تتصدر إمدادات الطاقة الروسية اهتمامات الدول الأوروبية مع استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وطالبت ألمانيا وإيطاليا بتقليل الاعتماد على الطاقة الروسية خاصة مع استعمال موسكو لمصادر الطاقة كورقة ضغط توازن بها ما تصفه بـ"الانحياز الأوروبي لأوكرانيا"، فيما أعلنت فنلندا استعدادها لإعادة إعمار أوكرانيا.
ففي دافوس، دعا المستشار الألماني أولاف شولتز اليوم /الخميس/ لاتخاذ قرارات قيادية سريعة نحو مستقبل طاقة نظيفة بهدف تقليل الاعتماد على واردات الطاقة الروسية.
وأشاد المستشار الألماني -في خطاب خاص ألقاه في اليوم الختامي للاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس- بالوحدة الغربية ضد الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، واصفا الهجوم الروسي بـ"الاستعمار"، وقدم لائحة اتهام قاسية للهجوم الروسي ضد أوكرانيا، وفقا لما أورده الموقع الرسمي لمنتدى دافوس.
وقال "إن قوة نووية كبرى تتصرف كما لو كان لها الحق في إعادة ترسيم الحدود ويريد الرئيس بوتين العودة لنظام عالمي حيث القوة هي التي تملي ما هو صواب".
وأضاف "إن الحرية والسيادة وتقرير المصير لاتكون ببساطة للجميع، هذا هو الاستعمار وتلك هي محاولة روسيا لإعادتنا لزمن كانت فيه الحرب أداة مشتركة للسياسة عندما كانت قارتنا والعالم دون نظام سلمي مستقر".
وأوضح أن الهجوم الروسي أدى لتوحد غير مسبوق في صفوف الدول الغربية، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قلل من شأن الوحدة والحيوية التي من المقرر أن ترد بها مجموعة السبع وحلف شمال الأطلسي"ناتو" والاتحاد الأوروبي على عدوانه، وقال "بالعمل معا، فرضنا عقوبات أكثر صرامة وأطول تأثيرا من أي عقوبات تم فرضها سابقا على بلد بحجم روسيا".
ودعا المستشار الألماني لتسريع انتقال الطاقة، قائلا "لدينا الآن سبب أكبر للابتعاد عن الوقود الأحفوري أكثر من ذي قبل وفي النهاية، تم تعزيز هدفنا المتمثل في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2045 من خلال حرب بوتين".
وأشار إلى الخطط الألمانية للتخلص التدريجي من واردات النفط الروسي بحلول نهاية عام 2022، مضيفًا"نحن نعمل أيضًا بكل جهد لإنهاء اعتمادنا على الغاز الروسي".
وأضاف المستشار الألماني أولاف شولتزأن ألمانيا تخطط لمضاعفة معدل خفض الانبعاثات بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030 وزيادة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة في البلاد إلى 80% بحلول نهاية السنوات ال 10 الأخيرة.
وفي روما، أكد رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي إن اعتماد بلاده على روسيا بمجال الطاقة يخاطر بأن يصبح خضوعًا للكرملين.
وقال رئيس وزراء إيطاليا -في تصريح أوردته اليوم الخميس وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء- إن الاجابة الفورية هي إعداد مستقبل لن نعتمد فيه على روسيا للحصول على الغاز الطبيعي، بما في ذلك التوجه إلى إفريقيا وفي كل مكان في العالم باستخدام العولمة.
وفي السياق ذاته، أشار رئيس الوزراء الايطالي، إلى أن "الحرب في أوكرانيا تجعل جهود التغيير لدينا أكثر تعقيدًا، وفي الوقت نفسه، أكثر ضرورة".
وقال دراجي - في خطابه اليوم أمام مؤتمر الكونفيدرالية الإيطالية لنقابات العمال - إن سوق الطاقة يشهد مرحلة من تقلبات هائلة تعاقب العمال والشركات، لافتا إلى أن الحواجز أمام الصادرات واختناقات سلاسل الامداد والتأخير في عمليات التسليم سلطت الضوء على حساسية الأنظمة الصناعية الإيطالية.
ونوه دراجي بأن هذه الأزمات تؤثر بشكل خاص على المواطنين الأكثر ضعفًا والمكونات الاجتماعية الأكثر هشاشة وتشكل ضغطًا على التماسك الاجتماعي. وتجبر الإيطاليين على إعادة التفكير في سياسة الطاقة وسلاسل الإنتاج والتوريد.
وفي كييف، أعربت فنلندا عن استعداها لمساعدة أوكرانيا في إعادة إعمار البلاد وإصلاح البنية التحتية ودعم الإصلاح التعليمي في البلاد.
جاء ذلك، حسب ما نقلته وكالة أنباء /يوكونفورم/ الأوكرانية عن البوابة الحكومية، خلال اجتماع رئيس وزراء أوكرانيا دينيس شميهال ونظيرته الفنلندية سانا مارين في العاصمة الأوكرانية كييف.
وخلال الاجتماع، وقع شميهال ومارين اتفاقية لمواصلة تنفيذ مشروع "الدعم الفنلندي لإصلاح التعليم الأوكراني" حتى عام 2023 المقبل.
وينص المشروع على تقديم فنلندا دعما ماليا لإصلاح التعليم قيمته 6 ملايين يورو إلى جانب ما يصل إلى مليوني يورو من الاتحاد الأوروبي.
ومن جانبه، قال شميهال: "منذ بداية العدوان الروسي عام 2014 -على حد قوله- ساعدتنا فنلندا على جميع المنصات الدولية وقدمت دعما كبيرا في تعزيز الإصلاحات في أوكرانيا، ولا سيما في مجال التعليم".
وأضاف: نحن نقدر ذلك بشدة ولن ننسى أبدا تضامن الشعب الفنلندي ودعمه المعنوي والتبرعات العديدة التي قدمها للمنظمات الإنسانية الدولية لمساعدة أوكرانيا.
وبالاضافة إلى مساعدة فنلندا في إعادة بناء وإصلاح قطاع التعليم في أوكرانيا، اتفق شميهال ومارين على إشراك فنلندا في إعادة بناء البنية التحتية الأوكرانية في المستقبل، باستخدام التقنيات المتقدمة والمعايير الأوروبية، وإعادة بناء المدن والبلدات والقرى الأوكرانية.
وتابع رئيس الوزراء الأوكراني قائلا: "نتوقع تحديد مشاريع محددة في المستقبل القريب لنكون مستعدين للشروع في العمل قريبا".
كما اتفقا أيضا على التنسيق الوثيق للتعاون داخل الاتحاد الأوروبي، ولا سيما بشأن مساعدة فنلندا في تنفيذ الإصلاحات في أوكرانيا في طريقها نحو الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.
بدورها، قالت مارين إن أوكرانيا بالفعل عضو في الأسرة الأوروبية، مؤكدة دعم فنلندا، جنبا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي، لأوكرانيا في كل مرحلة من مراحل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.