يستضيف المركز الدائم للموهوبين والتعلم الذكي، التابع لمديرية التربية والتعليم بجنوب سيناء، ومقره المدرسة الثانوية الفندقية في العاصمة طور سيناء، الإثنين المقبل، وفي تمام الساعة العاشرة والنصف صباحا، الخبير الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، وأحمد إبراهيم الحشاش، مدير منطقة آثار جنوب سيناء، والدكتور تامر حسن العراقي، مدير الشؤون الأثرية بمنطقة آثار جنوب سيناء.
وتعقد ندوة تتناول “ الآثار والسياحة بسيناء في ضوء مؤتمر المناخ بشرم الشيخ نوفمبر المقبل”، للدكتور ريحان، و"الانباط في سيناء نقوش وحضارة" للدكتور تامر العراقي، وذلك ضمن برنامج الوعي الأثري لمنطقة اثار جنوب سيناء للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية.
تأتي الندوة في إطار تفعيل خطة النشاط الصيفي للمركز الدائم للموهوبين والتعلم الذكي، تحت رعاية محمد حامد عقل، وكيل وزارة التربية والتعليم بالمحافظة، وإشراف عام عادل عتلم، وكيل المديرية .
وقال ريحان في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز" اليوم الجمعة، لقد جسّدت آثار سيناء عبر عصورها التاريخية منذ ما قبل التاريخ ومرورًا بعصر مصر القديمة وفترة تواجد الأنباط بسيناء والفترة المسيحية والإسلامية نموذجًا حيًا للتفاعل بين الإنسان والبيئة الصحراوية والجبلية بسيناء وتطويعها لصالحه، فمنذ ما قبل التاريخ بدأ الإنسان السيناوى الأول فى بناء مساكنه ومقابره التى تمتلأ بها مناطق جنوب سيناء مابين سانت كاترين ودهب ونويبع وهى عبارة عن مبانى عبارة عن دوائر من الأحجار الزلطية الكبيرة والمنطقة حولها مفروشة بهذه الصخور ذات البلاطات العريضة وقطر هذه الدوائر ما بين متر إلى ثلاثة أمتار وطريقة بنائها برص الأحجار بطريقة بدائية دون استخدام مونة، ثم تطورت إلى مبانى بينها مساحة متسعة أكثر ارتفاعًا واتساعًا من الدوائر السابقة ويطلق عليها النواميس مدخلها بسيط وضيق لا يتسع إلا لشخص واحد على ارتفاع 50سم يعلوه عتب مما يدل على أن الأفراد كانوا يدخلونها زحفاً والحوائط مبنية بانحراف للداخل وسقفها من قبة ضحلة (غير عميقة) وتعد النواميس مرحلة بداية تكوين القبيلة حيث كانوا يعيشون فى مجموعات على هيئة دوائر ووسطهم أماكن الحيوانات.
وأضاف: وفى عصر مصر القديمة استغل المصريون القدماء ما تتميز به البيئة السيناوية وهو الفيروز ومنها جاءت تسميتها بأرض الفيروز لذلك أرسلوا البعثات لتعدين الفيروز والنحاس بسيناء منذ عهد الدولة القديمة ، وبعد ذلك عدّنوا الفيروز فى سرابيط الخادم، والنحاس فى وادى النصب الغربى وكانوا يستخدمون ميناء أبو زنيمة عند التوجه إلى سرابيط الخادم، وميناء أبو رديس عند التوجه إلى وادى المغارة.
وفى عصر الأنباط بسيناء الذى يمتد من القرن الأول قبل الميلاد إلى عام 106م نهاية دولتهم رسميًا رغم استمراهم كتجار حتى العصر الإسلامى وهناك قبيلة من أحفادهم بسيناء وهى قبيلة الحويطات، واستغل الأنباط البيئية السيناوية فى إبداع أعظم نظم الرى للاستفادة من مياه الأمطار والسيول بسيناء وتحويلها من قوة مدمرة إلى مصدر للمياه العذبة كما استغلوا نحاس سيناء فى وادى النصب وقاموا بتعدينه، كما استغلوا نوع من الأحجار يطلق عليها الحجر المرجانى الذى ينتشر فى المواقع الساحلية فى بناء المنشئات الخاصة بميناء دهب المشرف على خليج العقبة .
