إفتتح مجلس كنائس الشرق الأوسط أعمال جمعيّته العامة الثانية عشرة اليوم الإثنين، تحت شعار "تشجّعوا! أنا هو. لا تخافوا!" (متّى 14: 27) وذلك في مركز لوغوس البابويّ في وادي النطرون بمصر بضيافة كريمة من قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة، على رأس الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة، وبدعم من الكنيسة الإنجيليّة في مصر، بحضور ممثّلين عن 21 كنيسة في الشرق الأوسط، حيث أكّدوا جميعًا على أهميّة التجدّد والتمسّك بالرّجاء وبإيماننا بيسوع المسيح لأنّ معه لا نخاف ولا نضطرب، مشدّدين على ضرورة التشبّث بمشرقنا وأرضنا المقدّسة، مهد المسيحيّة.
استهلّ اليوم الأوّل بصلاة افتتاحية مع العائلة الأرثوذكسيّة الشرقيّة في كنيسة التجلّي في المركز البابويّ. بعدها توجّه المشاركون على وقع ترانيم بحسب طقس الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة إلى قاعة المجمع المقدّس حيث افتُتحت الجمعيّة العامة بكلمة قداسة البابا تواضروس الثاني قال فيها "نستنكر يومًا بعد يوم الحروب والاضّطهادات والإرهاب، ونتساءل كمسيحيّين، الخصومات من أين تأتي؟ تلك الّتي تأتي من النفس البشريّة الطامعة، تلك الأطماع الّتي جعلتها تقع فرّيسة الطمع والحسد... نجد أنفسنا أمام مسؤوليّتنا وتجري في داخلنا أصوات ضمائرنا، ليكون أمامنا صوت الحقّ، ونقول للعالم أعدّوا طريق الربّ واصنعوا الطريق المستقيم، فالكنيسة هي حارسة الأخلاق ومذبح التعليم وغارسة الحياة الأفضل فلنتشجّع بكلمات الربّ لنعلن مواقفنا الثّابتة".
بعد انتهاء كلمة قداسته قدم الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط الدكتور ميشال عبس هدية شكر من المجلس لقداسته عبارة عن منحوتة من حجر لبنان ترمز إلى يدي البابا أيّ يد العطاء، يد الله حاملًا صليب الأقباط والصليب في حضانة أغصان الزيتون ينتهي بشعلة النور المقدّس.
يشارك في الجمعيّة العامة الّتي تستمرّ أعمالها حتّى يوم الجمعة 20 مايو 2022، رؤساء مجلس كنائس الشرق الأوسط، قداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرئيس الأعلى للكنيسة السريانيّة الأرثوذكسيّة في العالم ورئيس المجلس عن العائلة الأرثوذكسيّة الشرقيّة، البطريرك يوحنا العاشر، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس، رئيس المجلس عن العائلة الأرثوذكسيّة، البطريرك الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، رئيس المجلس عن العائلة الكاثوليكيّة، القسّ الدكتور حبيب بدر، رئيس الإتّحاد الإنجيلي الوطني في لبنان ورئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط عن العائلة الإنجيليّة.
كما يشارك في الحدث المسكونيّ هذا رؤساء الكنائس في الشرق الأوسط، قداسة الكاثوليكوس آرام الأوّل، كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا، قداسة البطريرك ثيودوروس الثاني، بابا وبطريرك الإسكندريّة وسائر أفريقيا للرّوم الأرثوذكس، البطريرك يوسف الأوّل عبسي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والإسكندريّة وأورشليم للرّوم الملكيّين الكاثوليك، الدكتور القسّ أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيليّة في مصر، البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، البطريرك إبراهيم إسحق سدراك، بطريرك الأقباط الكاثوليك، البطريرك رافايل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، بطريرك الكنيسة الأرمنيّة الكاثوليكيّة لبيت كيليكيا، القسّ الدكتور بول هايدوستيان، رئيس اتّحاد الكنائس الإنجيليّة الأرمنيّة في الشرق الأدنى، البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للّاتين، القسّ جوزف قصاب، أمين عام السينودس الانجيلي الوطني في سورية ولبنان ورئيس السينودس الأعلى للطائفة الإنجيليّة في سوريا ولبنان، المطران سامي فوزي شحاته، مطران محافظة الإسكندريّة الأسقفيّة، أسقف أبرشيّة مصر، والمطران سني ابراهيم شارلي عازار، رئيس الكنيسة الإنجيليّة اللّوثريّة في الأردن والأراضي المقدّسة.
