استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الإثنين، نظيره البولندي أندريه دودا، بقصر الاتحادية، وشهد الرئيسان مراسم التوقيع على عىد من اتفاقيات ومذكرات التفاهم بين مصر وبولندا في العديد من المجالات، تلا ذلك عقد مؤتمر صحفي مشترك.
وألقي الرئيس عبدالفتاح السيسي، كلمة خلال المؤتمر الصحفي جاءت كالتالي:
اسمحولي بدايةً، ويسعدني أن أرحب بفخامتكم في زيارة الدولة، التي تقومون بها إلى مصر والتي تكتسب أهمية خاصة، كونها أول زيارة رئاسية بين الجانبين رغم امتداد العلاقات الدبلوماسية بيننا عبر قرن من الزمان وحيث تعكس الزيارة في هذا التوقيت الحيوي مدى الأهمية التي نوليها للعلاقات الثنائية بين بلدينا وحرصنا المشترك على الانتقال بها إلى آفاق أرحب، ومستوى أكثر تميزًا.
وعلى الصعيد الثنائي، تناولت مباحثاتنا بشكل تفصيلي سبل المضي قدمًا، في تعزيز وتنمية العلاقات الثنائية بين البلدين، في مختلف المجالات بما يساهم في تحقيق مصالح الشعبين المصري والبولندي، وهو الأمر الذي يتطلب العمل على تكثيف الزيارات الثنائية المتبادلة، على مختلف المستويات بغية تعميق التعاون فـي المجالات ذات الاهتمام المشترك، لاسيما في الشق الاقتصادي والذي ينطوي على الكثير من الفرص الواعدة في مجالات مختلفة أهمها زيادة حجم التبادل التجاري خاصة في مجالات تصدير اليوريا والفوسفات، والميثانول ومواد البناء من مصر إلى بولندا وكذلك تكثيف التعاون في مجالات التحول الرقمي والطاقة الجديدة والمتجددة وتحلية المياه وإعادة تدوير النفايات فضلًا عن الخدمات السياحية والعلاجية والاستفادة من الخبرة البولندية في هذه المجالات وكذا عن نقل وتوطين التكنولوجيا البولندية في مصر.
وتم الترحيب أيضًا، بالقرار البولندي باستئناف شركة الطيران البولندية الوطنية، للرحلات المباشرة بين "القاهرة" و"وارسو" اعتبارًا من الحادي والثلاثين من مايو ٢٠٢٢ وهي الخطوة التي نعول عليها كثيرًا، من أجل تيسير حركة الانتقال والاستثمار بين البلدين مما سيصب في صالح جهود جذب الاستثمارات البولندية إلى مصر وزيادة حركة التدفق السياحي البولندي إلى المقاصد المصرية لاسيما أن بولندا تحتل المرتبة الخامسة، بين الدول المصدرة للسياحة إلى مصر.
ولقد حرصت على إطلاع الرئيس البولندي، على كافة التطورات التي تشهدها مصر، في المجالات ذات الصلة بعمل الاتحاد الأوروبي مثل قضايا مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان حيث تم استعراض الجهود المصرية المبذولة في هذا الصدد لاسيما مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى، لحقوق الإنسان في سبتمبر ٢۰۲۱ وكذا ما يتعلق بالتطور الذي تم إحرازه، في مجال تعزيز حقوق المواطنة والحريات الدينية ومكافحة التطرف وذلك بالنظر لما هو معروف، عن الاهتمام الخاص الذي توليه بولندا لمسألة الاضطهاد الديني، في جميع المحافل الدولية ذات الصلة.
كما أعربت عن تطلع مصر، لدعم بولندا لجهود مصر للقضاء على الإرهاب وذلك من خلال إلقاء الضوء على الجهود الوطنية المبذولة، بهدف حفظ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، والتأكيد على الحاجة لبذل جهود مضاعفة، لمواجهة الإرهاب على الصعيد الدولي خاصةً فيما يتعلق بتمويل الإرهاب، وتوفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية.
