انتقد وزير الخارجية السوداني السفير علي الصادق، أداء بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان "يونيتامس"، موضحا أنها ركزت على الشق السياسي وأهملت بقية الأهداف التي أُسست من أجلها، لكنه في ذات الوقت استبعد طرد البعثة من السودان.
وقال وزير الخارجية السوداني - في مؤتمر صحفي اليوم الخميس - إن الحكومة من واجبها تقييم بعثة "يونيتامس"، ولذلك أعددنا وثيقة عكفت عليها المؤسسات التي لها علاقة بعمل البعثة، وأصبحت تلك الوثيقة كتابا أو مرشدا لحكومة السودان للتعامل مع الأمم المتحدة، بهدف تحقيق الأهداف المقصودة من وجود البعثة في السودان.
وأضاف الصادق: "الحديث عن أن البعثة ركزت على الجانب السياسي، ليس الغرض منه الطعن في العملية السياسية الجارية حالية بواسطة البعثة والاتحاد الإفريقي ومنظمة "إيجاد"، فعلى العكس تماما نحن نؤيد هذا التحرك ونبذل كل الجهد لإنجاحه".
وأوضح أنه "حينما ننتقد أداء يونيتامس لا ننتقد أداء شخص معين، ولكن نركز على ما نريده من البعثة، والأمور التي لم تتمكن البعثة من إنجازها ضمن مهامها"، مشددا على أن "البعثة ليس من حقها التدخل في الشؤون الداخلية للسودان، وخصوصا العدل والقضاء".
وأشار إلى أن المكتب القطري للأمم المتحدة، الذي كان يتولاه الممثل المقيم للأمم المتحدة في السودان، قبل تفويض البعثة وبدء عملها، وكان يشرف على عمل مؤسسات الأمم المتحدة في السودان، وحين وصلت البعثة، أصبحت هى المسيطرة على المكتب القطري وهي التي تُشرف على أدائه، ولاحظنا تحجيم عمل المكتب القطري على عكس الفترة السابقة".
وأوضح أنه بينما شارفت البعثة على إتمام عامين لعملها في السودان، فإن البلاد لم تتلق إلا 400 مليون دولار، منها 200 مليون دولار لبرنامج "ثمرات" لدعم الأسر الفقيرة، و200 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، والصندوق لا علاقة له باليونيتامس، التي لم توفر أي تمويل لتنفيذ الأهداف التي أُسست من أجلها، بل إن الدول العربية التي هي أصلا ليست شريكا في عملية "يونيتامس" وفرت للسودان 3 مليارات دولار.
وقال وزير الخارجية السوداني، إن "بعثة "يونيتامس" أتت بقرار من مجلس الأمن وفكرة طردها أو طرد رئيسها (فولكر بيرتس) ليست واردة، نحن فقط نقيم أداء البعثة، نحن لسنا راضيين عن أداء البعثة، لكن لسنا ضدها، ونريد التعاون معها، فالبعثة ليست مفروضة علينا، ونتطلع إلى إصلاح مسارها وتنفيذ تفويضها".
وأضاف أن المباحثات جارية في مجلس الأمن لتجديد تفويض البعثة، والسودان ليس عضوا في المجلس، وأوصلنا رأينا للأعضاء، ولم نقل إننا لا نريد البعثة، وفقط طرحنا رأينا في كيفية الاستفادة من البعثة.
من جانبه، قال السفير نادر يوسف وكيل وزارة الخارجية السودانية المكلف، إن الوثيقة التي أعدتها اللجنة الفنية للتعامل مع بعثة "يونيتامس"، تضم 11 محورا تتعلق بنشاط البعثة، لافتا إلى أن الوثيقة مرجعيتها، هى الوثيقة الدستورية، واتفاقية جوبا للسلام، وخطاب رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك إلى الأمم المتحدة بخصوص طلب إنشاء البعثة، وقرار مجلس الأمن بإنشاء البعثة.
وأضاف: "تقديرنا أن السودان طلب البعثة لدعم الانتقال، وكانت لدينا أولويات في هذا الصدد تمثلها المحاور التي تمثل تصورا لكيفية مساعدة الحكومة في دعم الفترة الانتقالية وصولا للانتخابات الحرة".
وأوضح أن "يونيتامس ركزت على الجانب السياسي، وأهملت بقية المحاور التي تتعلق بما هو مطلوب منها، مثل التحضير للانتخابات، وما تتطلبه من الإعداد لتنفيذ التعداد السكاني، وتوفير الدعم اللازم لبناء السلام وبناء القدرات في مجال الأمن الانتخابي، ودعم توفير صناديق الاقتراع، ودعم مشاركة النساء بمرشحات، وأمور أخرى لم تفعل فيها يونيتامس أي شيئ".
وقال: "من بين المحاور التي أهلتها "يونيتامس" أيضا، دعم تنفيذ بروتوكول اللاجئين والنازحين الوارد ضمن اتفاق سلام جوبا، ودعم تنفيذ بروتوكول العدالة الانتقالية في اتفاقية السلام، وتوفير الموارد لدعم المؤسسات العدلية والشرطية، ودعم الآليات الوطنية لحقوق الإنسان، والمساعدة في تنفيذ الخطة الوطنية لحماية اللاجئين، ودعم التحول من الدعم الإنساني إلى التنموي، ودعم تنفيذ بروتوكول التعويض وجبر الضرر، ودعم إعادة الإعمار والتنمية"
وأكد أن البعثة يجب أن تلتزم بتنفيذ ما ورد في تلك الوثيقة التي تعبر عن رغبة السودان، ولا تتعارض مع التفويض الوارد في قرار مجلس الأمن، وهذه الوثيقة سنعتبرها مرجعية الحكومة لمراجعة نشاط البعثة في الفترة القادمة.
من جهته، قال عضو اللجنة العليا للتعامل مع الأمم المتحدة، رئيس مفوضية الحدود، معاذ تنقو، إن السودان من ضمن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ويريد أن يستفيد من التعاون مع الدول الأخرى في إطار الأمم المتحدة والمنظمات الاقليمية، وهى المنظمات التي تأخذ جزءا من سيادة الدولة بإرادتها، رغبة في التعاون، مشددا على أن أية منظمة إذا انحرفت عن اختصاصها لا يكون لقراراتها أي أثر قانوني، إلا إذا قبلت الدولة بهذه القرارات.
وأضاف أن السودان طلب من الأمم المتحدة إنشاء البعثة وفقا لعدة محاور، وليس للبعثة اختصاص خارج تلك المحاور"، لافتا إلى أن "هذه البعثة ليست مثل البعثات الأخرى المفروضة على الدول من الأمم المتحدة، لكنها بعثة طُلبت من السودان لتنفيذ وظيفة معينة، وبالتالي يجب أن تحصر نفسها بما طُلب منها، وإلا فقدت شرعية تواجدها في السودان.
وقال تنقو: "من الناحية القانونية، كون السودان طلب البعثة، إذا هو من يملك اختصاص البعثة، وبالتالي كل ما تُنفذه يجب أن يكون بطلب من دولة السودان، وليس من شأن البعثة تعطيل اتفاقيات السودان مع الجهات الأخرى، ولو كانت أجهزة الأمم المتحدة".