تحدثت الكاتبة والروائية الإماراتية ريم الكمالي عن ترشيحها للفوز بجائزة البوكر العربية، قائلة: "الحق يقال أننا في القائمة القصيرة، نتمنى الفوز لبعضنا البعض، ونفرح لفوز أياً منا، والتصالح بيننا كأدباء في أقصاه.. فالحياة والأدب وخواطرنا وأفكارنا وإنسانيتنا، أجمل وأهم بكثير من كل التوقعات والسباقات والتنبؤات.
وينطلق بعد قليل حفل الإعلان عن جائزة البوكر للرواية العربية في دورتها الـ 15 لعام 2022 .
وفي حوارها الذي نشر على موقع جائزة البوكر العربية تحدثت ريم الكمالي حول روايتها "يوميات روز" الصادرة عن دار الآداب، وإلى نص الحوار:
أين كنت وقت إعلان القائمة القصيرة وماذا كان رد فعلك؟
كنت أجلس في مكتبتي، فجأة هلّت المكالمات تُبارك لي، وأغلبهن قارئات من نوادي القراءة المختلفة في الدولة، وبالطبع فرحت لهذا التقدير من هذه الجائزة الرائعة.
تتضمن يوميّات روز " تكتب روز عن الكتابة وتحقيق الذات من خلالها، وتقول والحقيقة أنني أكتبني من خلال الآخرين".. هل لديك تعليق؟
في هذه الفقرة تواجه روز نفسها ككاتبة، مثل بقية الكُتّاب، وإن كانت كاتبة غير معروفة وتتخلص بحزن من دفاترها المكتوبة. تواجه نفسها وتتساءل: هل أكتب نفسي من خلال الشخصيات التي أخلقها؟ أم من خلال شخصيات الآخرين حولي؟ أم أنني أكتب صمتي المهمل؟ أم أكتشف من خلال الكتابة ذاتي...؟
* "أكتب ولن أرمي بشيء فنحن فوق إرث حي ما زال ينتظر لنسمعه".. هل هذا الإرث لا يزال حيًا؟
ساحل الإمارات كان ساحلاً شفهياً، وكل ما هو مؤرخ لم يتم تدوينه إلا بعد الاتحاد، وهو الآن مكتوب، وفي الأرشيف.
"ولا بقاء للكلام وإن أنتج جيشاً مهيباً من البحارة وأبدع العوّاصة، ومهما شكّل سلسلة من الربابنة والملاحين وتجّار اللؤلؤ والشعراء، وأوجد خرائط لنجوم سمائه الشعرية، وتتبع مسارات رياحه في تاريخ مائه العميق...مهما مهما، ولم ينتج كتاباً حقيقياً في تلك القرون السالفة، .....فمات الخليجي بين أقلام المتطفلين والدخلاء، وأصبح وحشاً يحرّض في حبر خصومه".. هل التدوين وسيلة للدفاع عن الثقافة الأصيلة، وهل كانت الرواية محاولة للدفاع عنها؟
نعم الثقافة الأصيلة يكتبها أهلها لا الغرباء، والرواية من خلال روزة تحاول طرح أسئلتها وفلسفتها تجاه هذا الأمر. لماذا لم يكتب الملاح والقبطان والتاجر والشاعر في القرنين الأخيرين كتباً. كان عصراً شفهياً بامتياز.
تتضمن "يوميّات روز" قصصاً عن مدينة دبي وأهلها وتكوينها. حدثينا عن البحث الذي قمت به لأجل كتابة الرواية.. هل وجدت هذه القصص في كتب التاريخ؟
قصص دبي الستينيات وما قبلها، دونتها من ألسنة كبار العمر، وبعض القصص من أبي قبل أن يفقد ذاكرته، وأيضاً من بعض الباحثين والمدونين عن تلك الفترة، وبعض المبتعثات إلى الجامعات العربية في تلك الحقبة، وقرأت بعض الكتب من الأرشيف الوطني، وجلست مع علي الفردان المختص بعلم اللؤلؤ، والأركيولوجي د. محمد الهاشمي، والكثير. لكنني في النهاية أستخدم أثناء الكتابة خيالي وأسلوبي الخاص بلغة السرد المقنع، وتقديم ما قرأت وما دونت وما سمعت بشكل فني سردي، وليس شرطاً أن أكتب كما ذكروا بالحرف، فالرواية لها خطها الفني وفكرتها الأصيلة يجب أن أشحنها بفلسفتي ورؤيتي.
