أجلت السلطات الأمنية التونسية الاستماع لأقوال الإخواني محمد الحبيب مرزوقي، المعروف باسم "أبو يعرب المرزوقي"، والذي تروج له أبواق تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية بصفته "مفكر وفيلسوف"، وذلك لتخصصه في مجال الفلسفة، وتوجيه كل طاقاته للتنظير ولتبرير جرائم تيارات الإسلام السياسي في المنطقة العربية.
واستدعت الفرقة الأولى لمكافحة الإجرام للحرس الوطني، الأحد الماضي، المرزوقي للتحقيق معه فيما ورد في مقالاته وكتاباته من نشر للإشاعات والأخبار الكاذبة وإطلاق الإهانات والألفاظ البذيئة تجاه مؤسسات الدولة الوطنية، وطلب محامو المرزوقي التأجيل لحين الاطلاع على مستندات الاستدعاء، فأطلعتهم الفرقة على مستندات القضية وأجلت الاستماع لأقواله للسادس من شهر يونيو الجاري.
وقالت الدكتورة مريم الدزيري، باحثة تونسية في مجال الأدب القديم وأدب التصوف: أبو يعرب المرزوقي حصل على دكتوراه الدولة في الفلسفة، وسبق أن درَّس في الجامعة التونسية، وتولى رئاسة مؤسسة بيت الحكمة، لكنه إخواني أسهم في تدمير تونس، ولا يليق به لقب "فيلسوف"، فهو لا يؤمن بالوطن.
وأضافت الدزيري في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، من المريب أن تجد شخصًا يدعي أنه صاحب فكر حر وفي نفس الوقت ينتمي لجماعة الإخوان، وأتساءل: هل فعلا اطلع على الفلسفة! حتى مع الفلسفة الإسلامية الإشراقية نأت الفلسفة عن الإيديولوجيا الدينية.
وتابعت أنه من المستحيل تخريج أجيال تؤمن بالفكر ودور الفلسفة من تحت يد أمثال المرزوقي، لأن عباءة الإخوان لا تنتج فكرا، ولا تدعو إلى التفكير أصلا، هي مسلمات جاهزة من اختراعهم لا تنتج إلا تخلّفا وجهلا.
وشددت الكاتبة التونسية على أن كل من اقترب من الإخوان خلعوا عليه عباءة تخلفهم وإجرامهم بحقّ شعوبهم، أبو يعرب المرزوقي وصف ما فعله الرئيس قيس سعيد يوم 25 جويلية بالانقلاب، في حين أنّ الرئيس نفذ إرادة شعبية في التخلص من جور الإخوان وإرهابهم.
وحول إمكانية الجمع بين رحابة الفلسفة وضيق أفق الجماعات المتشدد، قالت الدزيري: من المؤسف أن يتحول المفكر إلى بيدق (قطعة شطرنج) لدى جماعة إرهابية، حيث تنتفي الفلسفة والفكر عندما ينضوي إلى جماعة الإخوان، فلا يجوز الحديث عن الفيلسوف وفلسفة في هذه الحال.
يشار إلى أن العديد من الشخصيات الإخوانية بادرت بالتغريد للاصطفاف والتضامن مع المرزوقي على خلفية الاستدعاء للتحقيق معه، كما أن عددا من المنصات الإعلامية وأبواق جماعة الإخوان سارعت بالهجوم على الرئيس التونسي بحجة تكميم الأفواه ومحاكمة المفكرين.
كان أبو يعرب المرزوقي على رأس قائمة حركة النهضة في الانتخابات التشريعية بعد العام 2011 رافعًا راية وضع دستور مرجعيته القرآن الكريم وتحكيم الشريعة؛ بحسب كلمة ألقاها في مؤتمر انتخابي لحركة النهضة الاخوانية.
وأثار الكشف عن حقيقة الانتماء لهذه الشخصيات جدلا كبيرا، خاصة وأنها عاشف فترة ما قبل ثورة الياسمين 2011 في صفوف أحزاب سياسية بعيدة عن الإخوان، وهو ما اعتبره المراقبون نوعا من الاختراق الذي تلعبه الجماعة في ساحة الأكاديمية والأحزاب المنافسة.
واستقال "المرزوقي" من المجلس الوطني التأسيسي الذي سيطرت عليه حركة النهضة، قائلا "لو كنت أعلم أن تعييني من باب الترضية لنأيت بنفسي عن المشاركة"، ثم ظل وفيًا للتنظيم الدولي فلا يدع مناسبة إلا ويهاجم مصر التي أسقطت رأس الأفعى الإخوانية في ثورة الـ30 من يونيو، أو الهجوم على الرئيس قيس سعيد الذي أطاح بحركة النهضة وكشف زيفها أمام الشارع التونسي، أو الظهور في القنوات والمنصات الإعلامية للإخوان للتحليل السياسي والتعليق على الأحداث.
في أغسطس من العام2017، شنت الكاتبة الأردنية زليخة أبو ريشة هجومًا على المرزوقي، حيث وصفته بأنه "دجال فلسفة" وأنه يخدم المشروع الإخواني بتطويع النص القرآني مئة مرة، ليتوافق مع أفكار مبيتة وقائمة لدى الإخوان.
واكدت أنه يعتنق نفس الفكر الإخواني المتطرف، والذي يمكن ملاحظته أثناء حديثه عن مستقبل الإسلام السياسي ومستقبل العالم، كما أنه يستغل الفلسفة في تسويغ المشروع الإخواني، من خلال إعطاءه النكهة الفكرية.
وقالت "أبو ريشة": منهجُ أبي يعرب هو توظيفُ العقلِ والخطاب الفلسفي للوقوفِ ضد العقل نفسِه وضد الفلسفة أيضا.