استطاع أن يكون نجما لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير، وكانت أعوام 52 و53 و54 عصره الذهبي، حيث مثل 16 فيلما في العام الواحد، وهو رقم لم يستطع أن يحققه أي فنان آخر.
كان يعشق أغنيات الموسيقار محمد عبدالوهاب ويرددها منذ نعومة أظافره، ويحلم بأن يكون مطربا منافسا له لذلك ترك السويس واتجه إلى القاهرة عندما بلغ من العمر 17 عاما في بداية الثلاثينات وعمل صبيا في أحد المقاهي بشارع محمد على ثم التحق بالعمل مع الأسطى "نوسة"، والتي كانت أشهر راقصات الأفراح الشعبية في ذلك الوقت، ولأنه لم يجد ما يكفيه من المال تركها ليعمل وكيلا في مكتب أحد المحامين للبحث عن لقمة العيش أولا.
إنه النجم الكبير اسماعيل ياسين الذى توفى فى مثل هذا اليوم 24 مايو 1972 تاركا خلفه الابتسامة فبمجرد ظهوره على الشاشة تجد نفسك تبتسم وعندما تنطق اسمه أيضا تبتسم.
قدم إسماعيل ياسين ما يقرب من 300 فيلم كوميدي رسم من خلالها الضحكة على شفاة الجماهير ونجح في الدخول إلى قلوبهم دون استئذان.
ورغم مرور سنوات وسنوات على رحيله ما زال حيا في ذاكرة الشعوب رغم وفاته وحزنه وأزماته التى جعلت منه إنسانا تعيسا فكان يخفى كل ذلك ومات وهو يضحكنا ودموعه على خده.
ولد إسماعيل ياسين في 15 سبتمبر عام 1912 م، وهو الابن الوحيد لصائغ ميسور الحال في شارع عباس بمدينة السويس، وتوفيت والدته وهو لا يزال طفلا يافعًا.
التحق إسماعيل بأحد الكتاتيب، ثم تابع في مدرسة ابتدائية حتى الصف الرابع الابتدائي.
عندما أفلس محل الصاغة الخاص بوالده الذى دخل السجن لتراكم الديون عليه، اضطر الفتى للعمل مناديا أمام محل لبيع الأقمشة ثم هجر المنزل خوفا من بطش زوجة أبيه ليعمل مناديا للسيارات بأحد المواقف بالسويس.
بعد تركه للسويس وعمله بأكثر من مهنة بعيدة عن الفن عاد يفكر مرة ثانية في تحقيق حلمه الفني فذهب إلى بديعة مصابني، بعد أن اكتشفه توأمه الفني وصديق عمره وشريك رحلة كفاحه الفنية المؤلف الكوميدي الكبير أبو السعود الإبياري والذي كوّن معه ثنائيًا فنيًا شهيرًا وكان شريكًا له في ملهى بديعة مصابني ثم في السينما والمسرح، وهو الذي رشحه لبديعة مصابني لتقوم بتعيينه بفرقتها وبالفعل انضم إلى فرقتها ليلقي المونولوجات.
نجح في فن المونولوج، وظل عشر سنوات من عام 1935- 1945 متألقا في هذا المجال حتى أصبح يلقى المونولوج في الإذاعة نظير أربعة جنيهات عن المونولوج الواحد شاملا أجر التأليف والتلحين، والذي كان يقوم بتأليفه دائمًا توأمه أبو السعود الإبياري.
وعلى الرغم من أن إسماعيل ياسين لم يكن يتمتع بالوسامة والجمال فإنه استطاع أن يجذب إليه الجماهير عندما كان يسخر من شكله وكبر فمه في معظم أعماله، وهكذا استطاع أن يقفز للصفوف الأولى مما دفع المنتجين إلى التعاقد معه على أفلام جديدة ليصبح البطل الوحيد الذي تقترن الأفلام باسمه حتى وصل للقمة.
وفى عام 1939 كان بداية دخوله السينما، عندما اختاره فؤاد الجزايرلى ليشترك في فيلم (خلف الحبايب)، وقدم العديد من الأفلام لعب فيها الدور الثاني من أشهرها في تلك الفترة ( على بابا والأربعين حرامي) و(نور الدين والبحارة الثلاثة) و(القلب له واحد).
