شاركت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، في جلسة نقاشية تحت عنوان "تحقيق تعافي اقتصادي عادل ومستدام"، وذلك ضمن فعاليات قمة Google Zeitgeist والتي تنظمها الشركة العالمية جوجل بالمملكة المتحدة، بمشاركة العديد من المسئولين الحكوميين وصناع القرار ورواد الأعمال والرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات من بينهم جوجل ويوتيوب ويونيبي وغيرهم، حول كيفية بناء مستقبل أفضل والمضي قدمًا في جهود التعافي، وشارك في الجلسة روجر فيرجسون، النائب السابق لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وأدارها الدكتورة ليندا يويه، أستاذة الاقتصاد بكلية لندن للأعمال.
وفي كلمتها أكدت الدكتورة رانيا المشاط، أهمية الابتكار والتكنولوجيات الجديدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ودور الشركات الناشئة ورواد الأعمال في تعزيز التوجه نحو تحقيق التنمية والتغلب على العوائق التي تحول دون ذلك، مشيرة إلى أن مصر تسعى للتحول إلى مركز إقليمي لاحتضان الشركات الناشئة ورواد الأعمال وتخطوا نحو ذلك من خلال إجراءات واضحة وقوية كان آخرها التوجيهات التي أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن تيسير تدشين الشركات الناشئة.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي، أن الوصول إلى التعافي الاقتصادي العادل والمستدام، يتطلب النظر إلى متطلبات الدول النامية والاقتصاديات الناشئة لتحقيق التنمية المستدامة، وحشد الجهود للتغلب على التحديات الاقتصادية القائمة من خلال التعاون متعدد الأطراف، وسد فجوات تمويل التنمية، والدفع نحو تحقيق التعافي الأخضر والشامل والمستدام.
وأشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى أن الأزمات العالمية المتتالية، والتي بدأت بجائحة كورونا وما تبعها من تأثيرات اقتصادية واجتماعية، ثم الأزمة الروسية الأوكرانية والتحديات التي تسببت فيها، وضعت عوائق جديدة أمام قدرة العالم على تحقيق التنمية المستدامة، والتعافي، لذا بات من الضروري إعادة النظر في الجهود العالمية لتحقيق التنمية المستدامة، ومحاولة تعزيز العمل المشترك بين الأطراف ذات الصلة من الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية والمجتمع المدني وكذلك المؤسسات غير الهادفة للربح، بهدف وضع خطط واضحة للحفاظ على مكتسبات التنمية، والمضي قدمًا نحو تحقيق أجندة 2030.
وأوضحت "المشاط"، أن شركات القطاع الخاص، وشركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل، عليها دور كبير في تعزيز جهود التنمية، من خلال نشر سياسات التحول الرقمي، وتعزيز التعاون الفني وتبادل الخبرات مع الدول النامية والاقتصاديات الناشئة.
وتطرقت وزيرة التعاون الدولي، إلى الوضع في مصر والجهود التي تقوم بها الحكومة للحفاظ على النمو الاقتصادي الشامل والمستدام وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تمكنها من مواجهة الصدمات، مشيرة إلى أن مصر نفذت برنامج إصلاح اقتصادي قوي في عام 2016 مكنها من تحقيق مؤشرات مالية قوية ورفع معدلات النمو ومواجهة التحديات الاقتصادية التي نتجت عن جائحة كورونا، ومع الأزمة الحالية تمضي الحكومة قدمًا في الإصلاحات الاقتصادية بالتعاون مع المؤسسات الدولية للحفاظ على ما تحقق من مكتسبات التنمية.
وأكدت "المشاط"، أنه في ظل الدور المحوري للقطاع الخاص وباعتباره عنصرًا رئيسيًا في تحقيق التنمية، أعلنت الحكومة إجراءات طموحة لزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، لتصل إلى 65% خلال السنوات المقبلة، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحفيز الشركات الناشئة .
وتطرقت إلى استضافة مصر مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27، وتعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص في مجال التحول الأخضر، وبدء تنفيذ استراتيجية واضحة للتوسع في قطاع الهيدروجين الأخضر، وأيضًا تنويع مصادر التمويل من خلال إصدار السندات الخضراء والسعي نحو تعزيز التمويل المبتكر، والتمويلات المختلطة، ما يرسخ الثقة الدولية في الاقتصاد المصري، مضيفة أن تحقيق التعافي الأخضر والمستدام، لن يتأتى إلا بإجراءات واضحة لتدعيم العمل المناخي وزيادة تمويل المشروعات الخضراء الصديقة للبيئة.
وقالت وزيرة التعاون الدولي، إن الحكومة تعمل على تطوير البنية التحتية الخضراء والذكية في مصر بهدف دفع التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزيز الاستثمار في رأس المال البشري، من خلال إجراءات على كل المستويات، والاستفادة من الشراكات الدولية مع شركاء التنمية بهدف تعزيز جهود مكافحة تغير المناخ والمساواة بين الجنسين وسد الفجوة الرقمية وتعزيز الاستثمارات الشاملة والمستدامة.
