بعد مرور 100 يوم علي الحرب الأوكرانية الروسية، التي غيرت معالم العالم بأكمله وفرضت تقسيمات جديدة علي الساحة الدولية، وسببت أزمات اقتصادية وغذائية حول العالم، ولا تزال الأحداث في أوكرانيا تتصاعد وتتشابك سياسيا وميدانيا ومنذ بداية العملية العسكرية الروسية عليها، حيث أعلن مندوب روسيا في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن روسيا مستعدة لمناقشة فرص تصدير الحبوب الأوكرانية وأن الأمر مشروط بإزالة أوكرانيا للألغام من المياه الساحلية والموانئ التي تغلقها.
وتتخذ الترجيحات أبعادًا أكثر غموضًا مع انسداد أفق إعادة إطلاق المفاوضات، واحتمال وضع سيناريو يمكن الطرفين الروسي والأوكراني من التوصل إلى حل وسط، وحتى محاولات الوساطات المتعددة التي برزت في الأسابيع الماضية، لم تنجح في وضع تصور لتهدئة الموقف أو الشروع في بلورة آليات للتسوية.
ومع تركيز القوات الروسية والقوات الموالية لها جهدها في منطقة دونباس تم إحراز تقدم ملموس على جميع محاور القتال، وشكل استكمال السيطرة على ماريوبول في منتصف مايو نقطة تحول مهمة، كون التقدم حقق واحدا من الأهداف الأساسية للمعركة وهو فصل أوكرانيا نهائيا عن بحر أزوف.
وتثبيت مناطق سيطرة موسكو في القطاع البري شمال شبه جزيرة القرم. ومع توسيع مساحة سيطرة الانفصاليين في إقليمي لوغانسك ودونيتسك لتبلغ نحو 90 في المائة من إجمالي مساحة الحدود الإدارية للوغانسك وأكثر بقليل من 65 في المائة وفقا للتوزيع الإداري قبل 2014، بدا أن موسكو باتت تقترب من نهاية هذه المرحلة من دون أن تحقق بقية أهدافها، فهي مع تثبيت سيطرتها على خيرسون التي تتمتع بموقع استراتيجي مهم كونها تقع إلى شمال القرم مباشرة، لكن فشلت عمليات في توسيع مساحة السيطرة على زاباروجيه المجاورة.
وفي استكمال مهام تحقيق تقدم ميداني في وسط البلاد لتثبيت خطوط فصل جديد على ضفتي نهر دنيبرو.
ويمكن ملاحظة أن الجيش الروسي انتقل إلى استخدام آليات مختلفة عن المرحلة السابقة في تكتيكات المعارك شملت التوقف عن شن عمليات الهجوم المباشر على المناطق، والاكتفاء بتقديم غطاء جوي كامل لوحدات الانفصاليين الذين تقاتل إلى جانبهم وحدات شيشانية ومتطوعون من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا ومناطق أخرى. ساهم ذلك في تقليص الخسائر المباشرة للجيش الروسي بشكل ملحوظ.
من جانبه اتهم مندوب روسيا في الأمم المتحدة المحكمة الجنائية الدولية بعدم النظر في "الجرائم التي ارتكبها نظام كييف" معتبرا أن الغرب يسعى لتحويل المحكمة الجنائية الدولية إلى أداة سياسية تخدم مصالحه.
من جانبه قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل إن تداعيات حرب الحبوب ستطال الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
وأشار بوريل إلى عمل الاتحاد الأوروبي على تعزيز البنية التحتية للسماح بتصدير الحبوب من أوكرانيا، وتحدث عن استعداد الاتحاد الأوروبي للمشاركة في أي اتفاق بين الأمم المتحدة وروسيا لتصدير الحبوب.
ودعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، إثر لقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن، الدول الغربية إلى الاستعداد لحرب استنزاف طويلة المدى في أوكرانيا.
من جهته، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن القوات الروسية باتت تسيطر على نحو خُمس أراضي بلاده، بما في ذلك شبه جزيرة القرم والأراضي الخاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو منذ عام 2014.
ميدانيًا، قال رئيس أوكرانيا إن الخطوط الأمامية للمعركة تمتد أكثر من 1000 كيلومتر، فيما ضيقت القوات الروسية الخناق على مدينة سيفيرودونيتسك الاستراتيجية في دونباس.
ووافق ممثلو دول الاتحاد الأوروبي الـ27، على حزمة عقوبات سادسة بحق موسكو تشمل حظرًا نفطيًا مع استثناءات، لكنهم تراجعوا عن إدراج اسم رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على القائمة السوداء، كما نقلت وكالتا رويترز والصحافة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية.