قال الناقد الدكتور يسري عبد الله أن الثقافة المصرية هي ثقافة ولود بمعنى أنها لا تتوقف أبدا تستمر في التدفق وهو ما طرحه الكثير من الكتاب خلال أعمالهم الدرامية .
مستكملا أن مسلسل جزيرة غمام مسلسل ثري مليء بالتفاصيل والأحداث التي يمكن تناولها بأكثر من نظرية نقدية والتي تجسد في عدة مشاهد والتي تبدا من مشهد الوصية ودفتر الشيخ والذي يحيى على أسرار سكان الجزيرة والذي يوحي بنوع من القدسية الدينية.
وأشار إلى أن هناك مشهدا آخر هو مشهد دخول طرح البحر الي الجزيرة بقيادة خلدون وهو البطل الهد ويبدأ الصراع بينه وبين شخصية عرفات بما يمثل كل منها من دول وعناصر وتكوينات درامية ، وثمة مشاهد دالة تنبئ عن تضافر عناصر الدراما جميعها، مشهد النبوءة عن الزوبع التي لن ينجو منها إلا الطيبين في استعادة لمشهد الطوفان، والكهف الذي يشبه السفينة في حضن الجبل، ولعل مشهد الزوبع من العوامل التي تحيلك على تكنيك الصورة الدرامية الكلية حيث المؤثرات الصوتية المتداخلة مع حركة الكاميرا والتشتيت الذي طال المجموع، والحصن الذي آوى اليه عرفات ومن معه.
وتابع :" توظيف المخرج المبدع حسين المنباوي لحركة المجاميع ووعيه بالظلال النفسية على وجوه الشخوص، وفي مشهد الشيخ محارب مع زوجته وهو يخبرها انه بات يمثل شرع الله (انا شرع ربنا)، تماهي بعض رجال الدين مع مفهوم السلطة الدينية؛ ويعد مشهد لبس العمامة انفتاحا على تكنيك النص المصاحب الذي يماثل الإرشادات المسرحية في النص المسرحي. والمخرج هنا عبر تثبيت حركة الكاميرا لعب دورا مميزا.
أما الموسيقى منذ الاستهلال للمسلسل عبر التتر الدال لتناغم الموسيقى وتعبيرها الإيقاعي عن كلمات الشاعر إبراهيم عبدالفتاح، ومرورا بالموسيقى التصويرية المصاحبة لبعض المشاهد الدالة داخل المسلسل".
وتأتي دراما (جزيرة غمام) بعد سلسلة من الأعمال الدرامية المهمة للكاتب عبدالرحيم كمال، من بينها ( الرحايا حجر القلوب)، و(دهشة)، و(ونوس)، و(الخواجة عبدالقادر)، و(شيخ العرب همام)، و(القاهرة - كابول)، وغيرها.
وعبدالرحيم كمال له أيضا عدد من الأعمال السردية المتميزة من أهمها: (المجنونة " الرحلة إلى الدانمارك وبلاد أخرى" )، و(بواب الحانة )، و(أبناء حورة)، و( أنا وانت وجنة وشهد)، و( قصص بحجم القلب)، فضلا عن كتابين في الحكي الصوفي هما: ( ظل ممدود)، و( منطق الظل)، ومسرحية ( صاحب الوردة).
ويعد منتدى المستقبل للفكر والإبداع إحدى اهم الحلقات النقدية في الثقافة المصرية والعربية، وتعضيد الثقافة الوطنية.
ويطمح المنتدى كما جاء في بيانه التأسيسي"إلى أن يكون أعلى تمثيلات الموضوعية عبر إعادة الاعتبار لمفهوم القيمة من خلال تقديم النماذج الإبداعية المعبرة عن القيم الطليعية المتجددة".
