الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

بورصة الحرام.. وقراءة في عقول المغفلين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لا تخلو قرية من قرى مصر من مجنون ومستريح، لا المجنون عقله يعود ولا المستريح يكف عن سرقة النقود والعقول.
ويبقى السؤال الأبدي دون إجابة: لماذا يحب الناس من يسرقهم؟.
حوادث كثيرة على مر التاريخ عن النصابين والمغفلين لكن بورصة الحرام تزداد أسهمها بعد كل واقعة وكأن الناس تتفنن في إيذاء نفسها.. لا عقل ولا منطق فيما يجري ولا تفسير له سوى أن الجشع ملأ القلوب، وحكمت لغة الفهلوة الألباب وبات شعار المرحلة "الأنتخة" فلا عجب إذا أن تكثر لصوص المال والأحلام.
ذات يوم قابلني عامل بسيط كان في يده لفافة ورق، قال لي إن فيها مبلغ ٢٠ ألف جنيه ادخرهم من عمله سيودعهم إلى أحد التجار ويحصل على فائدة عالية حاولت إقناعه بخطورة ما يفعل لكنه أصر، بعد أسابيع رأيته يهيل التراب على رأسه بعد وقوعه في شرك النصب، ولأن "بيته كان هيتخرب" ساعدناه وجمعنا له المال" لكن كانت المفاجأة أنه أخذ ما جمعناه وأدوعهم لدى لص آخر.
فكررت نفس السؤال لماذا الناس في بلادنا يحبون اللصوص.. يثقون في اللصوص.. يتخذون اللصوص قدوة؟
ثمة أمر خطأ في المال أو العقول أو أن هناك اعتقاد بأنه لا يغتني هنا غير اللصوص فآثر الناس المجازفة إذ أنه لا سبيل آخر للغنى سوى السرقة فلكم من شريف رأوه يركض خلف رغيف العيش فتسحقه الأقدام.
لكن كيف نغير المعادلة ونفتح سبلا أخرى للحلال؟ كيف نخلع الأحذية من الرؤوس ونقنع الناس أن مكانها الطبيعي في الأقدام.
قال لي أحد العابرين أن اللصوص ظهروا في بلادنا حينما تقاتل مشايخ المسجد على صناديق النذور وأفتوا بأكل الجيفة في الضرورة وميعوا تعريف تلك الضرورة.
وقال إن اللصوص حكموا حينما اغتنى الدجالين والعطارين وبائعي الكركمين وهاجر الأطباء.
وقال إن اللصوص تجرأوا حينما تمكنوا من تحريف اللغة فجعلوا الرشوة.. فهلوة، والتقاليد.. رجعية، والثقافة.. فكر قديم.

ضاعت القاعدة يا ولدي حينما اشتروا الشهادات والمناصب واشتروا الأراضي والعقارات والنفوس والأشياء.

حينما تشئ كل شئ وبات قابلا للتثمين وللبيع والشراء.
خلل في الكتالوج الرباني يا ولدي أحدثوه فباتوا يوزعون غنائم الآخرة على أهل الأرض قبل الحساب.

خلل في البنيان يا ولدي جعل الزيف يعلو والحق يتلاشى والباطل يتخايل والناس تنسى والإنسان حيوان.

ثم ماذا؟ 
ثم لا شئ يا ولدي بعد سرقة العقول، سنظل نتهاوى ونتهاوى؟.

إلى أين؟ 
إلى حيث استقرت قلوبنا في بئر مظلم عميق.

وماذا بعد؟
ستسقط العقول وتتهاوى حتى تصل إلى القلوب هناك في قاع الجحيم، وهناك ربما أعدنا التفكير، لا يعيد أحد التفكير وهو يسقط يا ولدي، لابد من إتمام السقوط على الدرج حتى نهايته، لا يمكنك انتشال نفسك من على درج السلم.

حينما تفقد كل شئ تفكر في كل شئ.
وحينها أيمكننا النهوض؟
يمكننا يا ولدي إذا لم يكن في القاع لصوص.