* ماذا عن ولعك بالتاريخ وذاكرة الأماكن؟
تخصصت في التاريخ في الجامعة، أما رسالة الماجستير فتحولت إلى رواية، بعد أن اكتشفت أنني لا أحب حفظ السطور كما هي، وترديدها على من حولي، وكأنني ناقلة للخبر، بل أحببت ربط الماضي بالحاضر لاستشراف المستقبل، وتحليل ما كتبوه، ولم أستسلم للمؤرخين، وقمت بتصحيح أخطاء بعضهم، خاصة مؤرخي السلاطين، وبعض الباحثين القدماء.
أما ولعي بالتاريخ فكان بسبب أبي الذي كان يلقنني منذ طفولتي تاريخ عائلتي ودور أجدادي المعلمين في تبديد الجهل، وشجعني أن أقرأ كتب التاريخ والتراث في مكتبته، ومع المزيد من القراءة المتنوعة أخذت مكتبتي الخاصة تكبر، بالموسوعات التاريخية وكتب فلسفية وأدبية ودواوين، ومجلدات أغلبها مصادر تاريخية، وكتب من التراث العربي لقديم، وخرائط ومخطوطات وقواميس اللغات الشرقية القديمة.
• تصف الروية الصراع بين ثقافة العروبة العربية والتقاليد الخرافات القديمة الراسخة المتمثلة في الجدّة.. في تقديرك هل هذا الصراع لا يزال قائماً؟
في ستينيات القرن الماضي كانت حقبة مختلطة، ونوعية، بين القومية العربية والهتاف لها، وبين بالتمسك بالتقاليد والعادات، وبين الاستعمار الإنجليزي ومصالح بعض العرب معهم، وبين قوة إسلامية بدأت تنمو بشكل سياسي. كل هذا الصراع في تلك الفترة كانت في أوجها، واليوم أتساءل أي فكر وأي توجه لهؤلاء بقي أكثر. بالطبع تقدمت اللغة الإنجليزية، وخفتت القومية العربية، والتقاليد بعضها راسخة، وبعضها تبخرت، والاستهلاك متقدم، مع انتهاء الحرفة.
كل هذا في شخصيات عائلة روز في دفاترها، ورسائلها، في إبرة زوجة عمها، في تجارة عمها، في عادات جدتها، في مفاهيم محبوبها....
• ذكرت أن أسماء الكتّاب الذكور محفورة في الصخور، أمّا الكاتبات فلا.. هل تغيّر الوضع منذ زمن روز؟
شجرة العائلة نادراً ما يُكتب فيها أسماء النساء، لكن مؤخراً بدأ البعض يدون أسماء الجدات. البعض وليس الكل.
• هل للكتابة الكلمة الأخيرة في الرواية، وهل النهاية متفائلة؟
النهاية انتصار لروز وللمرأة وللكاتبة، جعلتُ الرواية حُلماً لإنقاذها، هذه الفتاة المفعمة بالنشاط والحيوية والمبدعة في اللغة والخيال، جعلتها تسافر إلى بعثتها، لذا قالت روزة بوعي في آخر فقرة بالرواية: إن عُدتُّ إلى الحلم سوف أكتب بشجاعة، ولن أتخلص مما كتبت.
ونشأت الكاتبة الإماراتية ريم الكمالي في قرية صغيرة نائمة بين الجبال تسمى خصب قرب الجود مع سلطنة عمان. وهي من مواليد 19 أغسطس 1974، عشقت قراءة التاريخ والشعر والروايات التاريخية، وانتقلت إلى دبي في ثمانينات القرن الفائت بحكم عمل والدها. أكملت الكمالي دراستها في دار الحي، لتنتقل إلى لبنان للدراسة الجامعية في تخصص التاريخ. لها مؤلفات عدة منها: رواية "سلطنة هرمز" التي نالت عليها جائزة سلطان العويس للإبداع وجائزة الشارقة و"تمثال دلما" و "يوميات روز". في الحلقة تتحدث ريم عن تأثير بلدتها خصب على كتاباتها. وعن خبرتها في الكتابة تقول: كلما كتبت رواية تكتشف نفسها بصورة أوضح، وتكتشف ضعفها واسقاطاتها.