الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

أين المناضلات وشريكات الحياة؟.. أديبات: صورة المرأة في الأدب الرجالي نمطية ومشوهة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا تزال العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة شائكة، قلقة، محفوفة بالكثير من المتناقضات، يحكمها الحرب كما يسيطر عليها الحب أحيانا، باعتبارها القضية المركزية الأزلية منذ بدء الخليقة، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

وفي مجتمع ذكوري، يحكمه المنطق الأبوي، تظل هذه المشكلة أكبر وأعمق، وإذا كان الأدب مرآة أي مجتمع، فإننا سوف نفتح مجددا الملف الشائك حول صورة المرأة في الأدب الذي أبدعه الرجال مؤخرا، من وجهة نظر الأديبات.

في السطور التالية نستعرض آراء عدد من المبدعات في بلدان عربية مختلفة، حول رؤيتهن في الطريقة التي تناول بها الأدباء الرجال قضايا المرأة في الأدب العربي، وهل تضمن هذا التناول أي تشويه لهن أم أنه ينصفهن ويتبنى مشاركتهن للرجل في معركة الحياة؛ وهل تغير موقف الأدباء الرجال في الوقت الراهن في تناول قضايا المرأة عن الأدباء في الحقب الماضية؛ مع إلقاء الضوء على بعض النماذج الأدبية التي تناولت هذه القضايا..

الكاتبة سكينة فؤاد

في البداية أكدت الكاتبة الكبيرة سكينة فؤاد، أن لاحظت - فيما قرأت - من روايات أبدعها الأدباء الرجال، ضعفا للخيال واصطناع ما يشبه النموذج السائد عن المرأة في أغلب الروايات، مؤكدة أنها لم تجد ما عاشته في مدن القناة والقدرات والإمكانيات التي بلا حدود التي تتمتع بها المرأة في هذا الإقليم من مصر، كما أنها لم تجد ما شاهدته من قدرة نساء الصعيد على إدارة الحياة برغم ما يبدو من أنها تعطي الرجل القيادة وهي السيدة الحقيقية.
وقالت صاحبة "ليلة القبض على فاطمة" إنني أقول حكمي هذا من خلال ما قرأت وما عشت، ويمكن أن يكون هناك أعمال لم أطالعها خلاف ذلك، مؤكدة أن التأكيد على صورة المرأة المنكسرة نشر صورة أخفت ما لدى المرأة من قدرات عالية، ولا نستطيع أن ننكر طغيان الفكر الأسطوري وغياب الرؤية بإمكانيات المرأة إذا تعلمت وعملت وتمكنت وتوفرت لها الظروف الاقتصادية.
ولفتت فؤاد، إلى طغيان الجنس في كثير من الأعمال ونشر تصورات غير حقيقية، مشيرة إلى أنه كان يجب أن ننتبه إلى الاختلاف التربوي والمجتمعي والقيمي والاقتصادي، ثم ما حدث في مصر من طغيان التيارات المتطرفة التي تنتقص من قدر المرأة.
وشددت فؤاد على أن الأجيال الجديدة تحمل قدرا كبيرا من التطور سواء بالنسبة لكتابات الشباب أو الأديبات، نتج عنها وجود تيارات فكرية جديدة تبشر بواقع مختلف يمكن أن يتخلص من كل محاولات التمسك بموروث الأمراض الاجتماعية والثقافية والتربوية.
وحول أسباب هذا التغير قالت فؤاد: لقد فرضت المتغيرات نفسها، ونجاح المرأة فرض نفسه وهناك صورة جديدة تماما، لأنها نجحت في أن تتصدى لتيارات التخلف والجمود التي تحاول ظلما وعدوانا أن تضع غطاء الدين، وهو ما خلق أجيال جميلة من المبدعين والأدباء تستلهم واقع المرأة المتغير على إثر مشاركتها الإيجابية في رحلة الحياة اليومية وتاريخها النضالي.

الشاعرة المغربية ريم نجمي


أما الشاعرة والكاتبة المغربية ريم نجمي فقالت: إنني أجد صعوبة كبيرة في الإجابة عن تعرض الأدباء الرجال للمرأة بالتشويه في أعمالهم أم لا، إذ كيف يمكن لنا تحديد تشويه صورة المرأة، فهل إذا أقدم كاتب ما على جعل شخصية من شخصياته النسائية فتاة ليل فهو يسيء إلى المرأة؟ بالطبع لا، فالنماذج النسائية السيئة موجودة في الواقع وبالتالي ستكون موجودة في الأدب وربما هذا يقودني إلى مسألة الخلط بين موقف الكاتب وموقف شخصية من شخصياته.

وأضافت: ما يزعجني شخصيا هي الصور النمطية التي تسجن فيها المرأة في كتب الأطفال أو في روايات عربية كلاسيكية، المرأة ربة البيت التي تمسح وتكنس ولا وجود لها في الفضاء العام، لكن في الروايات التي يكتبها روائيون شباب من العالم العربي لم أعد ألمس هذه الصور النمطية الجاهزة، على الأقل في الأعمال التي اضطلعت عليها.

