرات هائلة فى قطاع الدواء، وشركات وكيانات كبيرة وعملاقة فى هذا المجال تابعة للدولة، كشركة "فاكسيرا"، والشركة القابضة لصناعة الأدوية، مضيفا "فى نفس الوقت لدينا شركات تابعة للقطاع الخاص قوية جدا أيضا، يصل عدد إلى ١٥٠ مصنعا وكيانا تابعا للقطاع الخاص يعمل فى هذا المجال، وفيما يخص اللقاحات، فقد بدأنا بالفعل النقاشات مع منظمة الصحة العالمية، ومؤسسات دولية أخرى كبيرة، حيث نستهدف من خلال ذلك جعل مصر مركزا لانتاج اللقاحات على مستوى الإقليم، وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن مصر من الدول القليلة فى منطقة الشرق الأوسط التى لديها بنية أساسية لهذا المجال"، لافتا فى هذا الصدد الى اعتماد هيئة الدواء المصرية، كهيئة قادرة على اعتماد اللقاحات خلال الفترة القادمة.
وأكد رئيس الوزراء أنه يتم العمل خلال هذه الفترة على إتاحة البنية الأساسية الموجودة لدى الدولة من شركات وكيانات ومصانع، للشراكة مع القطاع الخاص في إنتاج اللقاحات والأدوية الاستراتيجية المطلوبة خلال الفترة القادمة، داعيا القطاع الخاص المهتم بهذا المجال إلى الدخول فى شراكة مع الدولة المصرية، حيث إن مجال اللقاحات والأدوية يعد من المجالات ذات الأولوية للدولة أيضا، وسيتم إتاحة المزيد من الحوافز الإضافية لهذا القطاع خلال الفترة القادمة.
وحول صندوق تمويل التحول إلى وسائل النقل المستدام، الذي تم الإعلان عن تأسيسه مؤخرا، أشار رئيس الوزراء إلى أن هذا الصندوق هو جزء من استراتيجية توطين صناعة السيارات، وخاصة الكهربائية منها، أو تلك التى تعمل بالغاز الطبيعى كمرحلة انتقالية، لافتا إلى أن ذلك يأتي أيضا فى إطار تشجيع التوسع فى وسائل النقل تعمل بالطاقة النظيفة، والتغلب على التكلفة العالية لإنتاج السيارات الكهربائية، من خلال إتاحة بعض المساهمات من جانب الدولة، وكذا فرض بعض الرسوم على الأنشطة التى تضر بالبيئة ، بحيث يتم تجميع من خلال هذا الصندوق المبالغ التى تمكن الدولة المصرية من دعم السيارات الكهربائية ، أو تلك التى تعمل بالغاز الطبيعى، بحيث يكون لدينا آلية مستدامة تشجع على التوسع فى هذه الصناعات، وصولا لإتاحة التكنولوجيا الخاصة بهذه الصناعات بصورة منخفضة.
وفيما يتعلق بتنمية المصادر التقليدية للحصول على الموارد من النقد الأجنبي، أكد رئيس الوزراء أن مصر كانت تعتمد دوما على هذه المصادر التقليدية، مثل تحويلات المصريين في الخارج، ودخل قناة السويس، والسياحة، بالإضافة إلى الصادرات، وقد نمت هذه القطاعات بصورة وبمعدلات جيدة للغاية، حيث أنه بالرغم من كل الأزمات التي مر بها العالم خلال الفترات الماضية، فقد شهدت هذه المصادر التقليدية نمواً بمعدلات كبيرة.
وقال: مع تطور الاقتصاد المصري ونموه بمعدلات كبيرة جدا وبالتالي أصبحت احتياجاته من العملة الأجنبية بمعدلات عالية، فقد وضعت الدولة نصب أعينها رؤية واضحة لمضاعفة الصادرات المصرية خلال السنوات المقبلة لتصل إلى 100 مليار دولار، وهو هدف محوريّ وليس أمامنا اختيارا فيه، وقد يستغرق ذلك مدة معينة قد تصل إلى 3 سنوات.
وأضاف مدبولي: الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن في حفل إفطار الأسرة المصرية خلال شهر رمضان الماضي، أن الدولة ستتيح جزءا من أصولها، كما هو مبين في وثيقة سياسة ملكية الدولة، للقطاع الخاص بمعدل 10 مليارات سنويا على مدار أربع سنوات، وهذا جزء مما سنتيحه بصورة غير تقليدية لتوفير موارد من العملة الأجنبية.
واستطرد: لدينا خطة طموحة للغاية لمضاعفة عائدات السياحة، ونعمل على ذلك من خلال تبسيط كل الإجراءات الخاصة بمشروعات السياحة، وخاصة أننا قمنا بفتح مناطق جديدة لجذب السياحة كسياحة دائمة، مثل الساحل الشمالي الغربي، والعلمين الجديدة، والتي أصبحت مقصدا للسياحة المحلية والدولية، كما نعمل على مضاعفة عدد السائحين المصريين خلال السنوات الثلاثة المقبلة، وهو ما يزيد من عائدات السياحة أيضا.
كما أشار مدبولي إلى مشروعات تنمية قناة السويس، وتنمية المنطقة الاقتصادية المحيطة بها، وعلى الأخص مشروع ازدواج الخط الملاحى للقناة، الذي أسهم بصورة كبيرة في تقليل فترات الانتظار للسفن والقوافل من حوالي 3 أيام إلى11 ساعة، وهو ما ساعد في مضاعفة حركة مرور السفن ونقل البضائع، وهناك ثقة في أن معدلات حركة المرور ستزيد خلال الفترة المقبلة.