أكدت دراسة جديدة أجراها مجلس العلوم الدولي، أن فيروس كورونا "كوفيد-19" سيستمر في زيادة أوجه عدم المساواة وحالة الضعف أمام الأزمات المستقبلية حتى عام 2027 على الأقل، في حال عدم تجديد الجهود لبناء نظام متعدد الأطراف يتصدى لحالات عدم المساواة.
ودعت الدراسة، الأمم المتحدة إلى إنشاء مجلس استشاري علمي جديد للمساعدة في الحد من تأثير الجائحة وتحسين التنسيق عبر القطاعات ومنظومة الأمم المتحدة بشأن حالات الطوارئ العالمية المستقبلية.
وتستعرض الدراسة ـ بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة ـ 3 سيناريوهات محتملة حتى عام 2027، في السيناريو الأكثر احتمالا، سيؤدي كوفيد-19 إلى تفاقم التفاوتات في الصحة والاقتصاد والتنمية، العلوم والتكنولوجيا، والمجتمع، وسيصبح كوفيد -19 مرضا مستوطنا في جميع أنحاء العالم، وتصبح الدول منخفضة الدخل معرضة لانهيار النظام الصحي وانعدام الأمن الغذائي المتزايد، وستزداد المخاوف أكثر بشأن الصحة العقلية.
وقال رئيس المجلس الدولي للعلوم بيتر جلوكمان "لضمان مستقبل مرن وأكثر إنصافا، يجب أن نجد طرقا تعزز التعاون الدولي الفعال في مواجهة التهديدات العالمية، بالإضافة إلى ذلك، تهدف الدراسة إلى مساعدة جميع الحكومات في استكشاف الاستجابات المناسبة تحقيقا للمنافع العامة لجميع مواطنيها ومجتمعاتها".
أما السيناريو الثاني وفقًا للدراسة الدولية، هو أن يواجه العالم مستويات عالية من الضرر الذي يلحق بالرفاهية الاجتماعية - مع إغلاق المدارس على المدى الطويل، والبطالة، وزيادة العنف القائم على نوع الجنس، وسيؤدي تزايد النزعة القومية والاستقطاب إلى إعاقة التعاون في مجال التطعيمات والتجارة العالمية ويؤدي إلى نشوب صراعات.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالحد من مخاطر الكوارث مامي ميزوتوري:"لقد أثبتت جائحة كوفيد -19 قيمة التعاون العلمي الدولي، حتى في مواجهة المخاطر البيئية المتتالية والتوترات الجيوسياسية، ويجب أن نجدد الجهود لبناء نظام متعدد الأطراف يتصدى لحالات عدم المساواة، بينما نحن نستعد للأزمة المقبلة..لدينا فرصة للتعلم من العامين الماضيين، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فإن أهداف التنمية سوف تفلت من متناول أيدينا".
وتؤكد الدراسة على الحاجة إلى فحص هذه الآثار باعتبارها مترابطة وتراكمية، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون لفقدان التعليم ـ أحد المجالات الأكثر تضررا من الجائحة ـ آثار أوسع حتى نهاية القرن، مما يؤدي إلى انخفاض الأرباح بما يصل إلى 17 تريليون دولار على مدى حياة جيل كامل من الطلاب وتفاقم المخاوف المتزايدة بشأن الصحة العقلية.
وأشارت الدراسة إلى خطورة الأثر الاقتصادي للجائحة، ففي عام 2020، ضاع أكثر من 8% من ساعات العمل، أي ما يعادل 255 مليون وظيفة بدوام كامل، وساهم هذا أيضا في أزمة الصحة العقلية، وكشفت دراسة حديثة، شملت 204 دول وأقاليم، عن تسبب الجائحة في 53.2 مليون حالة إضافية من اضطراب الاكتئاب الشديد و76.2 مليون حالة إضافية من اضطرابات القلق على مستوى العالم.
وسلطت الدراسة الضوء على الحاجة إلى مواجهة التحديات التي تشكلها المعلومات المضللة، وتعزيز أنظمة المشورة العلمية المتنوعة لزيادة الثقة في العلوم، وبالتالي حماية المجتمعات من المخاطر الصحية الحادة وانهيار التماسك الاجتماعي.
وشددت على ضرورة أن تعالج اعتبارات السياسة الوطنية والعالمية التفاوتات العالمية الآخذة في الاتساع ليس فقط في توزيع اللقاحات، ولكن أيضا فيما يتعلق بالحوكمة الشاملة، التعافي الاقتصادي، والفجوة الرقمية، والتعليمية.
وخلصت الدراسة إلى أن المسار المستقبلي للجائحة، وعواقبها التي تمتد إلى ما هو أبعد من قطاع الصحة، ستعتمد على القرارات السياسية التي يتم اتخاذها اليوم، والتي لديها القدرة إما على تقصير أو إطالة أمد الأزمة، والتخفيف من آثارها أو تفاقمها.