في ظل التقارير التي أصدرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم، باكتشاف أكثر من 43 كيلو جرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% في إيران، وفي ظل التقارير التي تحدثت عن فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على رجال أعمال تابعين لحزب الله المقرب من إيران، علاوة على إعلان واشنطن أنها حسمت موقفها بعدم رفع الحرس الثوري الإيراني من قوائم العقوبات، إزدادت التكهنات حول مصير مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، وقالت تقديرات أن الموقف الأمريكي تجاه إيران يشي بفشل المفاوضات بين الأطراف في فيينا.
وبعد مجهود شاق قامت به دول 4+1 التي تتفاوض مع الجانب الإيراني في العاصمة النمساوية فيينا، اتضح أن كل تلك المفاوضات كانت "حرثًا في البحر" بسبب الموقف الإيراني الصارم تجاه قضايا معينة أبرزها مطالبها برفع الحرس الثوري وكل الكيانات الإيرانية من قوائم العقوبات الأمريكية، فضلًا عن رغبتها في عدم مناقشة الدور الإيراني في الإقليم والميليشيات المسلحة المترامية في منطقة الشرق الأوسط والتي تمولها إيران وتتسبب في زعزعة استقرار المنطقة.
كل تلك الأزمات حاول منسق السياسات الخارجية للاتحاد الأوروبي حلها خلال زيارته الأخيرة إلى إيران والتي عاد منها بمبادرة إيرانية رفضتها الولايات المتحدة الأمريكية وقضت على كل الأحلام المتعقلة بإمكانية التوصل لاتفاق يحيي الأمل للاقتصاد الإيراني في الداخل في ظل تصاعد نسبة التضخم الاقتصادي، وانهيار قيمة العملة المحلية، وارتفاع الأسعار للسلع الغذائية والأساسية بمعدل 300%، وهو ما أجج التظاهرات والاحتجاجات في كثير من المدن الإيراني مؤخرًا.
التظاهرات التي عمت المدن الإيرانية، وعدم وجود خطة واضحة لدى السلطات الإيرانية لحل الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تسببت في تأزيم الأوضاع الاقتصادية للمواطنين تضغط بشكل كبير على النظام السياسي الإيراني، فضلًا عن تعرض البلاد لعدد من الكوارث غير المتوقعة والتي كان أخرها انهيار أحد المباني في مدينة عبادان، والتي على إثرها ازدادت التظاهرات وأعلنت الدولة الحداد بعد خمسة أيام من الواقعة ما تسبب في غضب شعبي واسع، وتعامل أمني صارم من قبل الشرطة الإيرانية تجاه المواطنين ما تسبب في سقوط مصابين وسط المتظاهرين.
وفي ظل كل تلك الأزمات يبدو أن ملف المفاوضات النووية بات يعاني من أزمة فادحة جراء التعنت الإيراني في الشروط والمطالب التي يقدمها وفد التفاوض الإيراني على مائدة المفاوضات للجانب الأوروبي وكذا الجانب الأمريكي المشارك في المفاوضات بطريقة غير مباشرة.
وبعد أن انتهى المفاوضون من تدشين مسودة تتعلق بضوابط محددة للعودة للاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015، بات ذلك الاتفاق هو والعدم سواء، فضلًا عن توقف المفاوضات بين الجانبين الإيراني والأوروبي في فيينا، بعد الموقف الأمريكي الأخير القاضي بعدم رفع الحرس الثوري من قوائم العقوبات، وهو المطلب الرئيس للسلطات الإيرانية لعدة أسباب أبرزها أن الحرس الثوري يمتلك شركات إقتصادية تمثل عصب الاقتصاد الإيراني، وهو ما جعل إيران تطلب رفع الحرس من قوائم التنظيمات الإرهابية.
وعلى ما يبدو أن المفاوضات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني تمر بمرحلة حرجة أو بمعنى أدق مرحلة توقف أو موت سريري قبل إعلان توقفها رسميًا بعد أكثر من عام من المفاوضات الشاقة بين الجانب الإيراني ودول 4+1، وهو ما يعزز التقديرات التي تشير إلى فشل مؤقت للمفاوضات، لحين مراجعة إيران لمطالبها واستئناف المفاوضات مرة أخرى بطلب أوروبي.