صدر حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب جديد بعنوان "الصورة والعلامة.. أثر التحولات الثقافية في الرواية العربية المعاصرة" للناقد الأدبي الدكتور محمد سليم شوشة.
في كتابه "الصورة والعلامة" يرصد سليم شوشة تطور البنية السردية في الرواية العربية المعاصرة، محللا مظاهر تنوعها ومستجداتها، وكاشفًا عما استحدثته العقلية المنتجة للخطابات الروائية، مع ربط هذه المستجدات والتطورات بأصلها الناتجة عنه والمتمثل في المتغيرات الاجتماعية والثقافية الطارئة، واختلاف الإنسان نفسه أو تطور بنيته الذهنية والمعرفية بما ينعكس بالضرورة على بنية الخطابات السردية التي ينتجها أو يستقبلها؛ وذلك وفقًا لمقدمة الكتاب.
يتحمس مؤلف "الصورة والعلامة" لبيان التحولات الحضارية الكبرى وأثرها في تغيرات مفاهيم الإنسان بالعالم من حوله وبذاته في نفس الوقت، وما لهذا من تأثير في كل شيء وصولا لوجود إنسان جديد يختلف بالكلية عن الإنسان الذي كان هنا قبل عشر سنوات، لذا يعتقد مؤلف الكتاب أنه "إذا كان الإنسان قد تغير فإن عملية التلقي كلها قابلة للخلخلة والاختلاف والتأثر بسمات هذا الإنسان الجديد وذهنيته".
وبدورها هذه التغيرات الثقافية والحضارية الواسعة التي تحدث عن أنماطها وأشكالها المؤلف في صدر كتابه، خلقت، وفقا لرأيه، "تغيرات واسعة لدى المتلقي أصبح الخطاب الروائي يتجاوب معها، وكذلك تغيرات واسعة لدى الذات الإنسانية المنتِجة للخطاب".
"الإنسان وعاء للتاريخ ومظهر للحضارة وصانع لها"؛ هكذا ينظر سليم شوشة للإنسان الذي تتماس معه الرواية بشكل عام، وبحسب "شوشة" فإن "الإنسان يمكن النظر إليه بوصفه تكوينا لغويا ونفسيا واجتماعيا وكائنا ينتج الخطابات ويستقبلها وهو ذو بنية ثقافية ومعرفية خاصة، وهذه البنية الشاملة للإنسان من اللغة والتكوين النفسي والاجتماعي تتسم بالديناميكية والتغير الدائم بحسب التحولات الكبرى التي تصيب الحضارة".
وأمام كل التحولات العصرية والثقافية، يعتقد سليم شوشة أن "السرد الروائي يتجاوب ويستجيب لبعض السمات الجديدة في طبائع الإنسان العصري، فهو يعمد إلى استثمار ثقافة الصورة ويلجأ للإيقاع السريع ويصبح في حال من المنافسة مع الخطابات الأخرى، فينافس السينما والدراما التلفزيونية وينافس كاميرا الموبايل التي أصبحت لدى كافة أفراد المجتمع تقريبا".
ويتابع، أن كل التغيرات شقَّت طريقها نحو مرآة السرد الروائي بالكيفية ذاتها التي تلتقط فيها المرآة صورة الذات أو الشيء الذي يقع في مجالها أو تأتي صورته أمامها. مرآة السرد والفن عموما في تقديرنا لا تختلف على الإطلاق في دقة التجاوب وسرعته مع تغيرات الإنسان وعكسها بأمانة ودون وعي في أكثر الأحوال، ومن هنا تجددت بعض الأسئلة والقضايا حول تقنيات الفن الروائي انشغل بها هذا الكتاب عبر فصوله وحاول أن يراقبها بدقة ويتصنّت على روح السرد الروائي ويرهف الحس والبصر ليتابع تغيراته ودفقاته الخفية التي تموج تحت سطح طبقات من الإنتاج الغزير منه.
يشار إلى أن محمد سليم شوشة، أستاذ الأدب العربي المساعد بكلية دار العلوم جامعة الفيوم، جمع بين الحس الإبداعي والنقدي الأكاديمي، وتمثل إنتاجه الإبداعي في حقل الرواية والقصة القصيرة، حيث أصدر: "ذات النقاب الزنجية- قصص"، و"نصف يوم- رواية"، و"شرود أبيض- رواية"، و"سور ثلجي في الصحراء- رواية"، و"سنوات التيه- رواية"، و"جزيرة القرد- رواية"، وفاز بعدد من الجوائز في الإبداع الروائي من المجلس الأعلى للثقافة ووزارة الثقافة المصرية ومؤسسة أخبار اليوم.
وظل لسنوات يكتب في النقد الأدبي من خلال عدد من المجلات المتخصصة والجرائد الثقافية المحلية والعربية، منها: فصول- العربي الكويتية- الفيصل السعودية- الثقافة الجديدة المصرية- أخبار الأدب- جريدة القاهرة- البيان الكويتية- نزوى العماني.