تحل اليوم ذكرى ميلاد الشاعر البريطاني ألكسندر بوب في القرن الثامن عشر، الذى اشتهر بالمقاطع الشعرية الساخرة وترجمته لأعمال هيرميروس، يعتبر ثالث كاتب يتم الاقتباس منه في قاموس أكسفورد للاقتباسات، الذى رحل عن عالمنا في 30 مايو عام 1744م.
ولد ألكسندر بوب في لومبارد ستريت في عام 1688 ، ابناً لتاجر أقمشة كتان من الكاثوليك الرومان، وحوالي عام 1700 اعتزل والده العمل ، بعد أن حقق ثروة يسيرة انتقل بها الى بنفيلد ، في وندسور فورست ، وكان بوب في طفولته تلميذاً مجداً ، وكان انكبابه على الاستذكار ، هو الذي ضاعف من اعاقة نموه الطبيعي، وكان مولد بوب في العام الذي أطاح فيه ويليام أوف أورانج بحكم ملوك أسرة ستيوارت ، وهكذا استهدف إلى جانب معوقاته الأخرى للعناء بسبب عقديته الدينية، في عصر كانت الغلبة فيه للمذهب البروتوستنانتي وكان ألكسندر وعائلته من الكاثوليك الرومان.
كان بوب محظورا عليه ممارسة الأعمال الهامة ، وكان عرضة للضرائب المضاعفة، ومع ذلك فقد أتيح له في الوقت الذي بلغ فيه السابعة عشر من عمره أن يحظى بالتعارف الى كثير من الشخصيات الأدبية المميزة من أبناء المذهب الكاثوليكي المقيمين في دائرته مثل ترومبول ، و داتكاسل ، و انجلفيلد ، وعن طريقهم تم تقديمه الى دائرة أبناء الطبقات الاجتماعية العليا من مفكري لندن.
كان يتجلى الكثير من عظمة ألكسندر بوب في اقتداره الفني المتضلع الخالص ، ولاسيما في استخدامه بصورة منوعة منظومات شعرية ملحمية مؤلفة من بيتين ، التي نهج فيها وطرها على منهج الأسس التي وضعها من قبل دريدن. وقد نزع بوب إلى تأييد حزب التوري ، الذ كان ينهاض حزب الهويج البروتستنانت ، وأصبح عضوا في جماعة الكتاب التي اشتهرت باسم نادي سكريبلاروس.
وكان شاغلهم الرئيسي هو شن الحرب على الكتاب الأرديات (وقد نعتوهم باسم الأغبياء) ، ممن كانوا يتصدون للكتابة لصالح حزب الهويج، واشترك بوب في المرحلة المتأخرة من حياته ، في الحملة الأدبية التي شنت على روبرت والبول رئيس الوزراء المنتمي للهويج وهو في أوج سلطته.
وفي عام 1719 قد ابتاع منزلا كبيرا في تويكنهام. وقد تمكن بفضل ما ظفر به من نجاح مالي لكتاباته أن يقيم في هذا المكان في يسر ودعة، وكان بوب شديد التعلق بأمه التي كان يعيش معها ، وكان لا يمل من رعايتها والاهتمام بها ، حتى توفيت عام 1733.
وحين بلغ الثانية عشرة أتيحت له نظرة خاطفة إلى دريدن يحتل مكان الصدارة في مقهى ولز، وأثار المنظر فيه رغبة عارمة في المجد الأدبي، فلما بلغ السادسة عشرة كتب بعض "الرعويات" التي تناولها الناس مخطوطة وحظيت بثناء أدار رأسه، وقبلت للنشر في 1709. وفي 1711، وبكل الحكمة الناضجة التي احتوتها سنوه الثلاث والعشرون، أدهش أدباء لندن بقصيدته "مقال في النقد" نراه- حتى وهو يحذر المؤلفين.
انتقلت عائلة بوب بعد ذلك إلى مزرعة صغيرة فى عام 1700م، نتيجة للعداء ضد الكاثوليكية والنظام الذى منع الكاثوليك من الإقامة فى نطاق 10 ميل (16 كم) من لندن، وفى هذا الوقت أنهى بوب مرحلة التعليم النظامى، وأخذ يعلم نفسه بقراءة أعمال الكتاب الكلاسيكيين مثل هوميروس وفرجيل وهوراس وجوفينال، إلى جانب وليم شكسبير وجود درايدان.
استطاع بوب أن يكون صداقات مهمة أبرزهم مع جون كاريل وكان يكبر الشاعر بـ20 عاماً، وقدمه إلى العديد من معارفه فى عالم لندن الأدبى، وقام بتقديمه الكاتب المسرحى وليم ويتشرلى ووليم هو شاعر مغمور.
ونشر بوب الشعر الريفى فى الجزء السادس من كتاب تونسون المعنون ب، منوعات شعرية، عام 1709 وهو ما حقق له الشهرة الفورية.
بدأ فى 1713م عن الإعلان عن ترجمة إلياذة هوميروس الذى فتن به منذ طفولتهن وكان بالنسبة له عمل شاق للغاية، وبالفعل نجح فى إظهار مجلد مترجم كل عام، وهذا جعله يجنى الكثير من المال، كما ساعده على الانتقال إلى فيلا فى تويكنهام عام 1719، حيث شكل المغارة والحدائق المشهورة، وزين بوب المغارة بالمرمر والرخام، وتم هدم الفيلا بعد ولكن تقع المغارة حاليا تحت مدرسة سانت جيمس المستقلة للبنين، ويتم فتحها للجمهور مرة في السنة.
وبعد نجاح ترجمة هوميروس بدأ فى ترجمة ملحمة الأوديسة، واصدر اول ترجمة فى عام 1726م، وفى هذه المرة استعان بوليام برو وإيلايجا فنتون، ولكنه حاول إخفاء تعاون الفريق معه، ولكن تسرب السر، ولحقت بعض الضرر بسمعة بوب لبعض الوقت، ولكن لم تتضرر الأرباح.
عانى بوب من مشاكل صحية منذ أن كان عمره 12 عاما، مثل مرض بوت وهو نوع من انواع السل والذى أدى إلى تشوه بنيته الجسدية، وجعله يتوقف عن النمو وجعله احدبًا، كما سبب له المرض صعوبات فى التنفس، والتهاب العيون، وظل طوله متوقف عند 1.37 متر.