نسمع من وقت لآخر عن مصطلح علمي يخص أمور الفضاء وهو “سرعة الإفلات” وعلاقته بالجاذبية وعدم سقوط الأقمار الصناعية والقمر على الأرض، وقد تتساءل أحياناً، ما الذي يبقي الأقمار الصناعية في مداراتها حول الأرض، قد يقول لك البعض إن السبب هو نقصان الجاذبية، ويعتقد البعض أن الجاذبية معدومة في الفضاء، ولكنها موجودة بكميات قليلة في كل مكان، حيث أنها تقل كلما ارتفعنا عن سطح الأرض، فهي من تبقي القمر في مداره حول الأرض، والأرض حول الشمس، ولكن ليس هذا هو سبب عدم وقوع الأقمار الصناعيّة.
ويمكنك ببساطة حساب الفرق في الجاذبية بين سطح الأرض ومحطة الفضاء الدولية التي تدور في مدار ارتفاعه 320 – 400 كم وستجد أن الفرق ليس كبيراً جداً، فمثلاً إذا كان الجسم يزِن 45 كيلو غرام على الأرض، بالمقابل سوف يزِن 40 كيلوجرام وهو على ارتفاع محطة الفضاء الدولية، إذن لماذا تطير الأشياء في الفضاء؟ لماذا يسبح رواد الفضاء؟
الإجابة هى أنهم في حالة سقوط دائم، الجاذبية تجذب جميع الأجسام بنفس المقدار، حتى لو كانت ذات كتل أو حجوم مختلفة، لو رميت مطرقة وريشة فسوف تصلان الى الأرض في نفس الوقت في حالة عدم وجود هواء، ولو كنت أنت وكرة تقعان في نفس الوقت، فسوف تبدو بالنسبة لك كأنّها تسبح في الفضاء وهكذا، تقع المركبة الفضائية ورواد الفضاء نحو الأرض، بنفس السرعة، لذلك يبدو أن رواد الفضاء يسبحون في المركبة الفضائيّة.
ويحدث وقوع مركبة نحو الأرض في هذه الحالة حيث أن جاذبية الأرض تجذب الأجسام نحو سطح الأرض، وتقوم بجذب محطة الفضاء نحو الأرض أيضاً، ولكن في نفس الوقت، تسير محطة الفضاء بسرعةٍ عاليةٍ جداً، هذه السرعة تجعلها تقابل تقوّس سطح الأرض، فإذا رميت كرة سلة نحو الأمام، في حال عدم وجود جاذبيّة سوف تنطلق في مسار مستقيم للأبد، بينما في حال وجود جاذبيّة سوف تتبّع الكرة مساراً مقوساً، وتقع نحو الأرض في النهاية.
ويمكنك ملاحظة أن العلاقة بين سرعة رمي الكرة وطول القوس طردية، كلما زادت السرعة سوف يطول القوس، وبالتالي ستقع الكرة في مكان أبعد، وبما أن سطح الكرة دائري، سيطول القوس حتى يدور حول الأرض بشكلٍ كاملٍ، ويقوم بالالتحام مع نفسه، عندها إذا قمنا برمي الكرة فإنها ستدور حول الأرض إلى الأبد، وتسمى سرعتها حينئذ السرعة المدارية orbital velocity، وعند زيادة سرعة الرمي عن السرعة المدارية يصبِح مسارها لخارج الأرض ولا تعود الكرة أبداً وتسمى سرعة الإفلات escape velocity، وحتى يكون تقوس مسار المركبات الفضائية يقابِل تقوّس الأرض فإن سرعتها تكون مناسبة لذلك.
ولمحطة الفضاء الدولية سرعة محددة هي 27500 كم/ساعة، يجب أن تسير فيها حتى تبقى في مدارها حول الأرض، بحيث أنّها تقع بشكل دائم نحو الأرض، لكنها لا تصل ولنفس السبب يبقى القمر في مداره أيضاً، وسرعة الإفلات: “هي أقل سرعة مطلوبة لجسم ما، لكي يتحرر من جاذبية جسم آخر، مثلاً إذا أطلقت جسم ما نحو الأعلى بشكل مباشر، فهنالك سرعة معينة لن يعود عندها الجسم إلى الأرض أبداً، وكلما ابتعد ستقل سرعته تدريجياً، وسوف تسعى للصفر عندما يصبح بعده يسعى للانهاية”.
وعندما يصل الجسم إلى هذه السرعة فإن الأمر لا يتطلب أي قوى إضافيّة ليتحرر من مجال جاذبية الكوكب أي عدم العودة للكوكب نهائيا، وتعتمد سرعة الإفلات على نصف قطر الكوكب وكتلته، فتكون في حالة الشمس 617.5 كم/ثانية، الأرض 11.2 كم/ثانية، والقمر 2.4 كم/ثانية، بناء على ذلك، الجسم الذي يريد مغادرة القمر، يمكنه الانطلاق بسرعة أقل من جسم يريد مغادرة الأرض، وبالتالي يمكنه تشكيل مدار حول القمر بسرعة أقل.
وسرعة الإفلات هي السرعة التي يصبح عندها مجموع الطاقة الحركيّة للجسم kinetic energy والطاقة الكامنة للجاذبيّة gravitational potential energy مساوياً للصفر.