كما يشارك عدد كبير من المطارنة على رأس وفود من كنائسهم، أعضاء اللّجنة التنفيذيّة لمجلس كنائس الشرق الأوسط، ضيوف، خبراء وشركاء المجلس من مختلف الكنائس والمنظّمات المسكونيّةفي دول العالم. كما ترأّس الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط د. ميشال عبس الأمناء العامين المشاركين للمجلس وفريق عمل الأمانة العامة.
بعدها كانت كلمات رؤساء مجلس كنائس الشرق الأوسط الّذين استنكروا كلّ الصّراعات والحروب والأزمات الّتي أثقلت كاهل المشرقيّين. البطريرك يوحنا العاشر قال: "يضمّنا تاريخ عريق، وتجمعنا الشّهادة بيسوع المسيح، تشديدنا اليوم أنّ ما يجمعنا كمسيحيّين هو أكثر ممّا يفرّقنا، واجتماعنا هذا يؤكّد أنّنا نريد أن نكون عائلة واحدة رغم رواسب التاريخ... دعوتنا أن ننظر إلى مزيد من التجدّد، دعوتنا أن نقارب وجودنا المسيحيّ من منطلق الدور والريادة وليس من منطلق العدد، وأشدّد أنّنا مسيحيّو هذا الشّرق باقون ومتجذّرون، كفانا إرهابًا وقتلًا، صلاتنا من أجل مجلس كنائس الشرق الأوسط ومصر وسائر البلدان".
أمّا قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني فأشار إلى "أنّ الخوف والقلق والهموم والمجاعات تسيطر على حياة أبنائنا وتجعلهم أمام درب صليب جديد، وأعطتنا دروسًا في الشّهادة المسيحيّة وهذه هي سمات الكنيسة في شرقنا كنيسة شهيدة ومتألّمة... نستنكر كل أنواع العنف والحرب، ونصلي من أجل إحلال السلام، وليس شعار هذا الاجتماع تشجعوا. انا هو. لا تخافوا سوى مؤشر لنكون شهودا للمسيح في الخدمة، المحبة، التضامن".
من جهّته، رأى البطريرك مار لويس روفائيل ساكو أنّنا "نحن الأحفاد علينا ألا نستسلم اليوم لليأس لأنّنا أبناء الرّجاء، وأتمنّى أن يخلص هذا الإجتماع بخارطة طريق تعزّز روح المسكونيّة، لأنّنا نشكّل فسيفساء جميلة بالتنوّع... يجب علينا الإرتقاء بالحوار المسيحيّ الإسلاميّ على قاعدة المواطنة، والعمل على الإلتزام الأخلاقيّ وتكريس مبادئ حقوق الإنسان ووضع استراتيجيّات تعمل من أجل تحقيق العدالة الإجتماعيّة وحفظ كرامة الإنسان".
بدوره قال حضرة القسّ حبيب بدر: "المسكونيّة هي من أهمّالحركات الموجودة في الكنيسة، وتجربتي علّمتني ما هو الصّبر المسكونيّ، وأؤكّد أنّ مجلس الكنائس لديه مستقبلًا زاهرًا وأثني على شعار اللّقاء لما يحمل من ثبات ورجاء وتجذّر".
كما ألقى الأمين العام لمجلس د. عبس كلمة قال فيها "تشجّعوا لا تخافوا إذ أنّكم مكوّنون من عناصر إنسانيّة وإيمانيّة عزّ نظيرها. ها أنتم بعد ألفي عام ما زلتم تشهدون على رسالة السيّد المتجسّد المتمرّد على تجّار الهيكل كما على الظّلم، ومؤسّساتكم تملأ مجتمعاتكم ثقافة وعلما وخدمة".
أضاف:" نحن لا نخاف لأنّه علمنا ألا نخاف، بسيرته ومسراه وتعاليمه، لم يسمح للخوف أن يتسربل إلى قلوبنا. في هذا الشرق الممزّق والمتألّم، ننظر إلى المستقبل بثقة وأمل. نحن أبناء الحياة لأنّنا أبناء القيامة، نحبّ الحياة ونسعى إلى تجويدها وجعلها أفضل، بفضل المعرفة والبحث العالميّ".
وتابع: "إنّنا نجتمع، رؤساء، ومندوبي كنائس ومعاونيهم، أتوا ليباركوا المسار وليؤكّدوا استمراريّة العمل المسكونيّ وهو على عتبة الخمسين".
تخلّل حفل الإفتتاح هذا الحدث المسكونيّ كلمات لعدد من بطاركة الشرق رؤساء وفود مجلس كنائس الشرق الأوسط ممثّلين مختلف العائلات الكنسيّة، إضافةً إلى تحيّات عبر الفيديو من بعض شركاء المجلس الدوليّين، ليختتم اليوم الأوّل بصلاة ختاميّة مع العائلة الأرثوذكسيّة الشرقيّة ترأسها قداسة البابا تواضروس.