حقيق علينا وعلى كل من هو مهتم بالفكر الفلسفي الإسلامي أن يحتفي ويحتفل بذكرى مولد نابغة عصره وزمانه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ووزير الأوقاف الأسبق وقطب من أقطاب التصوف الحديث والمعاصر، ورائد من رواد المدرسة الشاذلية التى من خلالها أقام التصوف على الكتاب والسنة.
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود فلا يعرف قدر الرجال إلا الرجال، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وعلى قدر أهل الكرام تأتي المكارم.
ولد الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود، فى ٢ من شهر جمادى الأولى عام ١٣٢٨ ه الموافق ١٩١٠ م فى مركز بلبيس فى محافظة الشرقية.
حفظ القرآن الكريم في صغره، والتحق بالأزهر الشريف عام ١٩٢٣م، حصل على إجازة العالمية عام ١٩٣٢م
سافر إلى فرنسا وحصل على درجة الدكتوراه فى الفلسفة الإسلامية (تصوف) عن الحارس المحاسبى عام ١٩٤٠م.
تدرجه الوظيفى، عمل مدرسا لعلم النفس بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، ثم عميدا لكلية أصول الدين عام ١٩٦٤م، ثم أمينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية، ثم وكيلا للأزهر الشريف فوزيرا للأوقاف، ثم شيخا للجامع الأزهر.
له العديد من المؤلفات نذكر منها، أوروبا والإسلام، التوحيد الخالص، الإسلام والعقل، التفكير الفلسفى في الإسلام، المدرسة الشاذلية الحديثة وإمامها أبو الحسن الشاذلي.
وافته المنية فى السابع عشر من أكتوبر عام ١٩٧٨م.
تصدى الدكتور عبد الحليم محمود لكثير من الشبهات التى أثارها بعض المستشرقين ضد الفكر الفلسفى الإسلامي ومنها القول بأن الإسلام فى جوهره وتعاليمه وتوجهاته يحارب العقل فى نشاطه الخلاق ويحول دون حرية النظر والتفكير في مجال العلم والفلسفة، وأن الإسلام يدعو أصحابه إلى الجمود والتبعية والانقياد الأعمى لأوامر الله ونواهيه.
فرد الدكتور عبد الحليم محمود ردا منطقيا على هذه الفرية متسلحا بثقافته الموسوعة وعقلانيته المستنيرة مدعوما بومضات إيمانية وهبات صفائية ونفحات لدنية من لدن حكيم عليم، مؤكدا على أهمية إهتمام الإسلام بالعقل فى ممارسة نشاطاته الفكرية قائلا: لقد جاء الإسلام هاديا للعقل فى مسائل معينة، هى قضايا ما وراء الطبيعة، العقائد الخاصة بالله تعالى وملائكته ورسله واليوم الآخر وبالغيبات على العموم.
أما فى مسائل الأخلاق، أى الخير والفضيلة وما ينبغي أن يكون عليه سلوك الإنسان وكيف أقر الإسلام مبدأ الوسطية دونما إفراط أو تفريط فالعقل هو صمام الأمان الذي يضبط منظومة القيم الخلقية ويحفظ لها هيبتها وبقائها.
كذلك فى مسائل التشريع الذي ينظم به المجتمع وتسعد به الإنسانية
فجاء الدين هاديا فى هذه المسائل بالذات، لأن العقل إذا بحث فيها مستقلا بنفسه فإنه لايصل فيها إلى نتيجة يتفق عليها المجتمع.
أما الطبيعة وظواهرها، والكون وموجوداته، والمادة في شتى صورها وأشكالها، فإن الإسلام قد ترك ذلك كله للإنسان يدرسه ويعمل فيه عقله ما إستطاع إلى ذلك سبيلا حتى يكتشف سنن الله الكونية ونواميسه الطبيعية ويرى صنع الله الذى أتقن كل شيء.
فالبحث العلمى له أهميته القصوى إذ يتيح للإنسان أن يدرك أن هناك علة قصوى تقف خلف هذا الكون مدبرة إياه.
نعم إنه شيخنا الجليل الدكتور عبد الحليم محمود رائد من رواد التجديد في العصر الحديث والمعاصر، ترك لنا قرابة 60 مؤلفا، لو أعدنا قراءتها من جديد لوجدنا فيها ضالتنا المنشودة من إصلاحات فكرية وثقافية ودعوية تزهو وتزدهر بها الأوطان.
لا يكفي مقال أو مائة مقال لنوفي هذا الرجل الموسوعي حقه، لكن تناولت جانبا من جهوده الفكرية ضد محاولة بعض المستشرقين للنيل من الإسلام والفكر الإسلامي، وكيف تصدى لأمثال هؤلاء شأنه شأن المصلحين الخلص الذين يحبون دينهم ويحبون أوطانهم.
آراء حرة
في ذكرى مولده أهديه هذا المقال.. عبد الحليم محمود وموقفه من الاستشراق
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق