قال الأنبا باخوم النائب البطريركى لشئون الإيبارشية البطريركيّة للأقباط الكاثوليك ، شعب يعشق أرضه، (تراب الوطن)، إن خيار الهجرة بالنسبة للمصريين هو الخيار الأخير دائمًا مهما كانت الظروف. حيث أن المصريين شعب يعشق تراب وطنه موضحا إنه إذا كانت هناك احصائيات للهجرة او السفر للبحث عن حياة أفضل من الناحية الاقتصادية فهذا أمر يشترك فيه الجميع مسلمون ومسيحيون أما عن هجرة اليهود المصريين فهذا أمر يطول شرحه، وبالمثل الجاليات الأجنبية.
وأضاف الأنبا باخوم خلال كلمته التي القاها في مؤتمر أحوال المسيحيين ومستقبلهم في الشرق الأوسط والتي قامت بنشرها الصفحة الرسمية للكنيسة ، بان مصر في الفترة الأخيرة عاشت مرحلة من أخطر مراحلها في تاريخها الحديث والمعاصر وعاشتها معها الكنيسة أيضا كجزء لا يتجزأ من هذا الوطن.
وعن تلك الأحداث التي أعقبت ثورة يناير إبان حكم الأخوان قال: “مع كل هذا لم يضعف انتماء الأقباط لوطنهم وايمانهم بأن ما يحدث سيمر كما مر الكثير من مضايقات وأحداث. فالخوف والقلق لم يكن فقط على الكنيسة (شعبها وقادتها) بل الخوف الأكبر كان على الوطن فلسنا كمسيحين أقباط نعيش في جزيرة منعزلة فروحانيتنا وطقوسنا وصلواتنا لا تنفصل عن ثقافتنا وانتماؤنا لوطننا. فشبابنا جنود في جيش هذا الوطن وبناتنا أعضاء في أحزابه وعاملين في مؤسساته”.
وتابع: “كانت الكنيسة ومازالت ثابتة غير محايدة، صامدة بتعاليمها ومبادئها. وتركت لمؤمنيها الاختيار في توجهاتهم السياسية والحزبية مع الاحتفاظ بقواعد الايمان الراسخ والتعاليم الكاثوليكية الواضحة ولم تنقطع صلاتها من أجل الوطن”.
اذن استقرار المسيحين في مصر مرتبط باستقرار بلدهم، والمشاركة الحقيقية في عملية الإصلاح، بكل محاورها: (الاقتصادي، التعليمي، الثقافي، الديني،،)
وتابع باخوم : التحديات والمشاركة في الإصلاح، بعد ثورتين وأعمال عنف وتعديات وازمات سياسية داخلية وخارجية، ثم ازمة فيروس كوفيد ١٩ الذي عانت منه البشرية جمعاء.
كانت القيادة السياسية المصرية واضحة وصريحة في قراراتها ومصارحتها بكل شفافية لوضع البلاد على كل المستويات ومن ثم التأثيرات التي يمكن حدوثها في حال الدخول في طريق اصلاح حقيقي. ومن ثم حشدت لهذا الهدف كل مقدرات الوطن وموارده. شارك الجميع ممن لهم نوايا حسنة ولا ننكر معاناة الكثيرين ممن لحقهم غلو
الاسعار وارتفاع تكلفة المعيشة في ابسط متطلباتها. وهنا يجب أن نلقي نظرة على الوضع الاقتصادي العالمي وليس فقط في دول الشرق الأوسط فنحن نعيش في عالم واحد، قرية صغيرة.
واشار الأنبا باخوم ، إلى ان العالم يواجه اقوى عاصفة اقتصادية مع احتمالية حدوث ركود اقتصادي في اميركا والاتحاد الأوروبي والصي.
وبالتالي يمكننا القول أن ارتفاع الأسعار ورفع الدعم، في مصر أمر لا يخص الإدارة المالية لمصر فقط. وبالتالي أيضًا ارتفاع نسبة الديون الخارجة وارتفاع نسبة التضخم وسعر الدولار أمام العملية المحلية، وارتفاع سعر الذهب، ارتفاع سعر برميل النفط،،،كلها قضايا يجب أن تناقش في ضوء الازمة الاقتصادية العالمية.
وكشف الأنبا باخوم عن التطورات الحادثة في مصر قائلا : على الصعيد المحلي نجد، بنية تحتية جديدة، مشروع حياة كريمة، سكن الشباب، طرق، مدن جديدة، أراضي زراعية جديدة. مشروعات قومية توفر فرص عمل كبيرة جدا للعاطلين، بناء كنائس جديدة يصاحبه دعم كبير من الدولة من حيث الموافقات والإجراءات القانونية، وتقنين الكنائس القديمة، قانون الأحوال الشخصية المشترك للطوائف.
أنا بشأن الوضع الديني المسيحي: أحيانًا يتم حصر قضايا المسيحية في مصر خاصة، في أزمة بناء الكنائس أو ترميمها! وأرى أن احدى المشاكل الحقيقية في وضع المسيحيين بمصر هو احساسهم الدائم بأنهم أقلية، وتوقعاتهم مع كل رئيس جديد في جمع الحقوق المهدرة منذ عدة عقود (كتعينيهم في الوزرات السيادية، ورئاسة الجامعات الكليات).
إذن الأزمة ليست فقط اقتصادية، وليست فقط في بناء الكنائس من عدمه.
إنما في وجود واقع لابد من الإقرار به والتفكير جديًا في مواجهته بطرق تتوافق ودعوتنا الدائمة للعيش المشترك.
وأضاف هذا الواقع يمكننا تسميته ان جاز التعبير: “الهواء السلفي ” الذي يملأ الأجواء في هذه البقعة من الأرض (بلاد الشرق الأوسط) فمازال وجود التيارات الفكرية المتشددة في صورتها الأخيرة والظاهرة للعيان في ما يسمى الاتجاهات الدينية السياسية لن تنتهي من مصر او الشرق الاوسط بهذه السهولة. لذا يمكن أن يأخذ الحديث مسارات أخرى: دورنا في دعم عمليات الإصلاح الحقيقية في بلادنا، وساقترح عمليا بعض النقاط في الختام.