وأكملت: يهمني كذلك موقف الكاتب من القضايا التي تهم المرأة، كالتحرش مثلا أو  التضييق على حريتها، يهمني أن يعبر عن إدانته لهذه السلوكات المجتمعية المهينة للمرأة سواء في كتاباته أو تصريحاته الصحفية، لأن الكاتب له دور في تنوير المجتمع والسير به إلى الأمام.

وحول تغير صورة المرأة في الأدب الحديث عن النظرة النمطية السائدة قديما، قالت: بالفعل أصبحت  صورة المرأة مختلفة في الأدب العربي الذي يكتبه الرجال، ولكنها تظل صورة خارجة عن تلك الصور النمطية التقليدية، قرأت مؤخرا مجموعة من الروايات التي كتبها كتاب شباب، أستحضر بالأخص رواية "النسوة اللاتي" لوجدي الكومي التي في تقديري قدمت صورا رمزية وأخرى مباشرة لقهر المرأة في المجتمعات الذكورية وأدانت سلوكات مشينة كالتحرش الجنسي في الشارع العام أو تضييق الخناق على النساء.

وتابعت: رواية " كقطة تعبر الطريق" أيضا من النماذج التي أعجبتني في تقديم صور مختلفة عن المرأة، فبطلة الرواية لاجئة سورية  اختارت الهروب من ويلات الحرب والعيش في أوروبا ، متمسكة بأمومتها ولها علاقة ندية بشريكها الفرنسي ميشيل بل تكاد تكون متفوقة عليه. رواية طارق إمام "طعم النوم" من الروايات التي انتصر فيها للمرأة ومنحها صوتا بعد أن كان صوتها مغيبا في روايتي كاوباتا وماركيز...وهذه فقط نماذج من أعمال كثيرة قرأتها خارج الصور النمطية عن المرأة.

الروائية السعودية هيلانة الشيخ

وقالت الروائية السعودية هيلانة الشيخ: للأسف يرى أغلب الأدباء الرجال قضايا المرأة مادةً ليست بالقيمة المهمة كقضايا أخرى، مادةً ليست لها أولوية في أعمالهم كالقضايا التاريخية والسياسية التي يعتبرها الأدباء أكثر أهمية ووقعًا على القارئ سواء كانوا أدباء رجال أو أديبات نساء، قلّة من الأدباء الرجال خاضوا التجربة؛ تناول الرجل لقضايا المرأة يرغمه أن يكون متحيزًا لها أو محايدًا أو مُشوهًا حسبما يتماشى مع دورها والرسم الذي تحدده شخصيات العمل.

وأضافت: في الوقت الراهن يميل الأدباء لتناول المرأة كإنسان لا كقضية، قلّة من لا يزال يعتبرها قضية محورية بينما في الحقب الماضية كانت قضاياها تستوجب التناول، وخاصة الشريحة المضطهدة منهن كما تناولها الأديب العظيم إحسان عبد القدوس في أغلب أعماله - العذراء والشعر الأبيض، ونسيت أني امرأة - وتحديدًا في مجموعته القصصية " زوجات ضائعات" تناول فيها حياة زوجات من ثقافات مختلفة ومعاناة كل واحدة وكيف وقعن بالخيانة حتى قيل آنذاك أنه يؤيد فكرة تحرر المرأة، على الرغم من انصاف الأديب إحسان عبدالقدوس للمرأة إلّا أنه أكثر من شوهها وعرّى واقعًا كُن يعشنه أغلب النساء. ففي قصة "ونسيت أني امرأة" كان ضدها فقد جسدها بصورة بشعة لا تعترف بأخطائها لتنتهي خاسرةً كل شيء.

واختمت بقولها: مؤخرًا لفتني تناول الكاتب أدهم العبودي لقضية المرأة الإيرانية التي تم إعدامها بسبب قتلها ضابطٍ دفاعًا عن شرفها، كان تناوله متحيزًا جدًا لها وهذا مالم يرق لي، فقد بالغ في تصويرها كضحية متجاهلًا الافتعال الاعلامي الأمريكي ضد إيران. رغم براعته في تقمص البطلة لم يكن مقنعًا لي كقارئة أولًا ولا كامرأة سقف ثقافتها لا يحتمل تصوير المرأة ضحية كاملة. 
ولفتني أيضًا تناول محمد المنسي في "طبيب أرياف" لقضايا عديدة دمجها بواقعية في قضايا المجتمع الريفي، من خلال الممرضة والفتاة العاشقة من شاب مسيحي والأم والأرملة دون تحيّز ودون تشويه، كان محايدًا ومقنعًا ومنصفًا، هكذا يجب أن تُتناول القضايا عمومًا كي نترك للقارئ حق الاختيار والمشاركة.