شاركت مصر مؤخرًا فى جلسة مواجهة التغيرات المناخية على مصر وأفريقيا ودور المدن والإدارة المحلية فى تقليل مخاطر تغير المناخ وذلك على هامش الدورة التاسعة لقمة منظمة المدن والحكومات المحلية الأفريقية ( Africites 2022 ) التي تعقد فى مدينة " كيسومو" الكينية، حيث تناولت الجلسة أهمية التركيز على العمل على تأهيل المدن والعمل على الحد من تقليل الانبعاثات الكربونية، حيث رحب الخبراء بضرورة المشاركة فى العفاليات الدولية وطالبوا بالتأكيد خلال المؤتمرالقادم COP27 الذى سيعقد فى شرم الشيخ على توفير التمويلات اللازمة سواء من الأمم المتحدة أو البنك الدولى لمشروعات التكيف للحد من الأضرار الناجمة عن التغيرات المناخية التى تتمثل فى الجفاق والتصحر وخسارة المحاصيل الزراعية.
وبدوره عرض اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية خلال الجلسة جهود الحكومة المصرية فى التقليل من الإنبعاثات الكربونية والتغيرات المناخية، مشيرًا إلى الاستعدادات الجارية للدولة بمتابعة دورية من السيد رئيس الجمهورية لاستضافة مصر لقمة المناخ cop27 فى نهاية العام الجارى بمدينة شرم الشيخ، كما شدد على أهمية أن يتم توفير التمويل اللازم من المؤسسات الدولية والدول الكبرى لبعض المشروعات التى سيكون لها تأثير كبير وفعلى للحد من تأثيرات التغيرات المناخية على دول القارة الأفريقية.
ويقول الدكتور هشام عيسى، خبير البيئة الدولى، رئيس الإدارة المركزية للتغيرات المناخية بوزارة البيئة السابق،: أظهرت التقارير الدولية بخصوص تأثيرات التغيرات المناخية على المدن بأن بعضها معرض للمخاطر بالقارة الأفريقية باختلاف الجغرافيا للدول، فنجد مصر من أكثر الدول المعرضة لارتفاع سطح البحر فى إسكندرية والساحل والشمالى، وبعض البلدان الأفريقية بالداخل معرضة للتصحر والجفاف، كما أن تباين درجات الاختلاف تتطلب من الدول والمجتمع الدولى والمفاوضين بالمؤتمرات المعنية بالتغيرات المناخية بأن يضعوا ما يسمى "الخسائر والأضرار" لتوفير على إثرها تمويلات مناسبة بحيث تعوض الدول المتضررة.
ويضيف عيسى لـ"البوابة نيوز": التمويلات يتم تمويلها من صندوق المناخ الأخضر التابع للأمم المتحدة وأخرى تابعة لصندوق النقدالدولى وأخرى تابعة لمبادرات الاتحاد الأوروبى ومن المفترض أن يوجه جزء كبير من تمويلاتها لمخاطر تغير المناخ فى مشروعات التكيف الذى تكثير فى مصر وبلاد الشرق الأوسط والقارة الأفريقية، ولكن تصنب التمويلات على مشروعات تقليل الاتبعاثات الكربونية علمًا بأن أكبر مصادر للانبعاثات هى الدول الصناعية الكبرى والأكثر تضررًا هى الدولة النامية وعلى رأسها القارة الافريقية الأكثر تأُثرًا من التغيرات المناخية مثل التصحر والجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر ما يتسلزم زيادة مشروعات تكيف بقدر أكبر من التخفيف لأن جملة انبعاثات الافريقية لـ59 دولة أفريقية لا تجاوز انبعاثاتها 6% بالمقابل 50% للصين وأمريكا.
وبحسب تقارير البنك الدولى حول أفريقيا فمن المتوقع أن تواجه القارة أشد تأثيرات تغير المناخ مما سيؤدي إلى تشريد ما يصل إلى حوالى 86 مليون مواطن أفريقي بحلول عام 2050 فى حالة عدم اتخاذ اجراءات ملموسة بشأن المناخ والتنمية، وهنا يعلق "عيسى": التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية للقطاع الزراعى وفقدان المحاصيل الزراعية أو تصحر الأراضى ينتج عنه فقدان فرص العمل وهجرة الأشخاص على الأرض سواء زيادة الهجرة الداخلية من القرى للمدن أو نزوح الآلاف من القارة السمراء إلى دول أخرى مصر ثم الدول الأوروبية وهذه الهجرة عشوائية لدول بها قبائل قد تتسبب فى حروب وصراعات قبلية، هنا يجب أن تنصب جهود أولويات المفاوض فى المؤتمر القادم فىCOP27 هو توفير التمويل المناسب مشروعات التكيف للحد من التأثيرات السلبية فى القطاع الزراعى لارتباطه بالأمن الغذائى.
وأضاف وزير التنمية المحلية أن تداعيات ظاهرة التغير المناخى ستؤثر على الأمن المائى والأمن الغذائى لمصر وأفريقيا، حيث تواجه مصر تحديًا فى مجابهة أزمة التغيرات المناخية وتداعياتها على العديد من القطاعات الرئيسية فى الاقتصاد المصرى خاصة قطاعى الزراعة والسياحة.
وبدوره يقول الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، أستاذ الاقتصاد بالتنمية المستدامة وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي: يجب التركيز على التمويل المستدام لأنه يعمل على تحديد مصادر التمويل بمختلف أنواعها سواءً كانت حكومية أو غير حكومية، والعمل على توجيهها على النحو الأمثل الذي يمكن المؤسسات على القيام بأدوارها تجاه الفرد والمجتمع باستدامة، ويمثل إتجاه جديد للتمويل يسعى إلى توفير الدعم المالي منخفض التكلفة وطويل الأجل لمشروعات الطاقة النظيفة منخفضة الكربون بهدف الحد من حدوث الكوارث البيئية ومشاكل الفقر ونقص الموارد وتفادي حدوث انهيار بيئي ومجتمعي.
ويضيف إسلام لـ"البوابة نيوز": تطبيق التمويل المستدام بأدواته ( السندات الخضراء) يكون الهدف منها هو تمويل التنمية المستدامة، وبالتالي لا يقتصر مساهمتها في الحد من التغيرات المناخية فقط، بل تمتد لتشمل مجالات أخرى كثيرة مثل الزراعة، المياه العذبة، الثروة السمكية والحفاظ على الغابات والمحميات الطبيعية، والتي ينتج عنها مع مرور الوقت تحسين نوعية وجودة التربة وزيادة العائدات من المحاصيل الرئيسية، أو يتم استخدامها للتقليل من معدلات الفقر عن طريق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والأنظمة الإيكولوجية وضمان تحقيق التنمية المستدامة وذلك عن طريق تدفق المنافع من رأس المال الطبيعي وإيصالها مباشرةً إلى الفقراء، وبمعنى أدق توفر السندات بأنوعها المختلفة التمويل اللازم للمساهمة في توجيه الاستثمارات نحو الأنشطة الاقتصادية، التي توازن بين الأهداف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، من أجل تحسين رفاهية الإنسان، والحد من أثر التحديات العالمية، مثل ظاهرة التغيّر المناخي، وغياب التنوع البيولوجي، وعدم المساواة، وما إلى ذلك.