رأت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية أن روسيا فتحت جبهة جديدة في حرب الطاقة مع أوروبا الأسبوع الماضي، إذ تحركت شركة الغاز الحكومية الروسية غازبروم لوقف إمدادات الغاز تماما عن بولندا وبلغاريا وهددت بفعل الشيء نفسه مع الآخرين، وهو الأمر الذي يسلطه الضوء على مدى أهمية التزام إدارة بايدن الجديد باستبدال الغاز الروسي في أوروبا بالغاز الطبيعي المسال الذي تنتجه الولايات المتحدة،غير أن هدف الإدارة المتمثل في أن تصبح المورد الجديد للغاز إلى الاتحاد الأوروبي لا يخلو من التحديات.
وذكرت الصحيفة - في سياق تقرير أوردته عبر موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء - أن هذا الإعلان يأتي في أعقاب تحذير رئيسي آخر مهم من كبار علماء المناخ لقطع اعتمادنا على الوقود الأحفوري، مما يثير مخاوف من أن صادرات الغاز الطبيعي المسال الأمريكية تتعارض مع الحاجة الملحة لخفض انبعاثات الاحتباس الحراري.
وأضافت الصحيفة أنه لحسن الحظ، يمكننا إحراز تقدم في كلا التحديين وذلك من خلال تحسن واحد بسيط نسبي وهو: استغلال الكمية المذهلة من الغاز الطبيعي -المعروف أيضا باسم الميثان - الذي يتم إهداره كل عام من جانب منتجي النفط والغاز في الولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة أن المشغلين يقومون بالتخلص مما لا يقل عن 35 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، وهو ما يكفي لتزويد أكثر من 17 مليون منزل بالوقود.
وأشارت ذا هيل إلى أن المشكلة تكمن في أن الميثان ملوث قوي شديد التأثير بالنسبة لظاهرة الاحتباس الحراري، كما أن انبعاثات الميثان من عمليات الوقود الأحفوري والزراعة والصناعات الأخرى مسؤولة عن أكثر من ربع معدلات الاحترار العالمي الذي نشهده اليوم.
وقالت الصحيفة أن الحسابات تظهر أن الحلول المثبتة والممكنة على المستوى التقني للتخفيف من التسربات وإنهاء الحرق الروتيني يمكن أن تسفر عن أكثر من نصف الغاز الطبيعي المسال الذي تم التعهد به لأوروبا بحلول عام 2030، مما يفي بالضمانات الاقتصادية والدبلوماسية للولايات المتحدة مع تقليل تلوث غاز الميثان بشكل كبير. ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، يمكن تحقيق ثلثي هذه التخفيضات بدون صافي تكلفة من خلال إجراءات بسيطة مثل إحكام الصمامات.
ونوهت الصحيفة بأنه في الخريف الماضي، اقترحت وكالة حماية البيئة معايير جديدة للميثان سيتم تطبيقها على ما يقرب من مليون بئر في جميع أنحاء البلاد، مما يتطلب من المشغلين تقليل نفايات الميثان بشكل كبير.
ومضت الصحيفة تقول إنه يتعين على وكالة حماية البيئة رفع مستوى مقترحاتها لتغطية هذه المواقع عالية التلوث. كما ينبغي أن تفعل المزيد للحد من ممارسة الحرق الروتيني ودمج مراقبة الانبعاثات، مما سيسرع عملية إصلاح التسربات الرئيسية التي تضر بالأشخاص الذين يعيشون بالقرب من هذه المرافق.
وتحتاج الحكومة أيضا إلى الحد من نفايات الميثان في ممتلكاتها الخاصة. ويجب على مكتب إدارة الأراضي وضع حد لتنفيس وحرق غاز الميثان من جانب شركات النفط والغاز العاملة على الأراضي الفيدرالية، حيث يُتم إهدار ما يقدر بنحو 400 مليون دولار من الغاز الطبيعي سنويا على حساب دافعي الضرائب - يمكن أن يلبي الغاز المهدر احتياجات 2.1 مليون أسر لمدة عام.
ورأت الصحيفة كذلك أنه يتعين على شركات النفط أن تشجع على انتهاج مثل هذه السياسات المنطقية والتي من شأنها أن توفر لها المال وتعزز كفاءتها التشغيلية. إذ يتظاهر الكثيرون بدفاعهم عن خفض غاز الميثان، غير أن الأدلة على اتخاذ إجراءات في العالم الحقيقي للوفاء بتعهداتهم غير متوفرة إلى حد بعيد. لقد حان الوقت الذي ساروا فيه على الأقدام.
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة إن اتخاذ إجراءات لإنهاء تسرب الميثان والتنفيس والحرق في عمليات النفط والغاز، سيعود بالمنفعة على الجانبين -للمنتجين وكوكب الأرض والجمهور. وسيساعد الأشخاص على تلبية احتياجاتهم ويحرم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من عائدات الوقود الأحفوري فضلا عن أنه سيدعم الهدف العاجل المتمثل في حماية المناخ فثمة ثمار كثيرة ستجنى جراء اتخاذ هذه الإجراءات.