الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الحوار الوطني.. آذان مصر المُصغية لألسنة الحكماء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يُحكي أنه  في قديم الزمان، كان هناك حكيم  في بلدة ما، يأتي إليه الناس من كل البلدان المجاورة للمشورة، ولكن عندما عمّت الفوضى بين أهالي بلدته، امتنع عن الكلام واعتكف في كهف بمفرده، وعندما سُئل عن سبب ذلك، قال: "إن للكلمة قدسية وللحوار هيكلا ومذبحا، لا يمكن أن تقدم قرابينه إلا في سكون وهدوء ونظام".
هكذا كانت رواية الدولة المصرية، في رحلتها عبر كل المخاطر التي عبرت بها إلى بر الأمان، كانت الفوضى التي ألقى ببذورها الخصوم عائقًا أمام الحوار والاستماع، كان لابد أن يهدأ الجميع وأن تمر الدولة بمرحلة نضوج وإصلاح أمني واقتصادي حتي يتسنى للجميع فترة للهدوء والنضوج واستيعاب بل هضم ذلك التغير السياسي الذي طرأ على المجتمع المصري، فكان من المستحيل سماع آراء مختلف الطوائف في فترات مضطربة، لأن آراءهم كانت ستكون غير مستقرة ومضطربة أيضًا.
ولكن بمجرد تعافى الدولة المصرية من أثار الفوضى الخلاقة والإصلاحات السياسية والاقتصادية والأمنية التي ألقت بالسكينة في قلب مصر، أصبح الهدوء والأمن بيئة غنية تسمح بالحوار، بل إن الأمن هو الأرضية الصلبة التي تحمي الحوار وتستوعب مختلف الآراء.
لا يمكن اختزال الحوار الوطني في الإصلاح السياسي، ولكن هو مجموعة من الرأي التي تريد أن تسمعها الدولة المصرية من حكماء المدينة ومن مختلف القوى المدنية لتثرى رؤيتها تجاه كافة التحديات الموجودة وإفراز مزيد من لقاحات الوعي، التي تضمن استدامة ذلك الأمن الحقيقي؛ وذلك الاستقرار، فالأمن الذي حققته الدولة المصرية لشعبها لا يوجد ضمان لاستدامته سوى الحوار!
فما بدأ بالذخيرة والمعارك الطاحنة، يُستكمل بالحوار والسياسة.
إن تلك الحالة الحوارية تبرهن على نضوج الدولة المصرية وتبرهن على التوقيت الجيد الذي يمكن أن يقول فيه كل من يتحدث رأيا سديدا غير متأثرا بأي اضطرابات، يستطيع خلق حالة لا نهاية لها، فالحوار الوطني حالة لا يمكن أن تنتهي ما إذا بدأت، بل ستستمر وستكون سُنة عن دولة الثلاثين من يونيو، حالة مستمرة ومتحركة، تتشكل ملامحها من عقد إلى عقد وتزداد نضوجًا، فمن الطبيعي أن نناقش ما هو على أجندة الحوار الوطني، ولكن لا بد أن نتناقش كيف سنتناقش؟ وإلى أين ستنتهى في الجزء الأول وكيف ستكون آلية الحوار في المرحلة الأولى والثانية والثالثة  إلخ...؟
ربما تتغير المضامين والحوارات والأولويات ولكن الذي سيبقى هو آلية الحوار والتي هي مهمة المرحلة الأولى التي سترسخ كيفية الحوار بين أطياف الشعب لعقود قادمة كثيرة.
لتظل مصر آذان مصغية لكل أصوات حكيمة وشريفة ووطنية  مُحصنة من كل محاولات التفكيك.