الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عزلة قطر وخريف أردوغان!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المحاولات الخليجية لعزل قطر بعد سياساتها الأخيرة في دعم المتطرفين، تثير كثيرًا من علامات الاستفهام، بشأن الدور الذى تقوم به قطر، وإلى أين وصل التوتر بين دول الخليج بسبب ما تقوم به هذه الدولة، وربط البعض بين ما تقوم به عبر قناتها الإعلامية "الجزيرة"، وبين دعمها المسلحين في سوريا وكذلك في اليمن، إلى جانب دعمها جماعة الإخوان في مصر، وبين المخطط الإقليمي للعبث بالشرق الأوسط وتقسيم عدد من البلدان به، ويتزامن مع ذلك ما يتعرض له رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي من حركات احتجاجية عنيفة في إسطنبول وأنقرة وعدد من المدن التركية، وسط سخط المعارضة وعدم رضاها عن خطوات أردوغان الأخيرة بشأن الانقلاب على الديمقراطية، والتدخل فى القضاء والتضييق على حرية الإنترنت، ومنح دور أكبر للمخابرات التركية فى إدارتها للبلاد حاليا.
الموقف الخليجي مع التوتر التركي، يؤكدان أن قواعد اللعبة تغيرت بعد 30 يونيو، وأن هناك لاعبين صاعدين في المنطقة يتذمرون مما قامت به دول أخرى، ولم تراع المصلحة العربية، ومساعدة قوى إقليمية ودولية لتفتيت الشرق الأوسط، وبما أن الأمن القومي العربي مرتبط بمواقف ومصالح عدد من البلدان الرئيسية وأهمها مصر والسعودية والإمارات، فكانت خطوة السعودية في دعم السلطة الحاكمة بمصر منذ 30 يونيو، وقام وزير الخارجية السعودية بدور مهم في حماية المصالح المصرية وكبح جماح الدول الغربية التي كانت تتصيد لمصر المزيد من الأخطاء، وسط تكاسل وزير الخارجية المصري، إلى جانب تراخى محمد البرادعي في كشف حقائق الأمور، وهروبه من موقع المسئولية في وقت حرج.
البعض يربط بين استبدال التعاون المصري القطري بالمصري الإماراتي، إلا أن هناك من يرد على ذلك بأن مصلحة المصريين مع الإمارات لها تاريخ، وأن هذا التعاون ليس وليد الصدفة، وأن موقف الراحل الشيخ زايد مع مصر وأهلها لا يخفيه التاريخ، كما أن مصالح السعودية والإمارات والبحرين والكويت تكشف عن رصد المحاولات القطرية لزعزعة استقرار المنطقة وليست مصر فحسب، ومحاولة استلهام النموذج السوري أو الليبي، ومع إيواء قطر لعدد من قيادات الجماعة المحظورة، واستمرار التحريض على الإمارات من خلال الشيخ يوسف القرضاوي، وعدم احترام قطر الاتفاق الذى تم في نوفمبر الماضي، والتوقف عن محاولات التدخل في شئون البلدان الداخلية، جاءت الخطوة الحاسمة بسحب سفيري السعودية والبحرين من قطر، ليلحقا بالسفيرين الإماراتي والمصري من قطر واللذين استدعتهما بلادهما منذ أسابيع فى خطوة احتجاجية مكتومة!
وبسبب هذه المواقف تتعرض قطر لموقف حرج وعزلة خليجية قد تؤثر كثيرا على وضعها الإقليمي، وسط محاولات بدأت منذ سنوات لكى تكون وسيطة بين الفصائل الفلسطينية، والفصائل السودانية، وكذلك الأحزاب اللبنانية، حتى تعرضت لأزمة عنيفة بسبب هذه التطورات، وسط توقعات خليجية بحدوث تغير قريب في القصر الرئاسي بقطر، والتأكيد على أن هذه السياسات لن تدوم كثيرا ولن تصمد أمام موجة الغضب العربي، وهو ما سينعكس بدوره على جماعة الإخوان والتنظيم الدولي، بعد أن تعرض الحليف المهم فى المنطقة لمشكلات تمنعه عن استمرار دوره بنفس الكيفية والتأثير.

كذلك يتعرض أردوغان لانتقادات كثيرة بسبب الكشف عن فساد حكومته وأبنائه، وأبناء وزراء آخرين، وبالرغم من محاولته السيطرة على القضاء وفرض مزيد من القيود على الإنترنت، ومحاولة تخفيف الاحتجاجات الشبابية، والتهديد بإغلاق "فيس بوك" و"يوتيوب"، لم يفلح فى وقف مظاهرات المعارضة، ولم تمنع حملات النقد والتشهير التي يتعرض لها.

بالطبع الموقف التركي ليس ببعيد عن الأنظار الأوروبية، وبسبب سياسات أردوغان الأخيرة والتي بدأت في يونيو الماضي وقمعه المتظاهرين والتعامل العنيف معهم، وما اتبعه من خطوات ضد الديمقراطية ، أعرب البرلمان الأوروبي عن قلقه حيال التطورات الأخيرة في تركيا، وانتقاد الخطوات التي قام بها أردوغان، لما تعزز من الاستبداد والقمع على حساب الحريات ، وهو ما سيؤدى إلى انحراف تركيا عن مسار مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
يبدو أن دعم تركيا وقطر للإخوان لم يجعلهما يدركان حجم المخاطر التي ستعود عليهما، وأن الخسائر التي تتعرض لها البلدان حاليا ستطيح بالسلطات الحاكمة الآن، ليصبح 30 يونيو نقطة تحول ليس في مصر الآن وإنما في الشرق الأوسط ككل، وستكون له توابع عديدة ستغير كثيرا من المواقف.

دعونا ننتظر ما ستكشف عنه تطورات الأمور، ومصير كل من السلطة الحاكمة الآن في قطر ومستقبل رئيس الوزراء التركي، الذى كان لشهور قليلة ماضية هو نموذج التقدم والازدهار والديمقراطية!