ونوهت إلى أن الدولة تنفذ استراتيجية الطاقة المستدامة 2035، التي ساهمت بالفعل في تنفيذ مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، تستهدف وزيادة مزيج الطاقة الجديدة والمتجددة إلى 42% بحلول عام 2035، كما بدأت الدولة في اتخاذ خطوات ملموسة للتوسع في إنتاج الهيدروجين بالتعاون مع العديد من المؤسسات، وفي ذات السياق فإن محفظة التعاون الإنمائي الجارية تضم 30 مشروعًا تدعم الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة: الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة، بقيمة 4.6 مليار دولار.
كما أشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى إجراءات تعزيز الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في مشروعات النقل، وتنفيذ مشروعات تنموية رائدة مثل مشروع ميناء أكتوبر الجاف، الأولى من نوعها في مصر بطاقة 720 حاوية يوميًا، مع إمكانية زيادة قدراتها إلى 250 ألف حاوية سنويًا، وتوفر 3500 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وتنفيذ التوسعات في خطوط مترو الأنفاق.
وانتقلت "المشاط"، للحديث حول جهود الدولة لتعزيز الأمن الغذائي وسلاسل القيمة المستدامة، لتعزيز استدامة قطاع الزراعة، وزيادة كفاءة سلاسل القيمة الزراعية، وزيادة الاستثمارات الذكية في قطاع الزراعة، بالإضافة إلى استراتيجية الدولة للمياه للفترة من 2017-2037، باستثمارات 900 مليار جنيه، لتعزيز إدارة الموارد المائية والاستفادة من الموارد المتاحة من خلال محطات تحلية المياه وزيادة كفاءة الموارد المائية.
وقالت إنه في ضوء التزام الحكومة بتقليل الفاقد من المياه وزيادة الاستثمارات في مجال تحلية مياه البحر، تعمل وزارة التعاون الدولي على تعزيز الشراكات بين القطاعين الحكومي والخاص من خلال الشراكات الدولية، والتمويلات التنموية الميسرة، وخلال عام 2021 أبرمت الوزارة اتفاقيات بقيمة 169 مليون دولار لقطاع المياه والصرف الصحي، ومن بين المشروعات المنفذة والممولة من شركاء التنمية محطة تحلية المياه بشرق بورسعيد بتكلفة 130 مليون دولار لتلبية الطلب المتزايد على مصادر المياه في مجالات الشرب والأنشطة الزراعية والصناعية، وتعمل الدولة على خطط لتوسيع قدرة المحطة لتصل إلى 150 ألف متر مكعب في اليوم لخدمة نحو مليون مواطن.
وذكرت "المشاط"، نماذج من المشروعات المنفذة حديثًا في إطار هذه الجهود من بينها منظومة الصرف الصحي ببحر البقر، بهدف توفير موارد مائية لاستصلاح نحو 460 ألف فدان، وكذلك محطة مياه الجبل الأصفر وغيرها من المشروعات، مشيرة إلى التجربة الرائدة لمصر في مجال التعاون الدولي والتمويل الإنمائي والمحفظة الضخمة التي تصل قيمتها إلى 26 مليار دولار، لتنفيذ 372 مشروعًا في مختلف مجالات التنمية.
ونوهت "المشاط"، بأن المشروعات المتفق عليها مع شركاء التنمية تتنوع في العديد من قطاعات التنمية لاسيما مجال التحول الأخضر، وتضم المحفظة الجارية 85 مشروعًا في مجال التكيف مع التغيرات المناخية والتخفيف من تداعياتها بقيمة 11.9 مليار دولار، بما يدعم جهود الدولة لتنفيذ الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة: العمل المناخي.
وأكدت وزيرة التعاون الدولي، أن الشراكات الدولية تلعب دورًا محوريًا في سد فجوة تمويل العمل المناخي، حيث قطعت الدول المتقدمة وعدًا بتقديم 100 مليار دولار لتمويل العمل المناخي ما بين 2020-2025، بينما ما تزال الاحتياجات التمويلية لاسيما للدول النامية والاقتصاديات الناشئة كبيرة، لافتة إلى أن هذه التحديات تعزز الحاجة إلى ضرورة وضع إطار للتمويل المبتكر لدعم جهود العمل المناخي وفي هذا الإطار تقوم الوزارة بالتنسيق مع الأطراف ذات الصلة في الحكومة ومؤسسات التمويل مُتعددة الأطراف والثنائية والقطاع الخاص لدفع العمل المناخي، من خلال وضع إطار للتمويل المبتكر وأدوات التمويل المختلط لتقليل مخاطر استثمار في المشروعات ذات الصلة.