بعد مرور ١٢٦ عامًا ميلاديًا من تدوين مخطوطة "المجموعة الألفية في الرسائل الأحمدية"، لفضيلة الشيخ أحمد محمد الألفي من علماء القرن التاسع عشر الميلادي، خرجت المخطوطة التي لم يسعف الشيخ، العمر، بنشرها إلى النور بعدما ظلت محفوظة لدى أسرته.
صدرت المخطوطة في طبعة خاصة في ١٨٠ صفحة، من تحقيق المهندس صلاح منصور، وتدقيق ومراجعة وتقديم حفيد الشيخ، الكاتب الصحفي أسامة الألفي.
سجلت المخطوطة مناظرة جرت وقائعها في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني في القرن التاسع عشر وتحديدًا مطلع عام ١٨٩٦م، بين الشيخ أحمد الألفي وشماس من الكنيسة البروتستانتية يدعى عيد تادروس، وكان شرط الشيخ أن تكون كتابية لا شفاهية، كيلا يتراجع أحد عن قول قاله وكي تتسم لغة الخطاب بالموضوعية، والأهم كي يمكن نشرها لاحقًا، فالقصد من المناظرة ليس انتصار أحد الطرفين، ولكن إظهار الحقيقة وتبيانها للناس والتاريخ.
وأول ما يلفت القارئ للمناظرة سهولة لغتها، إذ جرت ودونت بألفاظ سلسة يفهمها المثقف ومحدود الثقافة، وبمفردات عصرها ولهجته، وهو ما يبرر وجود ألفاظ عامية قريبة من الفصحى فيها، الأمر الثاني الذي يلفت القارئ اتسام لغة الخطاب في المناظرة بالأخوية والحوار المتعقل، وإن شابها أحيانًا لغة خطابية حماسية، ويتبدى أيضًا احترام طرفي المناظرة لبعضهما باتخاذهما ألفاظًا راقية في مخاطباتهما، تظهره كلمات مثل: الأديب، الأريب، الكريم، والصديق في مناداتهما بعضهما.
كما يلحظ القارئ أيضًا أن الشيخ أحمد الألفي لم يحصر ردوده على محاوره باستشهادات من القرآن الكريم فقط، لكنه أيضًا استعان في ردوده باستشهادات من التوراة والأناجيل، فضلًا عن أقوال الأحبار والرهبان والقساوسة ومفكري الديانتين، ولم يفته الاستعانة بالمنطق فيما يغمض عن محاوره فهمه، مما يدل على تعمق الشيخ في دراسة الأديان المقارنة وكثرة قراءاته وتنوعها.