تجاهل المرض وتوقف التحصين باللقاحات المضادة منذ أكثر من 30 سنة.
يعد جدري القرود مرضًا فيروسيًا ينتقل عادةً من لدغات الحيوانات أو استهلاك اللحوم المطبوخة بشكل غير صحيح، ويمكن أن ينتقل من شخص لآخر عن طريق الاتصال الوثيق، وكشفت صحيفة «الديلى ميل» البريطانية، إنه قد انتشر عن طريق الشذوذ في بلجيكا وإسبانيا، حسب خبير سابق بمنظمة الصحة العالمية، الذي قال إن جدري القرود ربما انتشر في اثنين من المهرجانات في أوروبا.
قال دايفيد هايمان، مسئول سابق لدى منظمة الصحة العالمية سبق له العمل في جمهورية الكونغو الديمقراطية، توقف التحصين باللقاحات المضادة منذ أكثر من ٣٠ سنة، وبدأ هذا المرض المتوطن يتغير لعدم وجود مناعة ضده لدى السكان.
وجاءت التصريحات، التي أدلى بها متخصصون حاليون وسابقون في الرعاية الصحية، محملة برسائل لوم للبشرية لتجاهلها هذا المرض، علاوة على رسائل تحذيرية من إمكانية تفاقم الأزمة الصحية التي يسببها حال استمرار هذا التجاهل.
وهناك تاريخ طويل لمنطقة الكونغو مع هذا الفيروس، إذ ظهر هناك للمرة الأولى عام ١٩٧٠ عندما أُصيب طفل يبلغ من العمر تسع سنوات، وظن الأطباء في ذلك الوقت أنه مصاب بالجدري التقليدي الذي تم القضاء عليه في تلك المنطقة بعد حملات مكثفة لتحصين السكان هناك بلقاحات مضادة له.
لكن بعد ذلك بعقد من الزمن، بدأ المرض ينحسر وتراجع معدل العدوى بين البشر، ربما لأن جرعات اللقاح المضادة للجدري العادي حصنت سكان المنطقة من جدري القرود.
ومع ذلك، أشار معهد« باستيورز» في باريس إلى أن المناعة ضد جدري القرود تراجعت من ٨٥ في المئة في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين إلى ٦٠ في المئة في ٢٠١٢. وفي الفترة من ١٩٧٠ إلى ١٩٧٩، ظهرت ٤٧ حالة وتوفي ثمانية أشخاص بسبب هذا المرض. وفي ٢٠٢٠، بلغ عدد الحالات المشتبه في إصابتها بالفيروس حوالي ٤٠٠٠ حالة علاوة على وفاة حوالي ١٧١ شخصا بسبب المرض. ويمكن أن تشمل الأعراض الأولية للعدوى قشعريرة وإرهاق وحمى وآلام فى العضلات مع ظهور حالات أكثر شدة فى كثير من الأحيان بطفح جلدى على الوجه والأعضاء التناسلية يمكن أن ينتشر فى أماكن أخرى من الجسم.
ومن المعروف أن الفيروس يسبب مرضًا خطيرًا بين بعض الفئات الضعيفة، بما فى ذلك الأطفال الصغار والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة والنساء الحوامل.
وقالت هيئة خدمات الصحة والسلامة المهنية البريطانية: يجب على الأشخاص المصابين بجدرى القردة إما المحتمل أو المؤكد أن يتجنبوا الاتصال بأشخاص آخرين. وأضافت: يمكن للحالات أن تقلل من مخاطر انتقال العدوى من خلال اتباع طرق التنظيف والتطهير القياسية وغسل الملابس وأغطية الأسرة بالمنظفات.
وأوضح الدكتور ديفيد هيمان، الذي كان يرأس قسم الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، أن شخصًا مصابًا بآفات جدري القرود من المحتمل أن ينشرها للآخرين عندما يكون هناك اتصال جسدي قريب. وكشف الخبير السابق في منظمة الصحة العالمية، أن انتقال العدوى عن طريق الاتصال في مهرجانين في أوروبا ربما يكون السبب في تفشي مرض جدري القرود في العالم، موضحا، أن هذه هي النظرية الرائدة وراء أصول المجموعة الحالية من الحالات. وأضاف، نعلم أن جدري القرود يمكن أن ينتشر عندما يكون هناك اتصال وثيق مع شخص مصاب، ويبدو أن الاتصال الجنسي قد أدى الآن إلى زيادة هذا الانتقال، من المحتمل جدا أن يكون هناك شخص ما أصيب بالعدوى، أو أصيب بآفات على الأعضاء التناسلية أو اليدين أو في مكان آخر، ثم نشرها للآخرين عندما كان هناك اتصال جسدي قريب، ثم كانت هناك هذه الأحداث الدولية التي أدت لتفشي المرض في جميع أنحاء العالم، في الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى.
ورغم عدم تسمية أي من المهرجانات، بدأ رؤساء الصحة المكلفون باحتواء الفيروس بالفعل في تتبع الحالات مرة أخرى إلى مهرجان جران كناريان للمثليين، الذي حضره ما يصل إلى ٨٠ ألف شخص بين ٥ و١٥مايو الماضى.
وفي الوقت نفسه، تم ربط ٣ حالات في بلجيكا في مهرجان واسع النطاق في أنتويرب في بلجيكا، والذى أقيم في الفترة من ٥ إلى ٨ مايو الماضى، حيث أكد المنظمون منذ ذلك الحين أن هناك «سببًا لافتراض» إصابة شخص ما في هذا المهرجان. كما ربط رؤساء الصحة الإسبان العديد من الحالات بـ «ساونا»" واحدة في مدريد، تمثل النظرية خروجًا كبيرًا عن النمط المعتاد لانتشار المرض في وسط وغرب أفريقيا، حيث يصاب الناس أساسًا بالحيوانات مثل القوارض البرية والرئيسيات. كما حذر الخبراء من أن «القفزة التطورية» كما هو الحال مع سلالة أوميكرون لفيروس كورونا Omicron ، ربما تكون قد خلقت «فيروسا مفرط التحور». وقالوا إن التفشي متعدد البلدان من المحتمل أن يكون له أصل واحد.