وقد تطرقت المباحثات أيضًا، إلى استعراض الجهود التي بذلتها مصر من خلال جميع مؤسساتها، لوقف الهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية لأوروبا، عبر البحر المتوسط وذلك على الرغم من العبء الملقى على اقتصادنا، من خلال استضافة أكثر من "٦" ملايين لاجئ يتمتعون بكافة الحقوق الأساسية والخدمات الاجتماعية في مصر، وهو الأمر الذي كان له طيب الأثر في تخفيف ضغط الهجرة على القارة الأوروبية التي تشهد دولها تدفقًا مكثفًا للمهاجرين مؤخرًا.
كما تم الترحيب، بما أبدته بولندا من استعداد لتقديم الخبرة، فيما يتعلق باستضافة مصر للقمة العالمية للمناخ "COP-٢٧" أخذًا في الاعتبار، استضافة بولندا لثلاث دورات سابقة للقمة ولقد شهدت المباحثات توافقًا حول أهمية دعم استقرار التنمية الاجتماعية والاقتصادية أثناء تطبيق إجراءات التخفيف والتكيف مع آثار التغير المناخي، وتم توجيه الدعوة للجانب البولندي للمشاركة رفيعة المستوى في المؤتمر، وعلى صعيد القضايا الإقليمية والدولية، فقد تطرقت المباحثات إلى عدد من القضايا ذات الأهمية والأولوية بالنسبة لمصر، وفي مقدمتها ملف سد النهضة حيث تم استعراض الجهود المصرية، على مدار عقد كامل من المفاوضات، من أجل التوصل إلى اتفاق منصف وملزم قانونيًا بما يكفل عدم الإضرار بالمصالح المائية المصرية، وبحقوق الأجيال الحالية والقادمة من مياه النيل، المصدر الأساسي للمياه بالنسبة لمصر، وفي ذات الوقت يضمن فيه أيضًا بشكل عادل تحقيق الأهداف التنموية للشعب الإثيوبي.
كما تطرقت المباحثات، إلى عدد من قضايا منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تعد القضية الجوهرية في المنطقة حيث تم التأكيد على أهمية حل دولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الأمر الذي يتطلب وقف سياسة الاستيطان، واقتطاع الأراضي الفلسطينية ويستلزم إيجاد مناخ هادئ يتيح الفرصة لمفاوضات جادة وبناءة، تفضي إلى تسوية مستدامة لهذا النزاع الممتد.
وعلى الصعيد الدولي، تناولت المباحثات الأزمة الروسية الأوكرانية التي تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي بأسره وتهدد الأمن الغذائي لمختلف دول العالم حيث تم الاستماع لوجهة النظر البولندية، إزاء مسببات الأزمة وسبل التغلب عليها كما تم استعراض وجهة النظر المصرية إزاء الأزمة، والموقف المصري في هذا الصدد والذي يقوم على أساس تناول كافة السبل المؤدية إلى التهدئة، والتوصل إلى حل سلمي للنزاع وبذل كافة الجهود من أجل تحقيق ذلك، سواء على المسـتوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي، ومن ثم تم التأكيد على أهمية إيجاد البدائل والحلول، التي تضمن تجنيب الشعوب، الآثار السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية.
وفي هذا السياق، تم استعراض الجهود المصرية المبذولة، للمساهمة في تسوية الأزمة، من خلال المبادرة المصرية، لتشكيل مجموعة اتصال وزارية في إطار الجامعة العربية والتي قامت في شهر أبريل الماضي، بزيارة إلى كل من "موسكو" و"وارسو"، للالتقاء بوزراء خارجية الدول المعنية، لحث جميع الأطراف على التهدئة، وتغليب لغة الحوار والتفاوض، وصولًا إلى تسوية، تجنب الجميع ويلات الحرب، وآثارها الاقتصادية الوخيمة.
مرة أخرى، أجدد ترحيبي بكم، وأعرب عن تقديري لشخصكم الكريم، في زيارتكم الأولى إلى مصر، وأيضًا تطلعي إلى تلبية دعوتكم إلى زيارة دولة بولندا في أقرب وقت، والتي تؤرخ لبداية حقبة جديدة، من التعاون والتنسيق بين مصر وبولندا من أجل مزيد من تعزيز وتعميق العلاقات الثنائية، لصالح البلدين والشعبين الصديقين.