البطولة المطلقة بدأت في عام 1944 وجذبت موهبة إسماعيل ياسين انتباه أنور وجدي فاستعان به في معظم أفلامه، ثم أنتج له عام 1949 أول بطولة مطلقة في فيلم (الناصح) أمام الوجه الجديد ماجدة،
كونا ثنائيات ناجحة مع العديد من النجوم والنجمات منهم شادية التى التقت بإسماعيل ياسين في نحو 23 فيلما ما بين عامي 1949 و1954 بمعدّل لا يقل عن 3 أفلام في العام الواحد وقد شاركه ايضا أصدقاء عمره في العديد من الأعمال منهم (رياض القصبجى، زينات صدقى، حسن فايق، عبد الفتاح القصرى، عبد السلام النابلسي).
وفي عام 1954 ساهم في صياغة تاريخ المسرح الكوميدي المصري وكوّن فرقة تحمل اسمه بشراكة أبو السعود الإبياري، وظلت هذه الفرقة تعمل على مدى 12 عاما حتى 1966 قدّم خلالها ما يزيد على 50 مسرحية بشكل شبه يومي وكانت جميعها من تأليف أبو السعود الإبياري.
أما سلسلة أفلام التى كانت باسمه كانت بدأت منذ عام 1955 وكوّن هو وأبو السعود الإبياري والمخرج فطين عبد الوهاب ثلاثيًا من أهم الثلاثيات في تاريخ السينما المصرية ويذكر أن 30% من الأفلام التي قدمها نجم الكوميديا كان وراءها المخرج فطين عبد الوهاب، وكانت تحمل أغلبها اسم إسماعيل ياسين، حيث انتجت له الأفلام باسمه بعد ليلى مراد، ومن هذه الأفلام إسماعيل ياسين في متحف الشمع - إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة - إسماعيل ياسين في الجيش - إسماعيل ياسين في البوليس – إسماعيل ياسين في الطيران – إسماعيل ياسين في البحرية – إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين – إسماعيل ياسين طرزان - إسماعيل ياسين للبيع، والتي كان معظمها من تأليف أبو السعود الإبياري.
ولازمه في هذه الأفلام الممثل رياض القصبجي الشهير بالشاويش عطية، حيث كانت مشاهدهما -ولا تزال إلى الآن- محطة مهمة في تاريخ الكوميديا.
تزوّج إسماعيل ياسين 3 مرات، ولم ينجب غير ولد واحد هو المخرج الراحل ياسين إسماعيل ياسين من زوجته الأخيرة السيدة فوزية.
عاش وحقق اسماعيل ياسين نجاحا ساحقا في فترة الخمسينيات، إلا أن مسيرته الفنية تعثرت في العقد الأخير من حياته فقد شهد عام 1961 انحسار الأضواء عنه، فبعد أن كان يقدم أكثر من 10 أفلام في العام الواحد قدم فيلمين فقط. كما أنه أصيب بمرض فى القلب وابتعد عن تقديم المونولوج في أعماله الأخيرة، والذي كان يجذب الجمهور إلى فنه. ولأنه لم يكن من المقربين من المسؤولين في الحكومة فوجئ بتراكم الضرائب عليه وأصبح مطاردا بالديون وحجز على العمارة التي بناها بكفاح عمره لتُباع أمام عينه ويخرج من رحلة كفاحه الطويلة بلا شىء. فاضطر إلى حل فرقته المسرحية عام 1966 ثم سافر إلى لبنان وعمل في بعض الأفلام القصيرة، وعمل مرة أخرى كمطرب للمنولوج كما بدأ ثم عاد إلى مصر محطما كسيرا وعمل في أدوار صغيرة لا تتناسب مع ما قدمه من تاريخ حافل.
ولم يرحمه أحد أو يقدره أحد.
وافته المنية في 24 مايو 1972 إثر أزمة قلبية حادة قبل أن يستكمل تمثيل دوره الأخير والصغير في فيلم بطولة نور الشريف ولذلك كان يسمى (بالمضحك الحزين) فرغم أن أكثر أفلامه كوميدية ومضحكة إلا أنه كان يعيش حزينا وخاصة آخر أيام عمره و لم يمنحه القدر أن يسعد خلال لحظات حياته الاخيرة حيث كان الرئيس السادات يفكر فى تكريمه ولكن أمر الله قد نفذ.