وتابع : وفى الفترة المسيحية بسيناء والتى ازدهرت من القرن الرابع إلى القرن السادس الميلاد لجأ الرهبان إلى سيناء هروبًا بالدين الجديد من وجه الرومان الوثنيين ثم عشقوا حياة الصحراء والبيئة السيناوية وأنشأوا الصوامع المنفصلة التى تطورت حتى وصلت إلى الأديرة المتكاملة وسكنوا الوادى المقدس "منطقة سانت كاترين حاليًا" واستفادوا من الجبال الجرانيتية والجبال من الحجر الرملى الأحمر بوادى فيران 60 كم شمال غرب دير سانت كاترين وأنشاوا أول أبرشية لهم هناك منذ القرن الرابع الميلادى واستغلوا الغرين الناتج عن السيول فى عمل مونة البناء وطبقات الطلاء للحوائط كما صنعوا منه الطوب اللبن الذى استخدموه فى البناء وكان قويًا لدرجة بقائه فى البناء حتى الآن
واستفادوا من الجبال الجرانيتية فى بناء أشهر أديرة العالم وهو دير طور سيناء فى القرن السادس الميلادى والذى تحول اسمه إلى دير سانت كاترين فى القرن التاسع الميلادى بعد العثور على رفات القديسة كاترين على أحد الجبال الذى حمل اسمها وهو أعلى جبال سيناء 2246م فوق مستوى سطح البحر واستخدموا جذوع شجر السرو فى الأسقف المنتشر بالمنطقة والذى يرمز إلى الخلود كما جعلوا سقف الكنيسة الرئيسية على هيئة جمالون لشدة البرودة بسانت كاترين وتغطيها بالثلوج فى الشتاء، كما بنى الدير باتجاه شمال شرق وجنوب غرب موازى لمجرى السيل حتى لا يجرفه السيل مع عمل أماكن لتصريف السيول التى تتسرب إلى الدير، كما استفادوا من الأحجار الرملية والجيرية بطور سيناء فى بناء دير الوادى هناك واستغلوا مصادر المياه العذبة هناك من عيون وآبار فى إنشاء مجتمعات رهبانية .
وأردف: وفى العصر الإسلامى استغل الإنسان بسيناء مواد البناء المتوفرة لصالحه حيث أدخلت فى المبانى الساحلية نوع من الأحجار المرجانية التى تقاوم الأملاح بشكل كبير وهى أقوى من الجرانيت واتضح ذلك فى مبانى حصن رأس راية بطور سيناء ومبانى كاملة بتل الكيلانى من الأحجار المرجانية وفى النقطة العسكرية المتقدمة بنويبع أقدم مركز بوليس فى سيناء خاصة ومصر عامة يعود إلى عام 1893م كما أنشأ السدود لحجز مياه الأمطار وتحويلها من قوة تدميرية لمصدر للمياه العذبة واتضح ذلك قرب قلعة الجندى برأس سدر الذى بناها صلاح الدين الأيوبى فى الفترة من 1183 إلى 1187م وفى جزيرة فرعون بطابا استغل صلاح الدين تلين مرتفعين بالجزيرة وبنى عليهما قلعته الشهيرة بجزيرة فرعون بطابا التى تعود إلى عام 1171م واستغل التل نفسه كمحجر للحصول على أحجار بناء القلعة كما استغل مستويات التل نفسه فى البناء طبقًا لمنحدراته واستغل مقومات الموقع الدفاعية من وجوده فى جزيرة وفوق تل مرتفع لتكون محصّنة ضد أى هجوم
وفيما يتعلق بمحاضرة "الانباط في سيناء نقوش وحضارة" للدكتور تامر العراقي، تتناول المحاضرة إبراز اهم المواقع الاثرية والنقوش الصخرية التي تركها العرب الانباط في سيناء اثناء عبورهم من البتراء الي مصر القديمة عبر دروب سيناء، حيث لعب الانباط دور الوسيط التجاري بين حواضر العالم القديم فقد كانوا يستخرجون القرار والملح من البحر الميت ويأتون به الي مصر كي يستخدمه المصريون القدماء في التحنيط، وتركوا اثناء تجوالهم الاف النقوش التذكارية التي تخلد ذكراهم، واستمر دورهم الحضاري حتي بعد انتهاء دولتهم سياسيا في البتراء بالاردن عام ١٠٦م حيث اصبحوا جزءا من الولاية العربية الرومانية ومن اهم اثارهم نقوش ومحطات تجارية في كل سيناء.